اتهامات موجهة لدول الجوار بخلق الاقتتال في غزة

فلسطين ساحة حرب تدفع ثمن الخلافات الإقليمية

قتلى وجرحى في غزة والقاعدة تدير المعارك

حماس تمهل أجهزة الأمن للجمعة لتسليم أسلحتهم

أسامة العيسة من القدس : في موجة الاقتتال بين حركتي فتح وحماس، التي اندلعت قبل أسبوعين، وجه الدكتور مصطفى البرغوثي، وزير الإعلام الفلسطيني نقدا لاذعا لوسائل الإعلام المحلية.وفي مؤتمر صحافي عقده في قرية ارطاس، جنوب مدينة بيت لحم، بعد مسيرة جرت هناك احتجاجا على بناء مقاطع من الجدار الفاصل، خاطب البرغوثي الصحافيين مطالبا اياهم بعدم تضخيم الأحداث والنفخ فيها.

ولم يكن كلام البرغوثي ليمر بسهولة لدى الصحافيين الذين واجهوه قائلين إن الأصل هو أن تتوقف الأحداث التي وصفوها بالمخجلة، وان يتم لوم وإدانة المقتتلين، وليس الصحافيين.

وسال أحد الصحافيين البرغوثي quot;عندما تلتقي مسؤولين أجانب، آلا تشعر بالخجل من الاقتتال، ماذا تقول لهم عنه، كيف تبرر حدوثه؟quot; فاجاب البرغوثي بثقة quot;لا اشعر بأي إحراج لان المسؤولين الأجانب يعرفون اكثر منا حجم التدخلات الخارجية في الوضع الداخلي، وهذا التدخل هو السبب الأساسي للاقتتالquot;.

وفي حين بدا البرغوثي آنذاك متفائلا بوضع حد نهائي للاقتتال، تجدد هذا الاقتتال، وبشكل اكبر من أي وقت، وسط ترجيحات بان أحد الأطراف يخطط فعلا لحسم الأمور لصالحه نهائيا، رغم التشكيك بذلك من قبل المراقبين.

مسلح من حماس يتخذ موقعه قبل اجتياح مبنى تابع لفتح في غزة
وأصبحت نظرية التدخلات الخارجية، التي تحدث عنها البرغوثي، هي الرائجة لتفسير ما يحدث في قطاع غزة من اقتتال دموي، وقال الدكتور حسن خريشة نائب رئيس المجلس التشريعي ان quot;جميع الخلافات الإقليمية تصب في النهاية لدينا هنا في فلسطين، وأيضا في لبنانquot;، مشيرا الى ما يحدث في نهر البارد شمال لبنان.

ووجه خريشة نداءً عبر التلفزيون الفلسطيني الرسمي صباح اليوم لما وصفها بالجهات الإقليمية بالتوقف quot;عن التدخل في شؤونناquot; وقال quot;اتركونا نحل مشاكلنا لوحدناquot;.

وقال خريشة موجها حديثه للجهات الإقليمية نفسهاالتي لم يسمها quot;نقول لكم انتم لم تستطيعوا أن تحرروا شبرا من فلسطين، رجاء اتركونا وشأنناquot;.

ووجد خريشة، صفات آخر تجمع بين فلسطين ولبنان، غير ما اسماها التدخلات الإقليمية، وهي أن المسؤولين عن الميليشيات التي خاضت الحرب الأهلية اللبنانية، لم يصابوا بأذى وان الذي كان يدفع الثمن هم الناس الفقراء البسطاء العاديون، وهو ما يقول انه يحدث الان مع زعماء الفصائل الفلسطينية الذين يديرون الاقتتال وهم في منأى عن الخطر.

وقال خريشة quot;الذين يقتلون هم أبناء شعبنا من البسطاء، ولو شعر أي مسؤول من قادة الفصائل المتقاتلة أن الخطر سيطاله فانه سيتوقف عن التحريض والتوجيهquot;.

