نص على سجن الصحفي وفرض غرامات مالية وغلقا للصحف
صحفيون أكراد يرفضون قانون العمل الصحفي الجديد لكردستان

أسامة مهدي من لندن: رفضت منظمات وصحفيون أكراد قانون العمل الصحفي الجديد في إقليم كردستان وأكدوا أنه مخالف للدستور العراقي وقالوا أن تشريعه سجل دفن الحريات الصحفية من خلال فرضه عقوبات بالسجن والغرامة على الصحفيين وتعطيلا لصحفهم. وأكد مرصد الحريات الصحفية في العراق في بيان أرسلت نسخة منه الى quot;إيلافquot; اليوم رفضه إقرار مشروع قانون تنظيم العمل الصحفي في إقليم كردستان العراق بالصيغة التى أعلنها برلمان الإقليم الثلاثاء الماضي والذي سيطبق عند مصادقة رئاسة الإقليم عليه لاحقا. وأشار إلى أن أبرز النقاط التي يجد المرصد ضرورة إدانتها والعمل على عدم إقرارها بكل الوسائل المتاحة هي الفقرات التي تفرض قيودا قاسية على العمل الصحفي. وأشار إلى من هذه المواد المرفوضة فرض عقوبة الحبس على الصحفيين في إقليم كردستان وإدراج عقوبات أشد خطورة ضمن فقرات مشروع القانون منها غلق المؤسسة الإعلامية لمدة ستة أشهر وتعطيل الصحف ومنع توزيعها في الأسواق وفرض غرامات مالية باهظة على المؤسسات الإعلامية والصحفيين تصل إلى عشرين مليون دينارعراقي (حوالي 17 الف دولار). وأوضح أن العديد من فقرات المشروع تخالف الدستورالعراقي الجديد الذي نص على حرية النشر والتعمير وضمان حريتهما ومنع التجاوزعليهما.

وقال مستشار مرصد الحريات الصحفية القانوني ان مشروع العمل الصحفيهذا قد الزم روؤساء التحرير بعضوية نقابة صحفيي الاقليم وهذا بحد ذاته يعد خرقاً للفقرة (39) ثانياً من الدستور العراقي التي تنص على ان quot;لا يجوز اجبار احد ٍ على الانضمام الى اي حزب ٍ او جمعية ٍاو جهة ٍسياسية ٍاو اجباره على الاستمرار في العضوية فيها quot;. وقال المرصد ان رفضه القاطع لهذه الفقرات يرجع الى كونها تفرض قيودا على حرية الاعلام وترجع الصحافة الى العهود المظلمة السابقة والتي كانت تحجم عمل الصحفيين و حريتهم وتخضعهم لرقابة شديدة مع التهديد والوعيد.

وقد ابدى العديد من الصحفيين والمؤسسات الاعلامية داخل الاقليم تحفظا بالغا على فقرات القانون في نسخته الاصلية وقبل مناقشته في برلمان كردستان اما بعد اجراء التعديل عليه من قبل اللجنتين القانونية والثقافية في البرلمان فأنه قد لاقى استهجانا ورفضا واسعين. وكان اولئك الصحفيون وتلك المؤسسات قد رفعت نحو 21 نقطة للبرلمان من اجل مناقشتها وادراجها ضمن فقرات القانون لتتناسب والواقع الصحفي الذي يعيشونه لكن البرلمان تجاهل جميع تلك النقاط. واضاف المرصد انه كان من المفترض ضمن السياقات والقوانين الدولية ان يصار الى جمع صحفيي الاقليم في مؤتمر عام وقراءة فقرات القانون عليهم والاستماع الى ملاحظاتهم ومن ثم يصار الى تعديل القانون وطرحه للتصويت في مؤتمر عام اخر ثم بتتم بعد ذلك احالته الى البرلمان لاقراراه. ويقول عضو مرصد الحريات الصحفية في اقليم كردستان ان عدد البرلمانيين المعارضين لمشروع القانون لدى التصويت عليه الثلاثاء كان كثيراً لكن عدد المؤيدين لاقراره كان اكثر ومازلنا quot; نتلقى تأييدا من بعض البرلمانيين لرفضه quot;.

وقد اصدرت الصحف المستقلة في الاقليم ( هاولاتى ، ئاوينة ، روزنامة ) وعدد كبير من الصحفيين المستقلين بيان شجب للفقرات الجديدة التي اضيفت الى القانون من قبل البرلمان الكردستاني . وجاء في نص البيان ان quot;هكذا فقرات تهدد الصحف في كل عدد تصدره وتضع الصحفيين امام خطر المحاكمة والسجن والملاحقة القضائية quot;.
وابدى صحفيون و روؤساء تحرير رفضهم التام لهذا المشروع حيث قال ئاسوس هيردي رئيس تحرير صحيفة quot;ئاوينةquot; انه يخشى على الحريات الصحفية بسبب العديد من الفقرات التي جائت في التعديل الاخير الذي اجرى داخل برلمان الاقليم على مشروع قانون تنظيم العمل الصحفي. واضاف ان ائ حكم على الصحفيين ممكن ان quot;يشكل خطرا كبيرا quot; عليهم خاصة في ظل قانون مكافحة الارهاب المطبق في الاقليم وقال quot;نحن شهدنا دفن الحريات الصحفية quot; في يوم اقرار القانون. وشبه هيردي العديد من فقرات مشروع القانون بالـ quot; مطاطية quot; كونها لم توضح معنى ابقاء الصحافة في اطار العادات والتقاليد الاجتماعية وعدم السماح لها بنشر معلومات سرية تخل بالامن القومي للاقليم كما جاء في القانون .

