أحمد نجيم من الدار البيضاء:

لم تكن يقظة الأمن المغربي ولا أجهزة الاستخبارات وراء تجنب المغرب عملية إرهابية واسعة في العاصمة الاقتصادية للمغرب الدار البيضاء، فقد أوقف هذا العمل الإرهابي المخطط له مواطنون مغاربة. قاوموا الإرهاب والإرهابيين. كان أول المواجهين للإرهاب هو الشاب المغربي محمد الفايز. يرقد هذا الشاب البالغ من العمر 27 سنة حاليا في مستشفى محمد الخامس في الحي المحمدي في الدار البيضاء، محاطًا بحراسة أمنية مشددة. طلبت أجهزة الأمن أن لا يكشف عن صورته مخافة انتقام إرهابيين من عمله البطولي في منع هجوم إرهابي على مواقع استراتيجية. صحف مغربية تحدثت عن أن المقر المركزي للأمن في الدار البيضاء quot;ولاية الأمنquot; كانت مستهدفة بهذا العمل الإرهابي.

كيف استطاع هذا الشاب أن يقف ضد الإرهاب؟

خلال ليلة الأحد المنصرم في حي سيدي مومن في الدار البيضاء ولج شابان بثياب عادية لا تثير الشبهة أو تكشف عن انتماء إلى جماعة معينة. طلب الشابان من صاحب مقهى الإنترنت محمد الفايز أي جهازا كي يرتبطا به. منحهما الجهاز، لكنه لاحظ أن الشابين مرتبكان، إذ ضربا quot;الكلافييquot; بقوة، فتدخل محمد محاولا فهم غضبهما، اعتقد الشاب أن هناك مشكلة في الجهاز، فمنحهما جهازا آخر في مكان بعيد عن الأنظار، عاود الشابان تصرفهما ثانية، شك في هذين الشخصين، واكتشف أنهما يحاولان دخول موقع مشفر، شب خلاف بين مالك مقهى الانترنت والشابين، وزاد شكه في تصرفاتهما. فطلب منهما المغادرة لكنهما رفضا، وما إن نطق كلمة الأمن، إذ هددهما بالمناداة على الشرطة، حتى تغير تصرفهما، طلبا منهبل ترجياه أن لا يفعل. آنذاك زاد شكه في هذين الشابين، اعتقد في الأول أنهما يتاجران في المخدرات أو العقاقير المهلوسة. أصر على طلب الأمن رغم أن أحدهما ركع أمام رجليه راجيا مستجديًا. حاول شباب آخرون تهدئة النزاع الذي بدا عاديا ومألوفا. بنية الشاب القوية جعلته يصر على كشف هوية الشخصين، لذا أنزل الباب الحديدي للمحل، بعد ثوان سمع دوي انفجار، فقد على أثره الوعي، ليكتشف بعد ساعات أن الشابين هما الانتحاريان عبد الفتاح الرايدي، الذي فجر نفسه ويوسف خدري الذي حاول الهرب. كان يرقد خلال تلك اللحظة في مستشفى محمد الخامس محاطا برجال الأمن.

هذا الشاب المغربي مواطن عادي مثل جميع الشباب. لم ينه دراسته، غادر الدراسة في السنة الثانية ثانوي، كان يدرس علوما رياضية، وكان ذكيا، حسب أصدقائه ومعارفه.هاجر محمد إلى إيطاليا سنة 1999، بعد أربع سنوات من العمل عاد الشاب إلى المغرب، عاد إلى حيه ليفكر في مشروع quot;مقهى للإنترنتquot;. جرب حظه في الزواج، لكن التجربة لم تنجح، فخرج منها بطفل صغير. معروف باستقامته وحبه للحياة. يتحدث اللغتين الفرنسية والإيطالية بطلاقة.

لم يكن الشاب محمد الفايز وحده المغربي الذي قاوم الإرهاب، خلال الليلة نفسها، ألقى السكان القبض على يوسف خدري، الانتحاري الثاني الذي فر، فلحقه المواطنون وقبل بلوغه حي مولاي رشيد ألقي عليه القبض.

استطاع المغاربة أن يحبطوا أكبر عملية إرهابية يشهدها المغرب منذ 16 مايو 2003، في رسالة واضحة إلى الإرهابيين الذين يفكرون في عمليات مشابهة، فعندما تحضر رغبة المواطن في صد الإرهاب يستطيع المجتمع أن يصبح في منأى عنه، وتفشل طروحات الإرهابيين حول تغيير المجتمع ومحاربة الحكام الطغاة.