اعتدال سلامه من برلين: مع انضمام ثمانية بلدان جديدة الى نادي الاتحادي الاوروبي وفتح الحدود معها قبل ايام قليلة ضمن معاهدة شنغن عادت النقاشات مجددا حول عضوة تركيا فيه.والنقاشات لا تتعلق فقط بوضع جدول لتقييم ما آلت اليه جهودها في دمقرطة مؤسساتها فقط. اذ تزداد الاصوات المعارضة لانضمامها حتى في صفوف سياسيي الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي يعتبر نفسه حزبا علمانيا وبعيدا عن كل التاثيرات الدينية . حتى ان البعض منهم بدأ يميل الى فكرة يعتمدها سياسيون من الاحزاب الاخرى كالحزب المسيحي الديمقراطي بان تركيا دولة لا صلة لها باوربا دينيا وحضاريا، وعليه لا مكان لها في الاتحاد الاوروبي، ونسب ذلك إلى حكومة هلموت كول المستشار الألماني السابق المحافظ في التسعينيات .

وهذا يؤكد بان حكومة الائتلاف الحاكم المشكلة من الاتحاد الوطني ( المسيحي الديمقراطي والمسيحي البافاري ) لا تختلف كثيرا عن سابقاتها فهي غيرت الكلمات في نفس الجملة كي تبعد عنها خلفيتها الدينية بهدف الحيلولة دون التحاق انقرا بالركب الاوروبي. وعلى الرغم من علمانيته فالكل يتذكر اول زيارة للمستشار الاشتراكي السابق غرهادر شرودر الى تركيا عام 2002 ، اذ اصر على زيارة مقر بطريرك الطائفة الارثوذكسية باسطمبول برتلوميوس الأول وتحدث عن وضع المسيحيين في تركيا وعددهم قليلا جدا في تركيا مع رئيس الوزراء رضوان اردوغان. ومن اجل زيادة عرقلة العضوية شهد هذا العام ايضا كما العام المنصرم في الصحفي الالمانية حملة شديدة ضد تركيا تذكرها بمجازرها ضد الأرمن ووجوب الاعتراف بها وعقدت جلسة خاصة للبرلمان الاتحادي طالب انقرا باعادة الاعتبار الى مليون شهيد ارمني.

وتواصل المانيا كما بلدان الاتحاد الاوروبي اصرارها على منح أنقرا حرية لكل الطوائف لديها منها الطائفة الاورثوذكسية. وبشكل غير مباشر ربطت المستشارة الحالية انجيلا ماركل اجراء الاتحاد الأوروبي المرحلة الثانية من المحادثات مع حكومة اودوغان العام المقبل بمدى تجاوبها في هذا المسألة اضافة الى مسائل اخرى لا تقل اهمية.

لكن برزت في الاونة الاخيرة فئة من السياسيين الالمان تتفادى تحليل ما حققته تركيا في سبيل العضوية بل تذكر بشروط العضوية في النادي الاوروبي، خاصة المادة 237 من معاهدة المجموعة ا لاقتصادية الاوروبية التي تقول بان الشرط الاهم ان تكون الدولة الراغبة بالانتسابquot; أوروبيةquot; جغرافيا وحضاريا وتاريخيا، وهنا لم يذكر الدين. لهذا استخدم مجلس اوربا عبارة quot; الهوية الأوروبيةquot;.
وبالاضافة الى هذا الشرط المدون كتابة هناك شروط غير مدونة، منها ان على الدولة الراغبة بالانضمام ان تثبت وجود نظام تعددي وديمقراطي وتحترم حقوق الانسان. وعلى الدولة المتقدمة بطلب انتساب ان تكون مستعدة لقبول السلطة الجماعية بكامل اوجهها وتبني اهداف الاتحاد الاوربي وتكريس الألولية لسياسته الخارجية والامنية. وهنا ياتي عامل مهم الا وهو العامل الحضاري المشترك الذي يجب توفيره بالمفهوم العام في اطار الاندماج السياسي.

وتعود المعاهدة لتذكر بان الهوية الاوروبية لا تنبع من اية حدود اثنية او دينية بل من القيم وحدها، ومن هذا المضمون فان من حق كل دولة في الخارطة الأوروبية ان تصبح عضوا طالما انها اعتمدت اساس الديمقرطية وحقوق الانسان ودولة القانون.

الا ان ذلك فتح ثغرة لم يحسب لها حساب، اذ حذرت شخصيات سياسية المانية في هذا الصدد ومن دون ذكر أي بلد من الانعكاسات السلبية نتيجة انضمام دول ضعيفة غير متجانسة داخلية مع اقلياتها العرقية والاثنية وهذا ينطبق على بلدان مثل سلوفكيا وبلغاريا. ايضا ان تكون الدولة المتقدمة للعضوية لها حضارة اوروبية صرفة وليست على هامش الحضارة الاوروبية وهذا لا ينطبق مثلا على اوكرانيا التي تسعى لركوب القطار الاوربي وتلاقي تشجيعا اوروبيا.