واشنطن: أثناء تجولي في أحد أكبر مكتبات بيع الكتب والمجلات والدوريات quot;بارنز أند نوبلquot; في أحد ضواحي العاصمة الأميركية، خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، وقعت عيناي على غلاف مجلة عسكرية تاريخية متخصصة تحمل غلافًا مرسومًا عليه صورة رجل يمتطي جوادًا وسط مجموعة من المقاتلين ويشهر سيفه عاليًا، وتحت الصورة كان العنوان الرئيس هو quot;محمدquot; مما أثار لدي فضولاً خاصة وأنا أحمل الاسم نفسه. حملت المجلة وقرأت بقية العنوان، ولا أخفي أنه أثار فيّ من المشاعر ما يتراوح بين الاندهاش والغضب الممزوج بالفضول، وقررت شراء المجلة.

دراسة مختلفة لعبقرية الرسول

عرضت الدورية التاريخية quot;فصلية التاريخ العسكريquot; Military History Quarterly quot;دراسة رئيسة حملت عنوان quot;محمد. العقلية العسكرية الفذة للمتمرد الأول Muhammad. the Ingenious Military Mind of the First Insurgentquot;، والمقصود هنا رسول المسلمين .

والدورية متخصصة في الدراسات العسكرية التاريخية، ويقوم بقراءتها كبار رجال القوات المسلحة في الولايات المتحدة ممن لهم اهتمامات بالشئون التاريخية وانعكاساتها على الشؤون العسكرية المعاصرة. وتوزع الدورية 22,200 نسخة، وهي من أقدم الدوريات المتخصصة في الشئون العسكرية ويكتب بها نخبة المؤرخين العسكريين الأميركيين.

أما كاتب الدراسة فهو المؤرخ العسكري quot;ريتشارد جابريل Richard Gabriel quot; الذي عمل سابقا في جهات حكومية مختلفة في الولايات المتحدة وخدم في وكالة الاستخبارات المركزية CIA ، وله 41 كتابًا، ويقوم الكاتب بتدريس التاريخ والسياسة في الكلية الملكية العسكرية بكندا the Royal Military College of Canada.

تذكر الدراسة في مقدمتها أنه من دون عبقرية ورؤية الرسول محمد العسكرية الفذة ما كان ليبقى الإسلام ويصمد وينتشر بعد وفاة الرسول. وتدعي أيضًا أنه وعلى الرغم من توافر الكثير من الدراسات العلمية عن حياة وإنجازات الرسول، إلا أنه لا توجد دراسة تنظر للرسول كأول جنرال عسكري في الإسلام وكمتمرد ناجح First Insurgent على حد التعبير الحرفي للدراسة.

وترى الدراسة أنه لولا نجاح الرسول محمد كقائد عسكري، ما كان للمسلمين أن يغزو الإمبراطورتين، البيزنطية والفارسية، بعد وفاته. ومن رأي كاتب الدراسة فإن تأثير الرسول محمد يوجد اليوم بين أتباع الدين الإسلامي، الذي يدين به ما يقرب من 1.4 مليار نسمة، بصورة ملحوظة وظاهرة، كذلك يتم الاستعانة بأساليبه العسكرية من قبل القوى الراديكالية السنية على غرار الراديكاليين في السعودية وباكستان، والمتمردين السنة في العراق.

وتقول الدراسة إن النظر للرسول محمد كقائد عسكري هو شيء جديد للكثيرين، حيث أنه كان عسكريا من الطراز الأول قام في عقد واحد من الزمن بقيادة 8 معارك عسكرية، وشن 18 غارة، والتخطيط لـ38 عملية عسكرية محدودة. وتذكر الدراسة أن الرسول أصيب مرتين أثناء مشاركته في المعارك. ولم يكن الرسول محمد قائدًا عسكريًا محنكًا وحسب، بل ترى الدراسة أنه كان quot;منظرًا عسكريًاquot; وquot;مفكرًا إستراتيجيًاquot; وquot;مقاتلاً ثوريًاquot;. وتصف الدراسة الرسول محمد بأول من أوجد quot;عمليات التمرد Insurgency Warfare وحروب العصابات Guerrilla Warfare ، وكذلك بأول من مارس وطبق هذه الإستراتيجياتquot;.

