صدور الأحكام في قضية الأنفال الشهر المقبل
توقعات بطلب الإدعاء اليوم الإعدام للمتهمين الستة
أسامة مهدي من لندن : تستمع المحكمة الجنائية العراقية العليا في بغداد بجلستها الثانية والخمسين اليوم إلى مطالعة الإدعاء العام في قضية الأنفال المتهم فيها ستة من كبار القادة العسكريين السابقين، حيث يتوقع أن يطلب الإعدام لهم وتجريمهم بإرتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية في القضية المتهم فيها النظام العراقي السابق بإبادة حوالى 180 ألف مواطن كردي، وترحيل عشرات الآلاف من الآخرين وتدمير ثلاثة آلاف من قراهم خلال عامي 1987 و1988 .وأبلغ مصدر مقرب من المحكمة quot;إيلافquot; أن جلسة اليوم ستخصص للإستماع إلى مطالعة هيئة الإدعاء العام التي سيقدمها منقذ آل فرعون رئيسها في هذه القضية. وتوقع أن يوجه الإدعاء تهم إرتكاب جرائم حرب وأبادة جماعية للمتهمين الستة من خلال إستخدام أسلحة كيمياوية وغازات سامة وترحيل آلاف الاكراد وإعتقالهم وتدمير قراهم وإحراقها، وهي جرائم عقوبتها الإعدام . وأشار المصدر إلى أن المحكمة ستستمع بعدها في جلسات مقبلة إلى مطالعات محامي المتهمين ثم تؤجل جلساتها إلى حين إصدار الأحكام في القضية والتي توقع لها الشهر المقبل .
وكانت المحكمة قد إنتهت الأسبوع الماضي من الإستماع إلى مطالعة محامي الضحايا التي ألقاها المحامي مصطفى العسكري وطالب فيها إعدام المتهمين الستة حيث أشار إلى مشاركتهم للرئيس السابق صدام حسين بتنفيذ عمليات إبادة جماعية منظمة للأكراد وإستخدام الأسلحة الكيمياوية والغازات السامة ضدهم، ممّا أدى إلى مقتل عشرات الآلاف منهم وتشريد مئات آلاف آخرين، عارضًا وثائق صادرة من رئاسة الجمهورية السابقة تؤيد ذلك. ودعا العسكري
إلى إدانة المتهمين بإرتكاب جرائم منهجية ومتعمدة ضد الإنسانية وإرتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية أيضًا ومصادرة أموالهم المنقولة وغير المنقولة. كما طالب بتعويض ضحايا الأنفال كما قامت ألمانيا بتعويض يهود مذابح الهولوكوست خلال الحرب العالمية مؤكدًا أن عمليات الأنفال إستهدفت ترك أرض كردستان جرداء من دون حياة .
واستعرض المحامي العسكري في مطالعة مطولة إستغرق إلقاؤها أكثر من ست ساعات تاريخ الحركة الكردية ونضالها من أجل الإستقلال للأكراد وأقامتهم لدولتهم منذ عام 1919 وحتى عمليات الأنفال عام 1988 مرورًا بتنفيذ عمليات عسكرية منظمة ضد الأكراد من قبل الحكومات التي تعاقبت على النظام في العراق. ووجه الإتهام بشكل خاص في تنفيذ عمليات الأنفال وقتل الأكراد جماعيًا بالأسلحة الكيمياوية إلى المتهمين علي حسن المجيد وصابر الدوري... كما إتهم الآخرين بالمساعدة على تنفيذ العمليات .
وكان قاضي المحكمة محمد الخليفة العريبي قد تلا في جلسة سابقة التهم ضد المتهمين الستة واحدًا بعد الآخر، وهي تتعلق بإرتكاب جرائم حرب وأخرى ضد الإنسانية وثالثة بالإبادة الجماعية وعقوبة كل واحدة منها الإعدام... لكن جميع المتهمين دافعوا بأنهم أبرياء .
