أسامة العيسة من القدس: يستشف من المواضيع التي أثارت اهتمام الصحف العبرية الصادرة اليوم، أن إسرائيل، تحاول التخفيف من وقع موقفها المعارض للمبادرة العربية، التي قرر العرب في قمة الرياض، إعادة تفعيلها. واهتمت الصحف بتصريحات اهود اولمرت، رئيس الوزراء الإسرائيلي، في المقابلة التي أجرتها معه القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي، ليلة أمس، بمناسبة عيد الفصح، والمقابلة التي أدلى بها لمجلة تايم الأميركية، والتي طرح نفسه فيها quot;كرجل سلامquot; وذهب إلى الزعم بأنه يقف خلف إعادة الوهج للمبادرة العربية.

وقال اولمرت، بان المبادرة العربية، كانت ميتة، وان الفضل في إعادة إحيائها يعود له، من خلال التركيز عليها خلال النشاط الدبلوماسي الإسرائيلي، واستدرك مشيرا أيضا إلى أهمية الدور السعودي، قائلا بان السعودية لعبت دورا مهما في الملفات الساخنة في الشرق الأوسط. واشار الى ان إسرائيل تنظر بإيجابية للمبادرة، لأنها تمثل توجها مختلفا ومقاربة جديدة للتعامل مع قضية السلام، رغم أنها ليست بوثيقة سياسية مفصلة.

وقال اولمرت، انه إذا قدر له أن يلتقي العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز، فإنه سيفاجئه جدا عندما يسمع العاهل السعودي، ما سيقوله اولمرت له. ورفض الرد على سؤال حول طبيعة هذه المفاجاة وقال بأنه إذا كان العاهل السعودي سيقرا عنها الان، فإنها لن تعود مفاجاة.

ووفقا للتقديرات الصحافية الإسرائيلية، فان اولمرت، يسعى لاشراك السعودية، في قمة مرتقبة ستشهدها العاصمة المصرية القاهرة، وتشارك فيها إسرائيل والسلطة الفلسطينية، واطرف دولية. ولم يستبعد إجراء مفاوضات مع سوريا، ولكن بشرط أن يتم التحضير لذلك جيدا، مشيرا إلى أن محادثات بين سوريا وإسرائيل، جرت ثلاث مرات سابقا، عندما كان اسحق رابين رئيسا لوزراء إسرائيل، والمرة الثانية في عهد بنيامين نتنياهو، والمرة الأخيرة في عهد اهود باراك، وجميعها، وفقا لاولمرت لم تصل إلى نتيجة. وقال يجب قبل البدء بمثل مفاوضات كهذه فحص مدى التقارب بين التوجهات الإسرائيلية والسورية، لضمان نجاحها، وعدم توقفها بعد فترة من انطلاقها، مثلما حدث في المرات الثلاث الماضية.

ووضع وزير الدفاع الإسرائيلي عمير بيرتس، بثقله أيضا، في ما اعتبر تسويقا لوجه إسرائيل الجديد، في مواجهة الهجوم السلامي العربي. وقال بيرتس خلال خطاب ألقاه في قرية كفر ياسيف العربية، بان على إسرائيل أن تبادر إلى طرح مبادرات سلام، والتحاور مع القادة العرب المعتدلين، مثل محمود عباس (أبو مازن)، رئيس السلطة الفلسطينية وغيرهم من زعماء عرب لديهم الاستعداد للتحاور مع إسرائيل. واضاف quot;ممنوع أن نظهر وكأننا ضد المبادرة العربية، ان الجمود السياسي ليس في مصلحة إسرائيلquot;.

وقال النائب الأول لرئيس الوزراء الإسرائيلي شمعون بيريس، بان إسرائيل ترحب بالمبادرة العربية، رغم التحفظات عليها. وكرر بيرس، خلال اجتماعه مع رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي التي تزور إسرائيل، دعوته للزعماء العرب التفاوض مع إسرائيل، دون شروط مسبقة، والمشاركة في مشاريع إسرائيلية فلسطينية مختلفة.

وقال بيرس بان إعلان قمة الرياض، يعتبر تطورا إيجابيا، يمكن مختلف الأطراف من الجلوس والتفاوض لحل الخلافات على أساس إقامة دولتين لشعبين. ويأتي هذا الهجوم السلامي الإسرائيلي، مع وصول المستشارة الألمانية انجيلا ميركل لإسرائيل والأراضي الفلسطينية حيث ستجتمع مع اولمرت، ثلاث مرات، ومع أبي مازن مرة واحدة.

وأفصحت الصحف العبرية عن ماذا سيقول اولمرت للضيفة الألمانية، التي جاءت لدفع عملية السلام إلى الأمام، وماذا ستقول له.

وحسب هذه الصحف، فان المستشارة الألمانية، ستفحص إمكانية دفع عملية السلام إلى الأمام، على أساس المبادرة العربية، وأنها ستطرح ذلك على اولمرت، أما خلال اجتماعها المرتقب مع أبي مازن، فستطلب من الحكومة الفلسطينية الانصياع لشروط الرباعية الدولية.

وبالنسبة لاولمرت، فانه سيقول لميركل، حسب المصادر الصحافية الإسرائيلية، بان إسرائيل لا تعارض المبادرة العربية، ولكنها ترفض حق عودة اللاجئين، وانسحاب إسرائيل إلى حدود عام 1967، وان تكون القدس الشرقية عاصمة فلسطينية.

ونقلت صحيفة يديعوت احرنوت عن مصادر في مكتب اولمرت قولها بان اولمرت سيطلب مواءمة المبادرة العربية مع خارطة الطريق، والهدف إنشاء دولتين لشعبين، تعيشان، بسلام جنبا إلى جنب، دون تقديم أية توضيحات حول ماهية الدولة الفلسطينية.

وإذا كانت إسرائيل، كما يظهر لن تتجاوب مع مبادرة ميركل بشان دفع عملية السلام، إلا أنها تستقبلها بحفاوة بالغة، وتعتبر زيارتها، نجاحا للدبلوماسية الإسرائيلية، التي تمكنت من ترتيب زيارات لمسؤولين رفيعي المستوى في المجموعة الأوروبية، التي بدأت وكأنها ستعيد النظر في تعاملها في حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية، إلا أن النشاط الدبلوماسي الإسرائيلي افشل ذلك، حسب ما تقول المصادر الإسرائيلية. وذكرّت هذه المصادرة بالنشاط الذي شهدته إسرائيل، خلال الأسبوع الماضي، عندما زارها أمين عام الأمم المتحدة، ووزيرة الخارجية الأميركية.

وستمنح الجامعة العبرية، ميركل الدكتوراه الفخرية، لدعمها إسرائيل، وستزور متحف (ياد فاشيم) المخصص، لضحايا اليهود على يد النازيين الألمان.

ونشرت صحيفة هارتس، ملخصا عن معطيات استطلاع آجراه مركز بحوث السلام في جامعة تل أبيب، يشير إلى ما اعتبرته الصحيفة توجها لدى الجمهور الإسرائيلي نحو السلام، من خلال الترحيب بالمبادرة السعودية، رغم التشكيك بقدرة حكومة اولمرت على اتخاذ زمام المبادرة بهذا الشان.

ومن بين معطيات الدراسة التي ستنشر كاملة في الأسبوع المقبل، أن 66% سمعوا بالمبادرة السعودية، وان 56% منهم مع الاستجابة لها، في حين عارضها 38%. وقال 72% من المبحوثين، أن حكومة اولمرت لا تملك الدعم الجماهيري الكافي للتفاوض على قضايا الوضع النهائي.