إستراتيجيات الرسول العسكرية

استخدم الرسول طبقًا للدراسة كل ما كان متاحا من وسائل من أجل تحقيق أهدافه السياسية، واستخدم في هذا الإطار وسائل عسكرية وغير عسكرية (مثل بناء تحالفات، والاغتيالات السياسية، وتقديم الرشوة، والعفو، والإغراء الديني، إضافة إلى ما وصفته بالمجازر butchery)، وضحى الرسول أحيانا بأهداف قصيرة المدى من أجل تحقيق أهداف طويلة المدى.

وتشيد الدراسة بـ quot;أجهزة المخابراتquot; التي أنشأها وأدارها الرسول، والتي تفوقت على نظيراتها عند الفرس والروم أقوى إمبراطوريتين آنذاك. وترى الدراسة أن استراتيجيات الرسول يمكن وصفها بأنها جمع بين نظريات quot;كارل فون كلاوزفيتس Carl von Clausewitz ونيقولا ميكيافيلليNiccolograve; Machiavelli quot;وهما من أهم المنظرين العسكريين في التاريخ، حيث استخدم الرسول دائمًا القوة من أجل تحقيق مكاسب سياسية.

وتعزي الدراسة نجاح الرسول في إحداث تغيير ثوري في العقيدة العسكرية لما كان معروفًا وسائدًا في جزيرة العرب، لإيمانه بأنه مرسل من عند الله، وتشير إلى أنه وبفضل ذلك نجح في إيجاد أول جيش نظامي عربي قائم على الإيمان بنظام متكامل للعقيدة الإيديولوجية quot;الدين الإسلاميquot;. مفاهيم مثل ldquo;الحرب المقدسةquot; وquot;الجهادquot; وquot;الشهادةquot; من أجل الدين قدمها أولا وأستخدمها الرسول محمد قبل أي شخص آخر، ومن المسلمين اقتبس العالم المسيحي quot;السلبيquot; مفهوم الحرب المقدسة، وباسمها شن الحروب الصليبية فيما بعد ضد المسلمين أنفسهم.

وتري الدراسة أن الرسول شكل القوات العربية المسلحة المتحدة التي بدأت غزواتها بعد عامين من وفاته، وكانت تلك القوات العربية المسلحة تجربة جديدة للجزيرة العربية ليس للعرب سابق عهد بها. وقدم الرسول طبقا للدراسة ثمانية مناهج إصلاحية عسكرية على الأقل كان لها أثر كبير في تغيير نوعي وشكلي في منظومة القوات المسلحة العربية.

وتدعي الدراسة أن الرسول كان أول ثوري في التاريخ، وقائد عظيم لحروب العصابات، قاد بنجاح أول تمرد عسكري حقيقي. وهي حقيقة حاضرة وبقوة اليوم في فكر الحركات الإسلامية الراديكالية التي تري الدراسة أن اقتباساتها من تراث الرسول محمد هو أحد مصادر قوة هذه الحركات، إضافة إلى كونها نوعا من الشرعية الدينية التي تحتاج إليها هذه الحركات.

وعلى العكس من القادة العسكريين التقليديين، لم يسع الرسول محمد لهزيمة جيوش أعدائه، بل سعى بنجاح لتشكيل جيش عربي موحد تحت إمرته هو شخصيا من هذه الجيوش جميعها. ورغم أن الدراسة تدعي أن الرسول محمد بدأ حركة تمرده العسكرية بعدد قليل من المقاتلين تستخدم فقط ldquo;الكر والفر أو أسلوب اضرب وأجري hit and run ldquo; إلا أن هذه الأعداد القليلة وصلت لما يقرب من 10 الآلاف من المقاتلين بعد عقد من الزمان عندما تم غزو مكة كما تذكر الدراسة.

تكتيكات القيادة العسكرية للرسول

تدعي الدراسة أن القراء سيكون لديهم فضول لمعرفة تاريخ الرسول محمد كقائد لقوات حرب عصابات guerrilla warfare أو حركة تمرد insurgency ، إلا أن الكاتب يرى أن الرسول كان نموذجا ناجحا لما تقوم عليه إستراتيجيات قادة حركات التمرد في العصر الحديث. وتوفرت لتلك الإستراتيجيات ظروف مكنت من نجاح الرسول في نشر الإسلام في الجزيرة العربية. ومن أهم هذه الظروف:

- وجود زعيم يراه أتباعه كشخص quot;غير عادي person special quot; ويستحق أن يستمع إليه، ويستجاب لطلباته، وفي حالة الرسول، تدعي الدراسة أن إيمان الرسول أنه رسول الله، وإيمان أتباع الرسول بهذا جعل من طاعة الرسول مرادفا لطاعة الله نفسه.

