خلف خلف من رام الله: لم يكن مضى على انعقاد مؤتمر انابوليس سوى بضعة أيام فقط، حتى سارعت إسرائيل إلى الإعلان عن نيتها توسيع وبناء بعض المستوطنات في الضفة الغربية، وبخاصة في مدينة القدس، وهو ما أثار حالة من الاستياء لدى القيادة الفلسطينية وفريقها المفاوض، وجعلها في موقف محرج أمام الكثير من الفصائل والتنظيمات الفلسطينية مثل حركة حماس والجبهة الشعبية. ولكن القيادة الفلسطينية تدرك تماماً أن استمرار الاستيطان يعني إعدام إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية، وبخاصة أن معظم الاستيطان تجري في المناطق المحاذية للمدينة المقدسة، وهو ما دفع وزير الإعلام الفلسطيني د.رياض المالكي اليوم الاثنين للتأكيد على أن الرئيس محمود عباس سيؤكد في اجتماعه القريب مع رئيس الوزراء إيهود على وقف الاستيطان كشرط لإنجاح المفاوضات.

هذا فيما قالت النائب نجاة أبو بكر عضو المجلس التشريعي عن حركة فتح في بيان لها اليوم أن إسرائيل تجمع أموالها وجهودها من اجل تقويض المفاوضات عبر إطلاق حملات الاستيطان والاغتيالات. وأوضحت أبو بكر، أنه ومع إطلاق جولات المفاوضات تجد إسرائيل نفسها محرجة أمام عالم يدفع باتجاه إقامة الدوله الفلسطينية المستقلة وعاصمته القدس. وأشارت أبو بكر، إلى أن إسرائيل أمام هذا الاستحقاق تسعى جاهدة إلى فرض سياسة واقع يتناسب ومخططاتها وتتعارض مع كل القوى الداعمة للقضية عبر فرض أجندة جديدة.

ومن ناحيتها، اعتبرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في بيان لها اليوم أيضا أن quot;استمرار جولات التفاوض بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل في ظل تواصل وتنامي سياسة بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة على مرأى ومسمع من العالم أجمع، وفي ظل استمرار وتصعيد العدوان، وممارسة أعتى أشكال الإرهاب الصهيوني من حصار وتجويع واغتيالات في قطاع غزة الباسل والضفة الفلسطينية، يجعل من هذه المفاوضات غطاءً تستفيد منه إسرائيل لمواصلة سياستها العدوانيةquot;. على حد قولها.

وقالت الجبهة في بيانها: quot;إن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تطالب السلطة الفلسطينية بوقف هذه المفاوضات العبثية لوضع العالم والمجتمع الدولي أمام مسؤولياته إزاء ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من عدوان شامل ومتواصل يطال الأرض والإنسان.

في غضون ذلك، من المقرر أن يسافر بعد غد وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك إلى القاهرة حيث سيلتقي الرئيس حسني مبارك ورئيس المخابرات عمر سليمان، وبحسب كافة التقارير ستكون قضية الجندي جلعاد شاليت المحتجز في قطاع غزة احدى المسائل المركزية التي سيبحث فيها باراك، كما لا تستبعد العديد من التقارير أن يبحث الوزير الإسرائيلي في مسألة عقد صفقة مزدوجة بموجبها يعلن وقف النيران بين حماس وإسرائيل، ثم تعقد صفقة تبادل أسرى، يطلق خلالها المئات من الأسرى الفلسطينيين مقابل شاليت.

ونقلت صحيفة هآرتس اليوم عن مصادر أمنية عليمة بالاتصالات لتحرير شاليت قولها إن تحقيق تهدئة في القتال بين إسرائيل وحماس كفيل بتوفير أجواء أفضل في المحادثات على الصفقة أيضا. ولكن رغم ذلك، فلا يزال لا يوجد تقدم هام في الاتصالات في موضوع شاليت.

واجتمع إيهود أولمرت رئيس الوزراء الإسرائيلي اليوم الاثنين مع لجنة مخصصة لبحث إجراء تعديلات على معايير إطلاق سراح أسرى فلسطينيين تتهمهم تل أبيب بقتل إسرائيليين أو المشاركة في عمليات أدت لذلك، وتطلق عليهم عبارة quot;مع دم في الأيديquot;.

وفي سياق الهدنة بين إسرائيل وحماس التي يحتل موضوعها وسائل الإعلام العبرية من بضع أيام، يتضح من المداولات التي أجريت في الآونة الأخيرة في جهاز الأمن الإسرائيلي، أن مسؤولين كبار في الجيش الإسرائيلي أعربوا عن معارضتهم لفكرة quot;التهدئةquot; بدعوى أن المهلة ستسمح لحماس بالتعاظم.

هذا في وقت يجمع بعض القادة العسكريين في إسرائيل على أن تصريحات حماس حول ا لتهدئة تعتبر دليلاً على حجم المأزق الذي تعيشه الحركة، ودليلاً على نجاح الضغط الاقتصادي والعسكري من جانب إسرائيل. وبرأي جزء من المحافل الأمنية الإسرائيلية، فان العامل الأهم هو بالذات الضغط الاقتصادي.

وتقف إسرائيل عاجزة أمام الصواريخ التي تطلق من قطاع غزة، وتعهد وزير الدفاع الإسرائيلي قبل أربعة أيام بتحويل 320 مليون شيكل لتحصين البيوت في منطقة سديروت، التي تعاني من ضربات القسام.

ولكن بعض السكان قاموا بتوجيه الانتقادات لباراك، حيث قال أحدهم: quot;ما الذي قمت به خلال خمسة أشهر عار عليكquot;، وحاول باراك التخفيف من حدة الانتقادات التي توجه إليه، وقال أثناء تنظيمه لزيارة لأحد البيوت التي تضررت بالقسام: quot;سوف نجد الحل في موضوع القسام، أما الآن فيجب أن نشد على أيدي بعضنا بعضاquot;.

بينما يرى العديد من المراقبين أنه ليس بيد باراك الآن سوى الحديث والتخفيف من حدة الانتقادات، ويعمل باراك على دفع نظام حماية من القذائف يطلق عليه أسم quot;القبة الحديديةquot;، يتوقع أن يكون قادراً على إسقاط صواريخ القسام والكاتيوشات، وهو ما سيغير الوضع بحسب مصادر إسرائيلية رأسا على عقب، ولكن مثل هذا النظام لن يتحقق خلال العامين والنصف القادمين، وبهذه الأثناء يجمع القادة العسكريون في إسرائيل على ضرورة أن يكون هناك مزيد من التخصينات والعمليات العسكرية في قطاع غزة لتخفيف حجم إطلاق الصواريخ.