البصرة (العراق): رحب اهالي مدينة البصرة في جنوب العراق ببدء انسحاب القوات البريطانية الذي اعلنه رئيس الوزراء البريطاني توني بلير اليوم الاربعاء.ومنذ غزو العراق عام 2003 تتمركز القوات البريطانية في البصرة اكبر ميناء في البلاد وثاني اكبر المدن فيها.ولم تواجه القوات البريطانية عنفا طائفيا مماثلا لذلك الذي تحاول القوات الاميركية احتواءه منذ عدة اشهر في بغداد فالمدينة غالبية قاطنيها من الشيعة والاقلية السنية بها لا تشكل خطرا.ولكن القوات البريطانية، البالغ قوامها 7100 جندي اشتبكت رغم ذلك مع ميليشيات سياسية وقبلية وتتعرض قواعدها بشكل شبه يومي لهجمات بقذائف الهاون.وقتل 130 جنديا بريطانيا في العراق خلال السنوات الاربع الماضية.

ويقول ضباط بريطانيون ان الخطة تقضي بالانسحاب من ثلاث قواعد داخل البصرة ومن قاعدة لوجستية في الشعيبة خارج المدينة على ان يتم تجميع القوات بعد ذلك في مقر قيادتها الرئيسي في مطار البصرة.وفي لندن، اعلن بلير ان بريطانيا ستسحب 1600 من جنودها خلال الشهور المقبلة من العراق. وقال quot;الفصل المقبل في حياة البصرة سيكتبه العراقيون بانفسهمquot;.واكد انه اصبح من الممكن بدء سحب القوات البريطانية بسبب نقل مزيد من المسؤوليات الامنية للعراقيين.

واعلنت الدنمارك اليوم الاربعاء انها ستسحب كذلك وحدتها العسكرية المتمركزة شمال البصرة والموضوعة تحت قيادة القوات البريطانية.واكد سامي العسكري مستشار رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي quot;نحن نتمنى ان يصل الوضع الامني للقوات العراقية الى ما نطمح له لكي تاخذ بيدها زمام الامورquot;. وتابع ان انسحاب القوات البريطانية quot;هي رغبة الحكومة وكل القوى السياسيةquot;.

وقال النائب جلال الدين الصغير وهو قيادي بارز في المجلس الاعلى للثورة الاسلامية (الذي يتزعمه عبد العزيز الحكيم) ان انسحاب القوات البريطانية quot;مرحب به وهو انسحاب مطلوبquot;.ولكنه اضاف ان انسحاب كل القوات الاجنبية من العراق quot;يجب ان يقترن ببناء المنظومة العراقية الامنيةquot;.واكد انه quot;يشترط الا يولد انسحاب القوات الاجنبية فراغات امنية وان يكون متناسقا مع بناء القوات الامنية العراقيةquot;.كما اكد quot;نحن لا نقبل ان ينسحبوا (القوات الاجنبية) بدون توفير البديل الامنيquot;، مطالبا بوضع جدول زمني لبناء القوات العراقية وعندها لا يكون هناك مبرر لوجود القوات الاجنبيةquot;.

وصرح رئيس لجنة الامن في مجلس محافظة البصرة حكيم المياحي الذي اتسمت علاقته بالبريطانيين ببعض التوتر quot;اننا نرحب باي انسحاب للقوات البريطانية من داخل المدينةquot;.وقال مراسل زار الشهر الماضي قواعد القوات البريطانية داخل البصرة ومطار المدينة انها تتعرض لهجمات شبه يومية بقذائف الهاون من قبل ميليشيات عراقية.

ويعتقد القادة البريطانيون في البصرة ان القوات العراقية حققت تقدما كبيرا وانها ستكون قريبا قادرة على تولي الامن مع حد ادنى من المساندة من قوات التحالف.واعلن قائد القوات البريطانية الميجور جنرال جوناثان شو الثلاثاء ان الفرقة العاشرة التابعة للجيش العراقي المتمركزة في البصرة ستتلقى من الان فصاعدا اوامرها من القيادة العامة للجيش العراقي وليس من قيادة القوات البريطانية، واضاف شو quot;اليوم نشهد خطوة هامة على طريق اعتماد القوات العراقية على نفسهاquot;.

ولم يكن تدريب القوات العراقية مهمة سهلة للقوات البريطانية التي وقعت اشتباكات بينها وبين عناصر متشددة من شرطة البصرة.يذكر ان القوات البريطانية دمرت في كانون الاول/ديسمبر الماضي مقر وحدة الجرائم الكبرى التابعة للشرطة العراقية في البصرة واتهموا قائدها بالتورط في جرائم ارتكبت في المدينة.

وبدا ان الشعور العام اليوم في البصرة هو انه حان الوقت لانسحاب البريطانيين.وكان مئات من اهالي المدينة نظموا اعتصاما امام القنصلية البريطانية الاثنين الماضي للمطالبة باطلاق سراح ذويهم المعتقلين.وقال علي عبد الله وهو شاب في السابعة والعشرين يعمل في شركة كهرباء البصرة quot;اننا نتمنى ان تغادر القوات البريطانية في اسرع وقت ممكن فالامن مستتب بفضل الشرطة والجيش العراقيينquot;.

واعتبر مثنى احسان وهو طالب في كلية الحقوق (20 سنة) ان quot;القوات العراقية في البصرة جاهزة وقادرة على تحقيق الامن وكل اهالي البصرة يتمنون رحيل البريطانيين دفعة واحدة وليس تدريجياquot;.واكد رزاق ناصر (58 سنة) الذي يعمل في شركة النفط بشكل قاطع quot;لسنا بحاجة اليهم .. القوات البريطانية في البصرة تشكل مشكلة كبيرة لقوات الامن العراقية وللناسquot;.

وكان مواطنون عراقيون هاجموا القاعدة البريطانية في مدينة العمارة بمحافظة المثنى (شمال البصرة) بعد انسحاب القوات البريطانية منها الصيف الماضي كما نظمت ميليشيا جيش المهدي الشيعية عرضا عسكريا احتفالا برحيلها.
ويامل القادة البريطانيون ان يتم الانسحاب من البصرة بشكل اهدأ.