استقالة زعيم مجموعة حزب كاديما البرلمانية

اولمرت يتحسس عنقه والحبل يضيق عليها

65% من الاسرائيليين يؤيدون استقالة اولمرت

أسامة العيسة من القدس،وكالات: دعا زعيم المعارضة اليمينية بنيامين نتانياهو اليوم للمرة الاولى رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت الى الاستقالة اثر التقرير الذي حمله مسؤولية في اخفاقات الحرب في لبنان الصيف الماضي. وقال نتانياهو quot;من الواضح ان هذه الحكومة فقدت الثقة الضعيفة التي كان يوليها اياها الشعبquot;. واضاف quot;من الواضح ان الامر الوحيد الواجب القيام به هو اعطاء الشعب امكانية ان تكون له كلمة الفصلquot; داعيا بالتالي الى استقالة رئيس الوزراء وانتخابات مبكرة.

وقد رفض نتانياهو الذي كان يتحدث امام الكتلة البرلمانية لحزبه، الرد علنا على التقرير الذي حمل اولمرت ووزير الدفاع عمير بيريتس مسؤولية في فشل الحرب في لبنان ضد حزب الله الشيعي. وسيلقي نتانياهو بعد ظهر اليوم الخميس خطابا امام البرلمان حول هذا التقرير الذي نشرته الاثنين لجنة تحقيق خاصة.

ويتصدر زعيم الليكود ورئيس الوزراء السابق استطلاعات الرأي حين يتم سؤال الاسرائيليين عن المسؤول السياسي الافضل لخلافة اولمرت في رئاسة الحكومة. لكن مع عرض القوة الحالي في داخل الكنيست حيث لا يشغل الليكود سوى 12 مقعدا من اصل 120 فان فرص نتانياهو في العودة الى السلطة تبدو ضئيلة جدا بحسب المعلقين. وحدها الانتخابات المبكرة يمكن ان تتيح له تسلم رئاسة الحكومة مجددا.

تظاهرة كبرى ضد اولمرت مساء اليوم في تل ابيب

من جهة ثانية تنظم تظاهرة كبرى مساء اليوم الخميس في تل ابيب للدعوة الى استقالة اولمرت. ودعت الى التظاهرة عدة حركات تضم خصوصا احتياطي الجيش وافراد عائلات جنود قتلوا خلال الحرب في لبنان الصيف الماضي وطلاب وفنانين. ويراهن المنظمون على حضور عشرات الاف الاشخاص فيما تشير استطلاعات الرأي الى ان ثلثي الاسرائيليين يعتبرون انه على اولمرت ووزير الدفاع عمير بيريتس الاستقالة.

واختارت اكبر صحيفتين في اسرائيل quot;يديعوت احرونوتquot; وquot;معاريفquot; اليوم الخميس العنوان نفسه على الصفحة الاولى: quot;اختبار الساحةquot; في اشارة الى ساحة اسحق رابين وسط تل ابيب، المكان التقليدي للتجمعات الكبرى. ورغم قساوة التقرير الذي نشرته الاثنين لجنة التحقيق حول اخفاقات الحرب في لبنان الصيف الماضي والضغوط التي تبعت ذلك في وسائل الاعلام ومن قبل المعارضة اليمينية واليسارية، رفض اولمرت وبيريتس الاستقالة.

خفايا إستقالة غولدمائير 1974 ووضع أولمرت 2007

واصبح أولمرت الهدف المفضل للصحافة الإسرائيلية، بعد نشر تقرير لجنة فينوغراد، الذي وردت فيه كلمة الفشل 47 مرة، وجميعها ترجح خروج اولمرت من المشهد السياسي، وسيدرس الطلبة في إسرائيل، بعد سنوات، بان اولمرت استقال بسبب الفشل في حرب لبنان الأخيرة، مثلما يدرسون ألان، عن غولدا مائير، رئيسة الوزراء أثناء حرب أكتوبر 1973، وسبب استقالتها.

ولا تترك الصحافة الإسرائيلية هذه الأيام، أي تفصيلا في حياة اولمرت، أو خبرا قد يبدو غير مهم، والا تجري وراءه، ونشرت صحيفة معاريف اليوم، صورة لاولمرت تعود لعام 1994، وهو يشارك في تظاهرة تطالب غولدا مائير بالاستقالة، وهو ما يتكرر هذه الأيام معه، ولكن بعد تغيير الامكنة، ولسان حال الصحيفة يقول quot;كما تدين تدان يا اولمرتquot;.