- تطلب النجاح وجود أيديولوجية متكاملة تحل محل ما هو موجود من نظم اقتصادية وسياسية واجتماعية قديمة، ويفضل في المنظومة الجديدة أن تكون أفضل، وأكثر عدلا، ومن عند الله. وترى الدراسة في الدين الإسلامي نظاما متكاملا حل بنجاح محل ما كان موجودا من نظم اجتماعية وسياسية واقتصادية متخلفة في جزيرة العرب.

- أوجد الرسول كما ترى الدراسة مفهوم الأمة، quot;الأمة المؤمنة Godrsquo;s Community of Believers ldquo; لتحل محل الولاءات القبلية والعائلية الصغيرة. ووفر مفهوم الأمة غطاء اجتماعيا للمجتمع العربي الجديد. وترى الدراسة أن هذا هو أهم إنجازات الرسول.

- ترى الدراسة أن من متطلبات النجاح الأساسية وجود quot;النظام disciplinequot; بين الأتباع. وتكون أتباع الرسول من مجموعات صغيرة من المؤمنين، وكان أفراد هذه المجموعات من ذوي المهارات الخاصة مثل خالد بن الوليد وأبو عبيدة بن الجراح، كنماذج لقادة عسكريين ماهرين. وقدم هؤلاء المقربون للرسول النصح الإستراتيجي. وترى الدراسة أن المقربين من الرسول حصلوا على مناصب قيادية في حياته، وتصارعوا على النفوذ بعد وفاته.

- ترى الدراسة أن الرسول محمد أدرك أن حركة التمرد تتطلب لنجاحها قوات مسلحة قوية، وشعبا يدعم جيشه. وكان الرسول هو أول قائد في التاريخ يتبنى عقيدة سياسة خلاصتها quot;حرب الشعب. جيش الشعب Peoplersquo;s War, Peoplersquo;s Army quot; وذلك قبل تبني نفس العقيدة من قبل الجنرال الفيتنامي quot;فونجوان جيابquot; خلال حرب فيتنام. وترى الدراسة أن الرسول نجح في أن يقنع أتباعه أن الله طالب كل المسلمين بتسخير كل مواردهم من أجل العقيدة ومن أجل ما يطلبه الرسول نفسه.

-يجب أن يتمتع زعيم حركة التمرد بحب وشعبية بين أتباعه، وتدعي الدراسة أن الرسول نجح بإقتدار في الحصول على الحب والشعبية، إذ تذكر الدراسة أن الرسول قام بخطوات دعمت من شعبيته مثل مخالفة ما كان معروفًا وسائدًا لدى العرب من حصول زعيم القبيلة على ربع غنائم المعارك لنفسه، إلا أن الرسول أخذ فقط خمس الغنائم. كذلك لم يسمح الرسول للمقاتلين المسلمين بأخذ ما يحصلون عليه من غنائم، بل تم تجميع هذه الغنائم وتوزيعها على أفراد الأمة، مع مراعاة خاصة لليتامى والأرامل ممن قتل عائلاتهم في المعارك.

تعتقد الدراسة أن القراء سيكون لديهم فضول في معرفة تاريخ الرسول محمد كقائد لقوات ما وصفته بحرب عصابات guerrilla warfare أو حركة تمرد insurgency ، إلا أن الكاتب يرى أن الرسول كان نموذجا ناجحا لما تقوم عليه إستراتيجيات قادة حركات التمرد في العصر الحديث، وكانت إستراتيجية الرسول لنشر الإسلام في الجزيرة العربية نموذجًا شديد النجاح من خلال تبني الرسول كل ما كان متاحًا من اجل تحقيق غاياته السياسية.

تبني بعض الأساليب الإرهابية

ترى الدراسة أن الإرهاب وسيلة لا يمكن تجنبها من أجل نجاح أي عملية تمرد، لذا تدعي الدراسة أن الرسول محمد لم يكن استثناء من هذه القاعدة، وتدعي الدراسة أن الرسول استخدم أسلوبين من الأساليب الإرهابية:

أولا: التأكيد على النظام والطاعة من إتباعه عن طريق أخذ العبرة ممن يرتدون أو يخالفون أوامره. وتدعي الدراسة أن الرسول أمر بإعدام بعض من خرجوا عن طاعته، وأمر بتنفيذ اغتيالات سياسية. وشملت بعض هذه الاغتيالات قتل شعراء ومطربين ممن تعدوا حدودهم وهاجموا الرسول في شعرهم وأغانيهم.

