الدار البيضاء أحمد نجيم: عرض الأمين العام الأممي بان كي مون مقترح المغرب على مجلس الأمن للمناقشة، وكانت البوليساريو بدعم من الجزائر، أعدت هي الأخرى مشروعا لحل مشكلة الصحراء في الجنوب المغربي. بان كي مون أكد في البداية أكد صعوبة التوصل إلى حل في هذا النزاع، غير أنه غير لهجته ليدعو بديبلوماسية إلى quot;فتح مفاوضات مباشرة بين مختلف أطراف النزاعquot;. الإشارة هنا واضحة إلى حوار مفتوح بين المغرب والجزائر والبوليساريو وإسبانيا، باعتبارها البلد المستعمر للمنطقة. هذا الحوار يبحث عنه المغرب، فالرباط متيقنة أن حل مشكل الصحراء يمر أساسا عبر الجزائر، ثم عبر مفاوضات مع قيادات البوليساريو. وكانت المفاوضات بين المغرب والبوليساريو توقفت منذ فترة، أيام حكم الملك الحسن الثاني، قادها عن الجانب المغربي ولي العهد آنذاك الملك محمد السادس ووزير داخليته إدريس البصري. وينص المشروع المغربي المقترح على مجلس الأمن الدولي على فتح قنوات الحوار مع البوليساريو.

زعيم جبهة البوليساريو
أخبار تحدثت عن بدء هذه المفاوضات، خاصة مع مصطفى السيد، أحد أكبر قيادة البوليساريو الذي يقيم حاليا في كندا. وكان لقاء رتب بين مسؤولين مغاربة وبين مصطفى السيد بالسينغال، غير أنه أجل لأسباب أمنية. مجلة quot;تيل كيلquot; المغربية الأسبوعية، وفي عددها الجديد الذي سيطرح في الأسواق يوم السبت المقبل، تحدثت عن لقاءات سرية أخرى بين قيادات البوليساريو والمغرب في السينغال وموريتانيا وإسبانيا، وقالت إن تلك اللقاءات جمعت سياسيين وناشطين جمعويين صحراويين مع قادة من البوليساريو منهم مؤسسو quot;خط الشهيدquot; (منظمة سياسية تطالب بالقطيعة مع جبهة البوليساريو المتحكمة في السلطة بمخيمات تندوف). دول أخرى، حسب المجلة، عرضت خدماتها لاستقبال مفاوضات سرية فوق أراضيها، كما هو الحال بالنسبة للنرويج.الأجواء الحالية في المغرب والبوليساريو هي أجواء ما قبل المفاوضات.

المغرب يعول كثيرا على حملته الدولية الكبيرة لمشروع الحكم الذاتي، إذ زار الدول الدائمة وعشرات الدول الأخرى قبل صياغة مشروع الحكم الذاتي المقترح على مجلس الأمن. فرنسا وأميركا وإسبانيا اعتبرت المقترح المغربي quot;إيجابياquot;، دول أخرى عبرت عن تحفظها من إبداء موقف إلى حين اطلاعها على المشروع كاملا. هذا المعطى قد يكون في صالح المغرب خلال مداولات مشروعه في مجلس الأمن الدولي. كما أن الحرب العالمية ضد الإرهاب التي تقودها أميركا قد يكون في صالح الإسراع بحل سياسي، فمنطقة الصحراء متهمة بكونها الفضاء المفضل للإرهابيين، خاصة فرع القاعدة الجديد في المغرب الإسلامي. تدريبات أضحت تشكل خطرا كبيرا على الدولتين الجارتين المغرب والجزائر.

الصراع في الصحراء لا حل له في الأفق، كل مرة بمفاجأة، بعد أشهر من الإثارة، قدم المغرب مشروعه حول الحكم الذاتي. وصف من قبل خبراء بquot;القوي والشجاع والبناءquot;، لأنه لا يجعل من الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية حلا أخيرا، بل هو بداية لمرحلة قد يشارك فيها المغاربة والبوليساريو. قبل وصول المشروع إلى مجلس الأمن الأربعاء 11 أبريل نيسان الجاري، قدمت البوليساريو بدعم الجزائر مشروعا آخر أطلقت عليه اسم quot;مشروع سلامquot;. إذا كان المشروع المغربي قد عرف تكتما شديدا، فإن مشروع البوليساريو وزع عبر الأنترنيت على نطاق واسع.

مشروع البوليساريو قدم تنازلات كبيرة، إذ وعد بتقديم الجنسية الصحراوية إلى جميع المغاربة المقيمين بالمناطق الصحراوية، كما وعد بالحفاظ على مصالحهم في المنطقة، وأبدت جبهة البوليساريو المطالبة باستقلال المغرب بquot;تقسيم الخيرات الطبيعية الصحراوية مع المغرب، وبالسماح بإنشاء قاعدة عسكرية مغربية في الصحراء المستقلة.

المغرب يبدو في مرحلة ما قبل المفاوضات، إذ سبق أن أجرى تعيينات في وزارة الداخلية، منها إلحاق القيادي السابق في البوليساريو محمد علي المعروف بالحضرمي بوزارة الداخلية، الكثير ربط هذا بالتحاق الحضرمي بفريق المفاوضين المغاربة، ذلك أن الحضرمي مازالت له علاقات قوية في البوليساريو، فهذا القيادي السابق قادر على تدليل صعاب كبيرة، غير أن البوليساريو، عادة ما تتندر من المفاوضات مع غير المقربين من الملك محمد السادس في مفاوضاتها مع المغرب.