وفي حين أو مائير استقالت بعد عشرة أيام، من صدور تقرير لجنة اغرانات التي حققت في حرب أكتوبر، ما زال اولمرت يكابر، ويرفض الاستقالة.

ومن المقرر أن يشهد ميدان رابين يوم غد الخميس تظاهرة حاشدة، يشارك فيها محتجون يطالبون اولمرت ووزير دفاعه بالاستقالة، وستكون بداية لتحرك جماهيري واسع لاسقاط اولمرت.

ويحلو لكثير من المراقبين المقارنة بين ما جرى في حرب 1973، وما يجري الان، فبعد ان صمتت المدافع في عام 1973، تم تشكيل لجنة تحقيق رسمية ذات صلاحيات واسعة، وهي تختلف عن لجنة فينوغراد الحكومية التي حققت في حرب لبنان الأخيرة، من حيث الصلاحيات القضائية.

وأنهت لجنة اغرانات التي حققت في حرب أكتوبر، عملها في الأول من أبريل (نيسان) 1974، ومن بين ما توصلت إليه اتهامات للقيادتين السياسية والعسكرية، بأنها لم تقدر حتى ساعات الصباح الباكر من يوم الحرب، أن حربا شاملة على وشك الوقوع.

وقدم رئيس هيئة الأركان دافيد اليعازر استقالته، وكذلك فعل قائد المنطقة الجنوبية اللواء شموئيل جونين، ورئيس هيئة الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي ايلي زائيرا، ومساعده العميد أرييه شيلو، وربما ابرز المستقيلين كانت غولدا مائير، رئيسة وزراء إسرائيل في أثناء الحرب، منهية بذلك سنوات طويلة من العمل السياسي.

ومثلما حجبت لجنة فينوغراد 150 صفحة من تقريرها لدواع أمنية، أوصت لجنة غرانات، بنشر كامل تقريرها بعد 30 عاما، لاسباب امنية ايضا.

وإزاء الضغط المتزايد الذي كان يمارسه الرأي العام الإسرائيلي، قدمت الحكومة الإسرائيلية عام 1995، ما اعتبر quot;رشوةquot; للرأي العام، بسماحها الكشف عن بعض فصول تقرير لجنة اغرانات.

وما كان ما كشف عنه ليكمل قصة تلك الحرب، رغم وصفه بأنه احتوى على تفاصيل صاعقة، خصوصا أن بعض من شاركوا فيها، أرادوا أن يقولوا كلمتهم للتاريخ، ومن بينهم الجنرال ايلي زائيرا، رئيس المخابرات العسكرية في أثناء الحرب، الذي لحقه العار الذي يخجل منه أي عسكري يحترم نفسه، عندما اتهمته لجنة اغرانات بالتقصير.

يي
وبعد سنوات لم تلتزم الحكومة الإسرائيلية بقانون الكشف عن الوثائق، ولا بتوصية لجنة اغرانات نفسها، فلم تنشر تقرير اللجنة كاملا، وفيما اعتبر quot;رشوةquot; أخرى للرأي العام سمحت الحكومة الإسرائيلية في عام 2004، بنشر رؤية الجيش الإسرائيلي التاريخية الرسمية للحرب، والتي أعدها د. إلحنان أورن.

وفي عام 2005، اضطرت صحيفة معاريف، إلى رفع الموضوع إلى المحكمة الإسرائيلية العليا، التي قررت تشكيل لجنة عامة تمثل قطاعات جماهيرية ورسمية، للبحث إذا ما كان هناك أسباب موجبة للإفراج عن التقرير، أو إطالة أمد الحظر، أو تغيير القيود المفروضة على نشر محتوياته.

وفي نهاية شهر سبتمبر 2006، كسبت معاريف القضية، وزفت خبر السماح بنشر غالبية التقرير، في حين بقيت أجزاء صغيرة محفوظة إلى أمد آخر.

وتبين أن تقرير اللجنة العتيدة يحوي 2200 صفحة، تقع في 6 مجلدات، أما محاضر اللجنة فتحوي 9000 صفحة، تقع في 43 مجلداً. وبإمكان الان أي إسرائيلي مهتم، أن يذهب إلى مبنى أرشيف وزارة الدفاع الإسرائيلية، ويطلب الاطلاع على فحوى التقرير ليعرف الحقيقة عن تلك الحرب، حتى لو تأخرت 33 عاما، وعلى الجانب الآخر، بإمكان المواطن العربي إذا رغب أو أراد، أن يشاهد عبر شاشات التلفزة الاحتفالات والخطب الرنانة في ذكرى حرب أكتوبر أو حرب تشرين.