وشكك خريشة بقدرة أي من حماس أو فتح، على حسم الأمور على الأرض لصالح أي منهما وقال quot;حماس وفتح، حركتان شعبيتان، ولا يمكن لأي منهما أن يحسم الأمر لصالحه، وستضطران إلى الجلوس على طاولة المفاوضات، والأفضل أن يجلس ممثلو الحركتين الان للتفاوض، وليوفروا علينا دماء إضافية من أبناء شعبناquot;.

وتصف قيادات في حركة حماس، القوات التي تقاتلها بأنها قوات quot;لحديةquot; في إشارة إلى الميليشيات التي شكلتها إسرائيل بعد عام 1982، في جنوب لبنان، وكانت تأتمر بإمرة الجيش الاسرائيلي.

وحسب هذه القيادات فان ما تسميه التيار الانقلابي في حركة فتح، يتعاون مع إسرائيل ويتلقى التعليمات منها.

وتشير هذه القيادات إلى ما تقول انه الدعم الذي تتلقاه قوات فتح من إسرائيل عبر السماح بمرور ذخائر ومعدات قتالية من مصر والأردن إلى قطاع غزة.

وفي المقابل فان قيادات في حركة فتح، تقول ان القرار في استمرار الاقتتال يتخذ في عواصم إقليمية، وتشير تحديدا إلى العاصمة السورية دمشق، وأحيانا إلى العاصمة الإيرانية طهران، او كلاهما معا.

ولا تخفي حركة حماس تحالفها مع سوريا، التي يقيم فيها خالد مشعل رئيس المكتب السياسي للحركة ونائبه موسى أبو مرزوق، وعدد من قيادات الصف الأول، وكذلك تحالفها مع الجمهورية الإسلامية.

وفي وقت سابق، تحدث قائد القوة التنفيذية التابعة لحركة حماس، عن تلقي مجموعات من عناصره تدريبات في إيران.

ويوجد اتجاه لدى الرأي العام الفلسطيني لتحميل ما يحدث لإسرائيل باعتبارها المستفيد الأول مما يحدث، ويقول الدكتور خريشة quot;لا شك بأنه توجد خلايا نائمة من عملاء إسرائيل نشطت الان، واعتقد ان الاحتلال يقف خلف الاقتتال، بوساطة عملائهquot;.

ويضيف خريشة quot;هناك من العملاء من يريد أن ينتقم لنفسه، فدخل على خط الاقتتال، وهناك عملاء يشاركون في المعركة ويطلقون النار، والمستفيد هو الاحتلالquot;.

وحسب مراقب للوضع الداخلي الفلسطيني فإن الأراضي الفلسطينية هي من اكثر المناطق في العالم التي تعمل فيها مختلف أنواع الاستخبارات في العالم.

وقال هذا المراقب quot;جميع استخبارات دول الجوار العربي تعمل في فلسطين، وكل فلسطيني يسافر عبر حدود هذه الدول يتم إخضاعه للتحقيق، ومحاولة تجنيده للعمل مع استخباراتها، وهو ما تفعله أيضا الاستخبارات الإسرائيليةquot;.

واضاف quot;بالإضافة إلى الوجود الطاغي للاستخبارات الإسرائيلية، واستخبارات دول الجوار العربي، فان الاستخبارات الأميركية حاضرة بقوة، وتقدم تدريبا لاحد الأجهزة الفلسطينية الأمنية، وهو أمر غير سري، ومعروف ومعلن، وكذلك توجد الاستخبارات البريطانية التي تدرب جهازا آخر، وهو أيضا أمر غير سري، بالإضافة إلى وجود ممثلين عن استخبارات دولية أخرى لها علاقات متباينة مع الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وكذلك لا بد من الإشارة إلى دور الجنرال كيث دايتون المنسق الأمني الأميركي بين الفلسطينيين والإسرائيليينquot;.

وربما يريح الفلسطينيين، تحميل القوى الإقليمية سبب ما يحدث لديهم، وان كان ذلك، يتم بأيدي فلسطينية، تبقى سليمة، بعد كل جولة من الاقتتال، ولا يتم محاسبتها، فتعود بعد كل هدنة إلا الدوس من جديد على الزناد.