دبي: يمارس المسيحيون المقيمون في دول الخليج شعائرهم في عيد الميلاد بحرية داخل المجمعات الكنسية، باستثناء السعودية التي ما زالت تحظر ممارسة اي دين غير الاسلام على ارضها.وامتلأت المراكز التجارية والفنادق في هذه الدول بزينة غير مسبوقة احتفالا بالعيد الاغلى على قلوب المسيحيين.

وعدد المسيحيين الذين يحملون جنسيات خليجية قليل جدا ويقدر بالمئات، الا ان هذه الدول التي يعيش فيها ملايين الاجانب تضم جاليات مسيحية كبرى تعد بمئات الالاف او حتى بالملايين، اهمها الآسيوية، تليها الاوروبية والاميركية ثم المسيحيون العرب.

وفي كنيسة القديس فرنسيس في منطقة جبل علي بجنوب دبي، تجمع مئات المسيحيين العرب، وخصوصا من اللبنانيين والسوريين والفلسطينيين، لحضور حفل موسيقي روحي ضخم اعده موسيقيون عرب مقيمون في الامارات، للمرة الاولى في هذه الكنيسة، ثاني الكنائس الكاثوليكية في الامارة.وتضم هذه الرعية الاف الشبان والشابات اللبنانيين الذين تضاعفت اعدادهم بشكل لافت بعد حرب تموز/يوليو 2006، ويسكن معظمهم في جبل علي ومناطق دبي الجديدة التي بنيت حول المناطق الحرة وخصوصا مدينة دبي للاعلام حيث يعمل عدد كبير من الوافدين الجدد.

وقالت المنشدة اللبنانية المنفردة جومانا راضي في اعقاب الحفل quot;نتمتع هنا بحرية نسبية، صحيح اننا لا نسمع صوت الاجراس يوم الاحد كما ان الشوارع ليست مزينة للميلاد، لكن هذا ليس مهما، المهم ان بامكاننا ان نحتفل بشعائرنا ونعيش حياتنا الروحية بسلامquot;.

الا ان جومانا راضي لاحظت التطور الكبير الذي طرأ في الامارات ودبي تحديدا لجهة مظاهر الزينة في عيد الميلاد. وعلقت quot;عندما قدمت الى هنا قبل خمس سنوات، لم تكن الاوضاع كما هي الآن وبالكاد كنا نرى زينة الميلاد. ولكن اعتبارا من السنة الماضية، بدأت زينة عيد الميلاد تشبه الى حد بعيد ما يمكن مشاهدته في العواصم الغربيةquot;.

وتمنت ان quot;يحظى المسيحيون العرب بكنائس خاصة بهمquot; لانهم لا يزالون ضمن الرعايا الكاثوليكية التي يشكل الاسيويون غالبيتها، لا سيما الهنود والفليبينيون، بينما يتبع الارثوذكس العرب رعايا يتقاسمونها مع اليونانيين والروس.

اما في ابو ظبي، فاقامت الكنيسة الانجيلية حفلا موسيقيا روحيا لفريق quot;الحياة الافضلquot; المصري الشهير جدا في الاوساط المسيحية العربية. واللافت ان الحفل نظم على مدى ثلاثة ايام على المسرح الوطني، الاضخم في الامارات والذي يتبع حكومة ابو ظبي.

ويظهر هذا الواقع ان السلطات الاماراتية باتت تتساهل مع المسيحيين في ما يتعلق بحرياتهم الدينية، ولو ان الموقف الرسمي يحصر اي نشاطات داخل مجمعات الكنائس.والكنائس كناية عن مجمعات مبان اسمنتية مقسمة بين الطوائف، ومبنية على اراض تبرعت بها الحكومة، وليس فيها اي علامات دينية ظاهرة للخارج.كما تشترط السلطات ان يقتصر نشاط الكنائس على المسيحيين فقط والا يتخذ اي طابع تبشيري.

الا ان الاقباط المصريين انشأوا في ابو ظبي كاتدرائية ضخمة يبدو جليا انها صرحا مسيحيا، ولو ان مهندسيها التزموا تقنيا عدم ابراز علامات مسيحية واضحة.وقد افتتح الكنيسة بابا الاقباط شنودة قبل اشهر، وبنيت بدعم شخصي من الرئيس المصري حسني مبارك بحسب مصادر من الرعية في العاصمة الاماراتية.

والحرية الدينية للمسيحيين متاحة ضمن الشروط نفسها في الكويت والبحرين وقطر وسلطنة عمان التي تضم كنائس للمسيحيين. كما باتت زينة الميلاد امرا معهودا في المراكز التجارية، وان بنسبة اقل بكثير من الامارات.

وتبقى السعودية في منأى عن اي مظاهر لعيد الميلاد، لان السلطات تحظر اي نشاط ديني غير اسلامي وتلاحق وتعتقل احيانا مخالفي هذه المبادىء الصارمة.لكن المحظور ينتهي على ما يبدو على عتبة المجتمعات الدبلوماسية المغلقة والمجمعات السكنية المخصصة للاجانب.

وقال دبلوماسي غربي مفضلا عدم كشف اسمه ان quot;بعض سفارات الدول المسيحية تنظم احتفالات خاصة بعيد الميلاد معظمها ذات طابع اجتماعي، الا ان بعضها له طابع روحي ايضا لا سيما في سفارات الدول المعروفة بتدين شعوبهاquot;.

واكد مسيحي لبناني اقام لسنوات في السعودية ان quot;بعض المسيحيين المتدينين انشأوا شبكات سرية خاصة بهم لممارسة شعائرهم الدينية في ما يعرف بالكنائس السرية +اندرغراوند تشرشز+، وخصوصا في عيد الميلادquot;.

وتشكل الحرية الدينية في السعودية موضوعا جديدا قديما تتناوله تقارير دولية لحقوق الانسان. كما ناقشها البابا بنديكتوس السادس عشر شخصيا مع العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز خلال زيارته للفاتيكان في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.

وعلى مستوى مظاهر العيد، سخرت هذه السنة في الامارات، وخصوصا في دبي، امكانات هائلة لتزيين مراكز التسوق الفخمة، وزينت اشجار ميلاد تجاوز طول بعضها عشرة امتار. الا ان الزينة خلت من اي تذكير بشخصيات مغارة الميلاد.ورغم ان هذه المظاهر تدر ارباحا ضخمة بفضل تحريكها العجلة الشرائية لدى سكان الامارات (80% منهم اجانب)، الا انها لا ترضي الجميع بسبب تزامن موسمي الاضحى والميلاد هذه السنة.

وعلى صفحتها الاولى، كتبت صحيفة quot;الامارات اليومquot; الاربعاء ان quot;مظاهر العيد (الاضحى) اقل بهجةquot; هذه السنة، حاملة على quot;التجار الذين يهتمون بمظاهر الاحتفالات الغربيةquot; في اشارة الى الميلاد.
واعتبرت ان هذه المظاهر قد تنتج quot;اجيالا لا تحتفل بالمناسبات الاسلامية ولا تهتم بهاquot;.