الأزمة تعود إلى ما قبل الإتفاق على سليمان
جلسة انتخاب الرئيس اللبناني في مهب الريح
انتخاب الرئيس اللبناني يتعرقل للمرة الثامنة |
إيلي الحاج من بيروت: تبدد التفاؤل بانتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان قريباً رئيساً للجمهورية اللبنانية بسبب عودة العقد إلى البروز، وهي في مجملها عقد شكلية تتعلق بوجوب مرور التعديل الدستوري في الحكومة التي يترأسها الرئيس فؤاد السنيورة والتي تعتبرها المعارضة غير شرعية وغير دستورية، في حين أن جوهر الخلاف يتركز على الحصص وتوزيع المواقع في السلطة الجديدة.
وعلمت quot;إيلافquot; أن المحيطين بالعماد سليمان ظلوا مطمئنين إلى ما بعد ظهر الإثنين إلى أن التعديل والإنتخاب سيحصلان في جلسة الثلاثاء التي حددها رئيس مجلس النواب نبيه بري ودعا النواب إليها بناء على وعد قطعه للمعنيين قبل نحو أسبوع بأن الإنتخاب حاصل حتماً الثلاثاء.
لكن ما طرأ أن الرئيس بري غاب فجأة عن السمع وبدأ القريبون منه وكذلك بعض أركان quot;حزب اللهquot; ونوابه يشيعون أجواء أن التعديل تعرقل وأنه يستوجب استقالة حكومة السنيورة ، الأمر الذي ترفضه الغالبية النيابية التي تدعمها باعتبار أنها لا تعود قادرة دستورياً إذا تحولت حكومة تصريف أعمال على إقرار تعديل دستوري.
وطرح القريبون من بري فكرة أن يقر التعديل من دون إحالته على الحكومة نظراً إلى الظروف الإستثنائية، وعلى قاعدة أن quot;البرلمان سيّد نفسهquot; ، لكن هذه الفكرة اصطدمت من جهة أولى باستحالة دستورية وثانية برفض الغالبية، وثالثة قد تكون الأهم بإصرار العماد سليمان على ألا يشوب التعديل وتالياً الإنتخاب عيب دستوري يتيح الطعن برئاسته لاحقاً.
ويعتصم قائد الجيش بصمت بليغ، بعدما أبلغ من يعنيهم الأمر أن يتصلوا به بعد توصلهم إلى اتفاق. موحياً أنه يحتفظ بموقفه الرافض لفرض أي شروط عليه، سواء في ما يتعلق بالتركيبة الحكومية التي يرى ضرورة تركها لمرحلة لاحقة بعد الإنتخاب، أو بالنسبة إلى التعيينات، خصوصاً في المواقع الأمنمية الحساسة في الدولة.
وحار الوسط السياسي اللبناني في تفسير أسباب موقف تحالف حركة quot;أملquot; ndash; quot;حزب اللهquot; الذي عاد إلى التشدد بعد إبداء كل مرونة وتسهيل لعملية التعديل والإنتخاب. وذهب بعضهم إلى القول بإيحاءات ورسائل خارجية وتحديداً من سورية ، في حين رد آخرون الموقف المتشدد إلى أن quot;حزب اللهquot; الذي أخفق في تطرية مواقف حليفه النائب الجنرال عون آثر عدم التخلي عنه، لأسباب سياسية أولاً لأن في قراءة الحزب أن قوى 14 آذار/ مارس لم تتراجع ما يكفي ويجب إجبارها على التخلي عن رئاسة الحكومة المقبلة والغالبية فيها، وثانياً لأسباب مبدئية أخلاقية باعتبار أن عون وقف بجانب الحزب في أحلك الظروف لا سيما خلال حرب صيف 2006 وما بعدها، مما دفع الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله إلى التأكيد في أحد خطبه الأخيرة أن الحزب سيظل مديناً لعون إلى يوم الدين.