ثانيًا: زرع الرسول طبقًا للدراسة الرعب في قلوب أعدائه خاصة القبائل اليهودية في جزيرة العرب، ونجح في هذا بعد القيام بعمليات إرهابية كبيرة مثل الأمر بقتل كل رجال قبيلة quot;بني قينقاعquot; وبيع نسائهم وأطفالهم في سوق العبيد كما تدعي الدراسة.

وترى الدراسة أن طبيعة الدين العنيفة واستخدام القتال والإرهاب لنشر الدين في مراحله الزمنية الأولى تنسي الناس هذه البداية وتجعلهم يركزون لاحقًا فقط على طبيعة الدين ومبادئه وتعاليمه.

ثورية الرسول محمد

تمتدح الدراسة كثيرًا قدرة الرسول ونجاحه في إحداث تغيير ثوري في الطريقة التي حارب بها العرب، فبدلا من مجموعات قتالية صغيرة ذات ولاءات قبلية محدودة، تقوم بهجمات صغيرة من quot;كر وفرquot;، استطاع الرسول بدرجة عالية من الحنكة خلق أول جيش عربي موحد جمع جنوده من مختلف القبائل العربية، وكان الجيش ذا طبيعة تنظيمية واضحة وصارمة. ومن دون هذا النجاح، ترى الدراسة أن الإسلام كدين ما كان لينجح في الصمود والانتشار داخل الجزيرة العربية بعد وفاة الرسول. وتأخذ الدراسة حالة ردة بعض القبائل عن الدين الإسلامي بعد وفاة الرسول كنموذج لعبقرية جنرالات الجيش الذي أنشأه الرسول، إذ استطاعوا أن يهزموا المرتدين ويحافظوا على الدين الإسلامي بعد غياب الرسول.

وترى الدراسة أن الرسول نجح في دمج التشكيلات العربية المقاتلة التي انقسمت إلى فئتين، فئة جنود المشاة المكونة من رجال فقراء من سكان القرى الصغيرة والواحات والتجمعات خارج المدن الرئيسية. وفئة الفرسان المكونة من رجال القبائل ممن لهم مهارات قتالية عالية يتوارثونها عبر الآباء، وكان بين الفريقين شكوك وحقد كبيران، إلا أن الرسول أكسب الجيش الجديد هوية جديدة ونظامًا عسكريًا صارمًا.

وترى الدراسة أن المقاتلين العرب قبل الإسلام كانوا فقط يهتمون بمصالحهم المباشرة والمحدودة، فقد كان الهدف من القتال الحصول على غنائم مادية، لذا غاب عن العرب مفهوم الجيوش النظامية. وكانت الحروب في الجزيرة العربية صغيرة محدودة متكررة. ولم يكن هناك ضابط أو رابط لتوقيت المعارك، أو موعد تجمع المقاتلين، فقد كان ينضم المقاتل وقد يغادر أرض المعركة قبل أن تنتهي إذا حظي بغنائم ترضيه. ومن أجل إصلاح هذه المعضلات، ترى الدراسة أن الرسول نجح في بناء منظومة عسكرية للقيادة والسيطرة للمرة الأولى في التاريخ العربي.

كذلك تدعي الدراسة أن الرسول أوجد للمرة الأولى في التاريخ مفهوم quot;الحرب النفسيةquot;، وان الرسول استخدم الإرهاب والمذابح من اجل إضعاف إرادة أعدائه عند الحاجة على حد تعبير الدراسة.

وحدة العرب حول الرسول!

تدعي الدراسة أن الرسول نجح في خلق منظومة عسكرية متطورة هو شخصيا محورها الأساسي، إضافة إلى خلق هوية جديدة لا تفرق بين المواطن والمقاتل في إطار مفهوم quot;الأمةquot; الذي كان مفهومًا ثوريًا جديدًا على القبائل العربية.

وترى الدراسة أن الرسول نجح في جعل الدين أهم مصدر للوحدة بين القوات العربية، وفاقت أهمية الدين أهمية عامل الدم والروابط القبلية المعرف أهميتها عند العرب. وفاقت أهمية الإيمان بالدين الجديد أهمية الروابط الأسرية للمرة الأولى في تاريخ العرب، مشيرة إلى أنه من المعروف تاريخيًا أن رابطة الدم هي أهم ما كان يوحد بين بعض قبائل العرب.

