خلف خلف من رام الله: منذ تسلمه رئاسة الوزراء في إسرائيل، وهو يسير على حبل رفيع، لا يكاد يخرج من مأزق حتى يدخل في معضلة جديدة تضعه في دائرة حسم مصيره، هذا هو حال أيهود أولمرت الذي من المقرر أن تبدأ الشرطة الإسرائيلية التحقيق معه في قضية شراء البيت في شارع كرمياه في القدس. والتحقيق أيضا مع صديقه المقرب الذي كان يشغل منصب وزير المالية ابرهام هيرشيزون الذي قدمت بحقه لائحة اتهام تضمنت سرقة أموال عامة، وذلك بناء على مطالب المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية ميني مزوز.
ويرى العديد من المراقبين للشأن الإسرائيلي أن هذه التحقيقات ستؤثرفي وضع أولمرت المهلهل أصلا، وتربك حساباته على مستوى المفاوضات مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وأيضا على مستوى استعداداته للمؤتمر الدولي في نوفمبر.
وربما ما سبق هو الدافع وراء ارتفاع أصوات في الكنيست تطالب بتأجيل التحقيق مع أولمرت، ونقل عن النائب افيغدور يتسحاقي من حزب كاديما قوله إنه لا يعقل تحمل وضع يكون فيه رئيس الحكومة خاضعا للتحقيق. وأضاف يتسحاقي إن المستشار القانوني للحكومة ميني مزوز أمام خيارين: الأول تأجيل التحقيقات حتى ينهي رئيس الحكومة وظيفته، والثاني تحديد جدول زمني للتحقيقات يقوم خلالها رئيس الحكومة بتعليق عمله لفترة محددة.
وقال يتسحاقي: المستشار القانوني للحكومة يجب أن يحدد رأيه ليس فقط حول مسألة تحتاج أو لا تحتاج للتحقيق لكن الأهم هو أن يحدد رأيه، في ما إذا كان هذا يفيد الدولة أم لا يفيدها فنحن منذ وقت طويل نعاني وضعا يكون فيه رؤساء الحكومة عرضة للتحقيقات، وهذا لا يفيد دولة إسرائيل بشيء ولنتصور رئيس الحكومة يجلس أمام رئيس الموساد أو جهاز الأمن العام ليستمع إلى التقارير بينما يدور في رأسه ما الذي سيقوله في الغد للمحققين. وبالتالي بحسب يتسحاقي على المستشار القانوني تأجيل التحقيقات حتى ينهي رئيس الحكومة وظيفته او أن يقوم رئيس الحكومة بالتوقف لشهرين أو ثلاثة عن العمل وترك تسيير الأمور لنائبه حتى انتهاء التحقيقات.
ومن ناحيته، قال وزير الأمن الداخلي آفي ديختر إن الشرطة ستقوم بالتحقيقات على الشكل الأفضل، وأضاف ديختر: أن كاديما لا تملك القدرة لمواجهة هذا الموضوع الشخصي، وأنا واثق من أن الشرطة ستقوم بعملها بالصورة المهنية الأمثلquot;. وتعود الشبهات حول تورط أولمرت في بيع منزله في القدس بصورة غير شرعية لعدة أشهر ماضية، وحسب التهمة حظي اولمرت بتخفيضات لشراء هذا البيت في القدس مقابل وعود بالعمل لصالح مشروع البناء في بلدية القدس، وقد تضمنت لائحة الاتهام ضد اولمرت تهما كبيرة وقاسية من الحصول على الرشوة إلى الغش والخداع و خرق الثقة.
وكان قد كشف هذه القضية الصحافي يوآف يتسحاق الذي أشار إلى أن أولمرت اشترى بيتا كبيرا في الحي الألماني في القدس ودفع نقدا 1200000 دولار، إلا انه حصل على تخفيض كبير بلغ 330 مليون دولار اقل من السعر الحقيقي وزعم محامو أولمرت أن هذا التخفيض كان لأنه دفع نقدا. الا أن مراقب الدولة قال إنه لا توجد توضيحات مريحة، وكتب في رسالة وجهها إلى المستشار القضائي مزوز أن التخفيضات لشراء البيت من جانب شخصية عامة ووزير في الحكومة تستدعي التوضيح، وقال مراقب الدولة أيضا إن الشفافية العامة والمعايير والإدارة السليمة وسلامة المقاييس تستدعي ذلك.
وقد أظهرت التحقيقات معطيات مثيرة للقلق في مقابل التخفيضات عمل اولمرت ورجاله لصالح شركة علوموت في القدس وبصورة غير عادية، وصدرت عن بلدية القدس موافقة لإجراء إصلاحات في المبنى وزيدت المساحة المبنية من 330 مترا إلى 750مترا في إجراءات سريعة. وأشار مزوز إلى تورط هيئات أخرى في بلدية القدس حيث سيجري التحقيق في آلية عملهما مثل مهندس بلدية القدس سابقا وصاحب شركة علوموت الذي قدم الرشوة.
وبالإضافة إلى الاشتباه في تصرف أولمرت في منزل القدس بصورة غير قانونية، توجد ثلاث تهم أخرى تحيط به، منها قضية بيع نواة التحكم في بنك لومي، وكذلك قضية تعيينات سياسية بصورة غير شرعية، ومسألة الأعمال في مركز الاستثمارات. وإن كان أولمرت فشل في تحقيق نجاحات على المستوى السياسي، إلا أنه يسجل له الصمود لغاية الآن رغم كل ما أثير حوله من شبهات فساد وتقصير في حرب لبنان الثانية، وتمكن من رفع شعبيته المتدنية قليلاً بعد اختراق الطائرات الإسرائيلية للأجواء السورية قبل ما يقارب الثلاثة أسابيع.
كما نجح أولمرت مؤخراً في ضم عامي ايالون لحكومته، وبهذا تحول ايالون من اكبر منتقدي رئيس الحكومة ايهود اولمرت إلى مؤيد مخلص وصامت، بل انه تعرض لانتقادات واهانات من عدد من أعضاء الكنيست، ومع هذا لم ينبس ببنت شفة. ومع تعيين ايالون وزيراً في الحكومة يصل عدد الوزراء إلى 27 وزيرا، ولا يبدو أن أحدا منهم يفكر باحتمال الاستقالة من الحكومة وعلى هذا فان سفينة حكومة اولمرت تبدو أنها لن تغرق على الرغم من التحقيقات الكثيرة التي تواجهها.
وتقول رينا متسليح مراسلة القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي: quot;لا شك في أن التحقيقات مع رئيس الحكومة تلحق الضرر بعمله، وهذا يؤكده كبار في الائتلاف وحتى في كديما، وهذا يضر بشرعيته الجماهيرية وقدرته على إجراء مفاوضات جدية والوصول إلى انجازات مع أبي مازن وهذا يعيد إلى الطاولة موضوع سلطة القانون بدلا من الموضوع الأمني والانجازات الأمنية فهو يلحق الضرر بشخصية اولمرت وشعبيته وحتى بين الجمهور الواسع في كديما. مع ذلك يقولون في ديوان أولمرت إنهم غير مهتمين بذلك كما أن اولمرت نفسه اعتبر التحقيق معه زائدا لا لزوم له.
التعليقات