ولا يبدو الجنرال عون حتى اليوم متقبلاً لفكرة أن يتولى العماد سليمان الرئاسة التي يعتبرها حقاً له ، ولذلك يضع على عهده العتيد شروطاً صعبة بل مستحيلة وتكفل تحويل قائد الجيش الحالي رئيساً للجمهورية بالإسم وليس بالفعل . فبعدما تردد أن بري تمكن بعد توسيط حليف عون الوزير السابق سليمان فرنجية من إسقاط الشرط الذي وضعه الجنرال لتقصير الولاية الرئاسية إلى سنة و7 أشهر فقط ، أي حتى إجراء الإنتخابات النيابية المقبلة، قيل إن عون طلب أن يكون قائد الجيش المقبل أحد القريبين منه وكذلك مدير المخابرات في الجيش وربما المدير العام للأمن العام ، كما أن حصة الرئيس الجديد في الحكومة يجب ألا تتجاوز 5 في المئة على أن تأخذ الموالاة الحالية 50 في المئة والمعارضة 45 في المئة ولا يقل عدد وزراء الكتلة التي يترأسها الجنرال عون عن نصف الوزراء المسيحيين أي 25 في المئة من مجمل الحكومة.
وفوق ذلك كله ينادي الجنرال عون ويؤيده في ذلك quot;حزب اللهquot; من دون أن يظهر الموقف الحقيقي لحركة quot;أملquot; بفرض استبعاد رئيس quot;تيار المستقيلquot; النائب سعد الحريري وأي عضو في تياره وكتلته النيابية عن تولي رئاسة الحكومة المقبلة ، وذلك على غرار استبعاد رئيس أكبر كتلة مسيحية في البرلمان ، أي الجنرال عون عن رئاسة الجمهورية. الأمر الذي ترفضه الغالبية النيابية بالطبع وتذكر بأن رئيس الحكومة يُسمى وفق الدستور بنتيجة إستشارات نيابية ملزمة يجريها رئيس الجمهورية.
ويخشى سياسيون في لبنان أن ينقلب الجنرال عون إلى خيارات ما قبل اتفاق الطائف الذي أنهى حرب لبنان عام ،1990 وذلك في حال قاطع العهد الجديد ورفع شعار أن حلفاءه قد خانوه وحالوا دون وصوله إلى رئاسة الجمهورية، علماً أنه لا يوفر في جلساته الرئيس نبيه بري في شكل خاص لأنه كان أول من رفع شعار quot;الرئيس التوافقيquot; وأول من نادى بلائحة مرشحين مقبولين للرئاسة يقدمها البطريرك الماروني نصرالله صفير. وهما موقفهما عدّهما الجنرال موجهين ضده.
ويقول هؤلاء : قد يكون مخطئاً من يعتقد أن الجمهور المسيحي في لبنان لن يتقبل إنقلاب الجنرال عون إلى موقع التطرف المسيحي ورفع شعارات كان يرفعها بشير في السبعينيات ومطلع الثمانينيات قبل ترشحه لرئاسة الجمهورية. وقد لوح عون فعلاً بهذا الخيار من خلال إعلانه ما سماها quot;ورقة الثوابت المسيحيةquot;.
في أي حال ، يجمع اللبنانيون على أن هذا الأسبوع هو أسبوع مفصلي في وصول العماد سليمان إلى القصر الرئاسي في بعبدا. فإذا مر هذا الأسبوع من دون حسم الإنتخاب ومن دون نقل التوافق الرئاسي من المستوى النظري الى المستوى العملي ليصبح واقعا دستوريا وسياسيا... فإن الملف الرئاسي سيكون مرشحا للتأجيل الى ما بعد الأعياد ومطلع العام المقبل، وإذذاك يصبح معرضا لخطر التبدد والضياع او على الأقل يكون العهد في انطلاقته معرضا لأن يفقد وهجه وزخمه وقوته.
وكان بوشر بناء على وعد الرئيس بري وضع صيغة تعديل الدستور من خلال عريضة يوقعها عشرة نواب من الأكثرية والمعارضة ، لكن العرقلة المفاجئة والناتجة من قرار ما غير واضح المصدر أوقف مسار هذه العملية الدستورية السياسية وبات الوضع مرشحا للعودة إلى حلقة الى الشروط والشروط المضادة وتقاذف التهم بالمسؤولية عن ال/أزق تماما كما كان عليه الوضع قبل الإتفاق المبدئي على ترئيس العماد سليمان.
التعليقات