وتدعي الدراسة أن الرسول محمد نجح في إقناع أتباعه أنهم ينفذون أوامر الله في الأرض وإنهم جند الله، وكانت تلك المرة الأولى في التاريخ التي يعتقد ويؤمن فيها جيش نظامي أنه ينفذ أوامر الله في الأرض، ومن هنا تطور مفهوم quot;الحروب المقدسةquot;. ويرى كاتب الدراسة أن نجاح الرسول في إقناع المقاتلين بالتضحية بحياتهم من اجل نصرة هذا الدين جعل المقاتل المسلم لا يهاب الموت ظنا منه بتمتعه بالجنة بعد وفاته كما تقول تعاليم الدين الإسلامي.

وترى الدراسة أن الرسول كطفل يتيم افتقد التدريب العسكري الذي كان ينتقل من الآباء لأولادهم. وللتغلب على ما وصفه الكاتب بالنقص المهاري، نجح الرسول في إحاطة نفسه بمجموعة من المحاربين المحنكين الذين كان دائما يستمع لنصائحهم العسكرية.

وترى الدراسة أن التاريخ لا يوفر مادة علمية تكشف كيف درب الرسول جيوش المسلمين على القتال، إلا أن الدراسة تؤكد أن الرسول وكبار قادته العسكريين قد قاموا بذلك.

الخلاصة

تنهي الدراسة عرضها للأساليب العسكرية للرسول بالإشارة إلى مفهوم الجهاد. وترى الدراسة أن الجهاد في الإسلام جوهره الكفاح والتغلب على المصاعب، إلا أن المفهوم يساء تصنيفه في الغرب في زمننا المعاصر، ويتمحور حول مفهوم quot;الحرب المقدسةquot; فقط.

وتدعي الدراسة أن الجهاد طبقًا للتعاليم الإسلامية هو كفاح الإسلام ضد الكفار والملحدين، وأن الأمة الإسلامية بقيادة الخليفة الإسلامي عليها واجب تطبيق قواعد الإسلام حتى يصبح العالم بأكمله محكوما بالقانون الإسلامي. لذا فالتوسع الجهادي هو واجب على كل المسلمين، فالأرض التي احتلها المسلمون تعرف بـquot; دار الإسلامquot; والأراضي الأخرى تعرف بـ quot;دار الحربquot;.

وترى الدراسة أن هناك مفهوم quot;الجهاد الدفاعيquot; ويتمثل في حالة الهجوم على أي من أراضي المسلمين، وحينذاك ينبغي على المسلمين مقاومة المهاجمين، وينبغي على بقية المسلمين مساعدة من وقع عليه الهجوم من المسلمين. وفي حالة شن الجهاد، فإن كل الذكور البالغين يعتبرون أهدافا عسكرية مشروعة بدون تمييز بين عسكري ومدني، ماعدا العبيد ورجال الدين.

أما النساء والأطفال لا يمكن استهدافهم مباشرة إلا إذا تصرفوا كمحاربين.وتشير الدراسة إلى أن الإسلام منع التمثيل بالجثث وحظر تعذيب الأسرى، على الرغم من اعتقاد الكاتب بأن تعريف التعذيب يحتوي على مشكلة حيث أن الرسول محمد فرض عقابا على بعض الأسري قد يقع تحت بند التعذيب بمعايير زمننا المعاصر.

وترى الدراسة أنه وطبقًا لممارسات الرسول، فالجهادي له حرية التصرف في الأسرى من تنفيذ أحكام الإعدام أو طلب فدية أو حتى إطلاق الأسير.

وترى الدراسة أنه وطبقا للقوانين الإسلامية لا يوجد أي تسامح مع غير المسلمين، فالمرتدون والبهائيون والملحدون، ومن يشكك في وجود الله، والسيخ ليس لهم أي اختيار سوي الدخول في الإسلام أو الموت. وترى الدراسة أنه مع القرن التاسع عشر، قام علماء المسلمين المعاصرين بمراجعات فكرية لمفهوم الجهاد، وقال علماء السنة إن مفهوم الجهاد هو فقط quot;مفهوم دفاعيquot; ويقتصر الجهاد على حالات الدفاع عن النفس، وحالات خاصة إذا منع المسلمين من ممارسة شعائر دينهم بحرية.وترى الدراسة في النهاية أن المحافظين مثل الوهابيين في جزيرة العرب والمسلحين الجهاديين في العراق وباكستان لا يزالون يتمسكون بمفهوم الجهاد التقليدي، وهم أكثر الفئات التزاما بميراث الرسول محمد العسكري.