لندن: تناولت صحيفة الاندبندنت البريطانية مقالا مخصصا لتسليط الضوء على ما يعتبره الكاتب quot;مأزقquot; بلير كممثل للجنة الرباعية المكلفة التوصل إلى حل في الشرق الأوسط (بين الإسرائيليين والفلسطينيين). هذا المأزق يحدده الكاتب في عدد من النقاط قبيل توجه بلير الخميس إلى بروكسل للاجتماع مع quot;رؤسائهquot; في اللجنة.

النقطة الأولى تتمثل فيما أعلنه الرئيس جورج بوش يوم الاثنين عندما طالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالكثير - حسب المقال- فيما لم يطالب إسرائيل سوى بالكلمات المكررة عن إزالة نقاط المستوطنات المتقدمة وتجميد الاستيطان.

ويرى الكاتب أن مأزق بلير يتمثل أيضا في صعوبة قدرته على أداء دوره بسبب ما يسميه quot;حقيبته الثقيلة في العراقquot; وquot;تأييده للغزو الإسرائيلي للبنان في الصيف الماضي، وهو ما quot;يقوض علاقاته مع الطرف الفلسطينيquot;.

وquot;أما في حالة إذا دعا بلير حماس إلى الاجتماع معه فإنه سيقامر بإغضاب إسرائيل، وبسبب علاقته الوثيقة بالرئيس الأمريكي وبالنخبة السياسية الإسرائيلية فإنه سيجعل الفلسطينيين يتوقعون الأسوأ خلال مساره المستقبليquot;.

من جهة أخرى يرى الكاتب أن بلير المكلف بالنهوض بالاقتصاد الفلسطيني لن يكون قادرا على ذلك إلا إذا طالب إسرائيل بوقف سياستها القاضية بوضع نقاط تفتيش quot;تعيق حركة البضائع والأفراد من أجل العمل وهو ما قوض اقتصاد الضفة الغربيةquot;.

ومما يزيد من تعقيدات مهمة بلير أيضا في نظر الكاتب انقسام السلطة بين حماس وفتح في الضفة وغزة، وما فعله الرئيس بوش الذي دعا الفلسطينيين يوم الإثنين إلى دعم فتح ضد حماس، مصورا الأمر كصراع بسيط بين الأخيار والأشرار أو بين الأبيض والأسود على حد تعبير الكاتب.

دعوة متأخرة

الموضوع نفسه يتم تناوله في صحيفة quot;الغارديانquot; ولكن من زاوية مختلفة، أي بما يمس الطرف الإيراني. في تحقيق بعنوان quot;هذا النشاط المتنامي في الشرق الأوسط هو نتاج لتهديد حقيقي جدا هو إيرانquot;، يقول الكاتب جوناثان فريدلاند إن دعوة الرئيس بوش إلى عقد مؤتمر للسلام في الشرق الأوسط قبل نهاية العام الجاري، تبدو دعوة متأخرة كثيرا.

ويتساءل الكاتب: ما الذي جعل بوش يرى الضوء؟ ويجيب في كلمة واحدة: العراق. ويضيف أنه مع فقدان الولايات المتحدة حليفا يوما بعد يوم بسبب فشلها في بغداد، أصبح بوش يحتاج بشدة إلى شئ يشبه الإنجاز في مجال السياسة الخارجية.

ويمضى الكاتب قائلا إن ما يسمى بالدول المعتدلة في الشرق الأوسط مثل الأردن ومصر والسعودية، لأسباب تتعلق بتعاملهم مع الأقلية الشيعية أو خوفا من نموذج حماس الشبيه بالإخوان المسلمين في مصر، فإن هذه الدول تخشى من الدور الإيراني في المنطقة.

من هنا يرى الكاتب أن هذا quot;العدو المشتركquot; أي إيران، أشعل نشاطا مكثفا في المنطقة يتعلق بالنزاع الفلسطيني الإسرائيلي المجمد منذ مدة، فقد أصبحت هناك رغبة لدى الجميع في دعم الرئيس الفلسطيني محمود عباس لكي يظهر قادرا على تحقيق ما فشلت حماس في تحقيقه. من هذا المدخل يصل الكاتب إلى جوهر موضوعه وهو إيران وموضوع سباقها من أجل quot;الحصول على القنبلةquot; واحتمالات توجيه ضربة عسكرية لها.

ويقول الكاتب إن الرئيس بوش يستخدم موضوع إيران بهدف توحيد جهود quot;العرب المعتدلينquot; وراءه، لمنع الرئيس الإيراني أحمدي نجاد من الحديث باسم الفلسطينيين أو المساهمة في تحويل مزيد من الفلسطينيين إلى تبني رؤية أكثر راديكالية. إلا أن الكاتب يستدرك قائلا quot;غير أن هذا لا يجب أن يلهينا عن رؤية التهديدquot;. ما هو التهديد؟ إنه القوة النووية الايرانية المحتملة بالطبع.

وحسب الكاتب، فإن الخيار العسكري لا يزال مطروحا في واشنطن ضد إيران. ويقول الكاتب إن نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني يرى أنه يجب استخدام القوة المسلحة ضد إيران قبل أن يخرج الجمهوريون من السلطة عام 2009.

أما في اسرائيل فترى أجهزة الاستخبارات وصناع السياسة أن طهران تمثل أكبر عدو أمامهم، أكثر تهديدا عليهم حتى من الفلسطينيين. ويمضي قائلا إنه رغم وجود خطط لضرب إيران في إسرائيل إلا أن الأمر لن يكون سهلا على طريقة الضربة الجراحية التي شنتها إسرائيل عام 1981 على المفاعل النووي العراقي.

والسبب يرجعه الكاتب إلى انتشار المواقع النووية الإيرانية وحمايتها جيدا وما يمكن أن ينتج عن رد فعل انتقامي من جانب إيران التي قد تشجع شن اعتداءات على أهداف يهودية في العالم.

ويخلص الكاتب إلى أنه أيا كان الأمر، وسواء تم التعامل مع إيران دبلوماسيا ومن خلال تشديد العقوبات، أو من خلال العمل العسكري، فإن الملف الإيراني سيحسم قبل مرور عام.