المجلة تحدثت عن رفض المحافظين المغاربة فتح قنوات حوار مع البوليساريو وقياداته، خاصة في مؤسسة الجيش. ويطالب هؤلاء بحضور الجزائر على مائدة المفاوضات، وذكرت المجلة أن هؤلاء أعاقوا زيارة كان من الممكن أن يقوم بها المقربون من الملك، الذين روجوا مشروع الحكم الذاتي عالميا، إلى جنوب إفريقيا، إحدى الدول الأكثر مساندة للبوليساريو في إفريقيا.

ينص مشروع الحكم الذاتي المغربي على quot;التزام المغرب بالعمل على إيجاد حل سياسي نهائيquot;، ويشير المشروع صراحة إلى أن quot;سكان جهة الحكم الذاتي للصحراء، داخل الحدود الترابية للجهة، ومن خلال هيآت تنفيذية وتشريعية وقضائية، وفق المبادئ والقواعد الديمقراطية، عدة اختصاصات، ولاسيما في الميادين التالية:الإدارة المحلية والشرطة المحلية ومحاكم الجهة، على المستوى الاقتصادي: التنمية الاقتصادية والتخطيط الجهوي وتشجيع الاستثمارات والتجارة والصناعة والسياحة والفلاحة، وميزانية الجهة ونظامها الجبائي والبنى التحتية: الماء والمنشآت المائية والكهربائية والأشغال العمومية والنقل، وعلى المستوى الاجتماعي: السكن والتربية والصحة والتشغيل والرياضة والضمان الاجتماعي والرعاية الاجتماعية، والتنمية الثقافية: بما في ذلك النهوض بالتراث الثقافي الصحراوي الحساني، والبيئة.

وتحدث عن جهة الحكم الذاتي للصحراء وأكد أنها تتكون من الضرائب والرسوم والمساهمات المحلية المقررة من لدن الهيآت المختصة للجهة، والعائدات المتأتية من استغلال الموارد الطبيعية، المرصودة للجهة، وجزء من العائدات المحصلة من طرف الدولة والمتأتية من الموارد الطبيعية الموجودة داخل الجهة، والموارد الضرورية المخصصة في إطار التضامن الوطني، وعائدات ممتلكات الجهة.

وتحتفظ الدولة المغربية بالاختصاصات التالية، منها مقومات السيادة، لاسيما العلم والنشيد الوطني والعملة، والمقومات المرتبطة بالاختصاصات الدستورية والدينية للملك، بصفته أمير المؤمنين والضامن لحرية ممارسة الشعائر الدينية وللحريات الفردية والجماعية، والأمن الوطني والدفاع الخارجي والوحدة الترابية، والعلاقات الخارجية، والنظام القضائي للمملكة.

وتباشر الدولة المغربية، حسب مسودة المشروع، العلاقات الخارجية، بتشاور مع جهة الحكم الذاتي للصحراء، وذلك بالنسبة لكل القضايا ذات الصلة المباشرة باختصاصات هذه الجهة. ويجوز لجهة الحكم الذاتي للصحراء، بتشاور مع الحكومة، إقامة علاقات تعاون مع جهات أجنبية بهدف تطوير الحوار والتعاون بين الجهات.

تتكون الجهة، حسب المشروع نفسه، من برلمان الحكم الذاتي أعضاؤه منتخبين من طرف مختلف القبائل الصحراوية، وكذا من أعضاء منتخبين بالاقتراع العام المباشر من طرف مجموع سكان الجهة. كما يتعين أن تتضمن تشكيلة برلمان جهة الحكم الذاتي للصحراء نسبة ملائمة من النساء. ويمارس السلطة التنفيذية في جهة الحكم الذاتي للصحراء رئيس حكومة ينتخبه البرلمان الجهوي وينصبه الملك
يتولى رئيس حكومة جهة الحكم الذاتي للصحراء تشكيل حكومة الجهة، ويعين الموظفين الإداريين الضروريين لمزاولة الاختصاصات الموكولة إليه، بموجب نظام الحكم الذاتي. ويكون رئيس حكومة الجهة مسؤولا أمام برلمان الجهة. بينما يتولى البرلمان الجهوي إحداث محاكم تتولى البت في المنازعات الناشئة عن تطبيق الضوابط التي تضعها الهيآت المختصة لجهة الحكم الذاتي للصحراء. وتصدر هذه المحاكم أحكامها بكامل الاستقلالية، وباسم الملك.

وسيكون نظام الحكم الذاتي موضوع تفاوض، ويطرح على السكان المعنيين بموجب استفتاء حر، ضمن استشارة ديمقراطية. وبعد هذا الاستفتاء، طبقا للشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة وقرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن، بمثابة ممارسة حرة من لدن هؤلاء السكان، لحقهم في تقرير المصير.

وأكد المغرب عزمه في هذا المقترح على انخراطه في بناء مجتمع ديموقراطي حداثي، يرتكز على مقومات دولة القانون والحريات الفردية والجماعية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية. يمنح سكان الصحراء، وبشكل ديمقراطي، تدبير شؤونهم بأنفسهم من خلال هيئات تشريعية وتنفيذية وقضائية، تتمتع باختصاصات حصرية. كما ستوفر لهم الموارد المالية الضرورية لتنمية الجهة في كافة المجالات، والإسهام الفعال في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمملكة.

كما يشير إلى أن هذا نظام الحكم الذاتي، المنبثق عن المفاوضات، سيخضع لاستشارة استفتائية للسكان المعنيين، طبقا لمبدإ تقرير المصير ولأحكام ميثاق الأمم المتحدة. وقد وجهت المملكة المغربية نداء إلى باقي الأطراف لكي تغتنم هذه الفرصة من أجل فتح صفحة جديدة في تاريخ المنطقة. كما يعبر عن استعداده للانخراط في مفاوضات جدية وبناءة، انطلاقا من هذه المبادرة، وكذا عن الإسهام في خلق مناخ الثقة الضرورية لإنجاحها.
[email protected]