المتهم الرئيس في القضية بعد إعدام صدام حسين
ويعتبر المتهم الرئيس في القضية حاليًا علي حسن المجيد بعد تنفيذ حكم الإعدام بحق الرئيس العراقي السابق صدام حسين الذي كان يعتبر المتهم الرئيس فيها حيث تؤكد العديد من الوثائق أنه وراء الأوامر التي صدرت بقصف القرى الكردية بالأسلحة الكيمياوية. وعرض الإدعاء خلال الأسابيع الثلاثة الماضية حوالى 60 وثيقة صادرة عن مديرية الإستخبارات العسكريةوإدارة الحكم الذاتي ومديرية الأمن صيف عام 1987 تدعو قوات الجيش إلى تنفيذ الإعدام بأي شخص يدخل مناطق تم حظر الدخول إليها ممن تتراوح أعمارهم بين 15 و70 عامًا من دون محاكمة، ولكن بعد التحقيق معهم لإستحصال على معلومات منهم وإستخدام الطائرات لضرب من يدخل هذه المناطق أيضًا .
وقد تم إسقاط التهم عن صدام حسين المتهم الرئيس في القضية بعد إعدامه عقب أربعة أيام من مصادقة هيئة التمييز العراقية على قرار محكمة الدجيل التي أدانته وعدد من مساعديه في الخامس من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بالمسؤولية عن مقتل 148 مواطنًا من أبناء تلك البلدة الواقعة شمال بغداد عقب محاولة جرت لإغتياله هناك عام 1982 خلال الحرب العراقية الإيرانية. واستمعت المحكمة منذ بدء جلساتها في الحادي والعشرين من آب (أغسطس) الماضي إلى حوالى 100 مشتكٍ وشاهدٍ وخبيرٍ أجنبي، كما عرض عليها حوالى 60 وثيقة رسمية حيث يوجد هناك 1270 شاهدًا ومشتكيًا لكنها إكتفت بهؤلاء موضحة أنه في قضايا جرائم الإبادة الجماعية يكون هناك عادة عدد ضخم من الشهود والمشتكين مما يتعذر الإستماع إليهم جميعهم.
المتهمون في قضية الأنفال
والمتهمون الستة الآخرون إضافة إلى صدام حسين الذي أسقطت عنه التهم إثر تنفيذ حكم الإعدام بحقه في الثلاثين من كانون الأول (ديسمبر) الماضي هم علي حسن المجيد الملقب بعلي كيمياوي وكان مسؤولاً عن المنطقة الشمالية وسلطان هاشم احمد وزير الدفاع السابق وصابر عبد العزيز الدوري رئيس المخابرات العسكرية وحسين رشيد التكريتي رئيس هيئة الأركان للجيش العراقي السابق وطاهر توفيق العاني العضو القيادي في حزب البعث المنحل والسكرتير العام للجنة الشمال وفرحان مطلك الجبوري الذي كان يشغل منصب مسؤول الإستخبارات العسكرية للمنطقة الشرقية .
ويواجه المجيد تهمة إرتكاب إبادة جماعية، فيما يواجه المتهمون الآخرون تهمًا بإرتكاب جرائم حرب ويدفع هؤلاء بأن حملة الأنفال رد شرعي على قتال الأكراد العراقيين إلى جانب إيران ضد بلدهم في الحرب بين الدولتين بين عامي 1980 و1988. ويتهم الأكراد القوات العراقية بشن هجمات بغاز الخردل وغاز الأعصاب في الحملة التي إستمرت سبعة أشهر والتي يقولون إن أكثر من 180 ألف شخص قتلوا خلالها فيما نزح عشرات الآلاف. وتركزت إفادات شهود العيان الستة خلال الجلسات السابقة على حجم المعاناة التي خلفها إستخدام الجيش العراقي لأسلحة quot;كيمائيةquot; على المدنيين خلال حملة الأنفال العسكرية حيث أبلغ قرويون أكراد المحكمة كيف أن عائلات قضت نحبها بعد أن قامت طائرات بقصف القرى الجبلية بأسلحة كيماوية.
وقد سميت الحملة quot; الأنفالquot; نسبة للسورة رقم 8 من القرآن الكريم. و(الأنفال) تعني الغنائم أو الأسلاب، والسورة الكريمة تتحدث عن تقسيم الغنائم بين المسلمين بعد معركة بدر في العام الثاني من الهجرة. إستخدمت البيانات العسكرية خلال الحملة الآية رقم 11 من السورة: quot; إذ يوحي ربك إلى الملائكة أنى معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان quot;.
التعليقات