ومن جهته وصف رئيس تحرير صحيفة quot;هاولاتىquot; عبد عارف اقرار مشروع العمل الصحفي الجديد هذا بانه quot; اجحاف كامل بحق الصحفيين quot;. وقال انه quot;لا يمكننا العودة الى الاساليب القديمة في التضيق على الحريات الصحفية بعد اكثر من 17 عاماً من الحريةquot;. واضاف quot;ان فقرات السجن والغرامات والمصادرة quot; تهدد الصحف في كل عدد تصدره وتضع الصحفيين امام خطر المحاكمة والملاحقة القضائية quot;. وشدد مرصد الحريات الصحفية على تضامنه التام مع صحفيي اقليم كردستان العراق في رفض مشروع قانون العمل الصحفي الجديد .. وطالب رئاسة الاقليم بعدم المصادقة عليه وان يصار الى ارجاعه الى البرلمان بعد الاطلاع على النقاط التي طلب صحفيي الاقليم تضمينها ضمن مشروع القانون. وقال انه بخلاف ذلك quot;فأننا نؤكد لرئاسة الاقليم بان مشروع القانون اذا ما صدر على النحو الذي هو عليه الان فأنه سيلاقي معارضة وانتقاداً واسعين من قبل المنظمات المدافعة عن الحريات الصحفية في العالم ككل لان العديد من فقراته تفرض قيودا كبيرة على عمل وحرية الصحفيين في الاقليمquot;.

واضافة الى هذه المواقف الرافضة فقد وجه نقيب الصحفيين في اقليم كردستان فرهاد عوني ومعه عشرون من رؤساء تحرير الصحف والمجلات ومديري ومندوبي عدد من القنوات الفضائية والارضية واساتذة كلية الاعلام بجامعة السليمانية ومديري عدد من المؤسسات الاعلامية الكردية مذكرة احتجاج الى مسعود بارزاني رئيس اقليم كردستان طالبوا فيها بوقف العمل بالقانون الجديد واصفين بعض بنوده بأنها تهديد صريح للحياة المدنية والنظام الديمقراطي وحرية الرأي والتعبير ومهنة الصحافة في الاقليم .

وعلمت quot;ايلافquot; ان القانون الجديد يتضمن اربعة فصول تضمنت 20 مادة . وتتعلق هذه الفصول ب: التعاريف ، شروط اصدار الصحف ، واجبات وحقوق الصحفي ،الاجراءات القانونية بحق الصحفي. وفي الاسباب الموجبة لاصدار هذا القانون يشير نصه الى انه quot;اصبحت للصحافة اهمية بالغة في مجتمعنا الكردستاني وهي تتمتع بآفاق واسعة من الحرية في ظل التجربة الديمقراطية في اقليم كردستان حيث تطورت الصحافة مما يتطلب تشريعاً خاصاً ينظم العمل الصحفي بشكل يواكب روح العصر وتطوراته واهمية الصحافة تتمثل في تمكين المواطن من الاطلاع على حقيقة الافكار والاحداث لما في ذلك من تأثير فعال ومباشر في تطوير وعيه القومي والوطني ورفع مستوى ثقافته وقدراته الذهنية والعقلية للتعبير عن آرائه بشكل مؤثر في الرأي العام .. ومن اجل تحقيق ذلك كان لا بد من تنظيم حرية الصحافة بشكل يضمن احترام حقوق الجميع في اطار القانون ومن هذا المنطلق فان حماية حقوق الصحفي والتزامه بواجباته المهنية كفيلان بالوصول الى الهدف الذي يصب في مصلحة المجتمع ولاننا نخطو نحو تحقيق المجتمع المدني الكردستاني فلا بد من اصدار هذا القانونquot;.

وفي تقرير عن اوضاع الصحافة في اقليم كردستان اشار مرصد الحريات في وقت سابق الى انه اذا كان الصحفيون العراقيون يعانون من التهديد والخطف والاغتيال والمضايقات اليومية فأن زملائهم في اقليم كردستان العراق وان كانوا يعيشون في مدن تتمتع باستقرار أمني ملحوظ و لا تشهد انفجار السيارات المفخخة والعبوات الناسفة الا انهم يعانون من القيود و الضغوط المتزايدة التي تمارسها السلطات المحلية ضدهم. فقد شهدت محاكم اقليم كردستان خلال السنتين الماضيتين الكثير من الدعاوي التي رفعها مسؤولون حكوميون وحزبيون ضد الصحف الأهلية ورؤساء تحريرها و ذلك لنشرها تقارير وكتابات تحتوي على انتقادات لسلوك وتصريحات ومواقف بعض هؤلاء المسؤولين. واضاف ان الصحفيين الاكراد يطمحون الى ان تصبح الصحافة السلطة الرابعة في اقليم كردستان لكن الكثير منهم يخشى ان تؤدي البنود المتناقضة في مشروع القانون الجديد الى خلق ثغرات قانونية تعرقل عمل الصحفي و تقيد حريته في كشف الأسرار واظهار الحقائق السياسية والاجتماعية والاقتصادية لاسيما وان كل انتقاد لأداء الوزارات وكشف مظاهر الفساد الاداري والمالي في الادارات الاقليمية قد يفسر بأنه تشهير ضد شخص المسؤول او تهديد للأمن القومي لاقليم كردستان.