أسامة مهدي من لندن : اطلق العراق اليوم حملة وطنية لمكافحة الفساد المالي والاداري ملقيا باللوم على المحاصصة الحزبية والفئوية في تفشي هذه الآفة التي قال إنها تنخر في جسد الدولة واكد نائب رئيس الوزراء برهم صالح ان الفساد والارهاب اصبح احدهما يتغذى على الاخر ويغذيه واشار الى ان الوزارات تحولت الى ضيعات لمجموعات سياسية .. فيما قال زعيم الائتلاف الشيعي الحاكم رئيس المجلس الاعلى الاسلامي السيد عبد العزيز الحكيم ان العراق هو الان الاكثر فسادا ماليا واداريا في العالم .
وقال برهم صالح الذي اطلق الحملة في بغداد اليوم في مؤتمر عام شارك فيه مسؤولون ونواب وشخصيات سياسية واقتصادية وخبراء ان خطر الفساد الاداري والمالي في العراق اصبح لايقل عن خطر الارهاب مشيرا الى ان هذا الفساد هو من اكبر التحديات التي تواجه المسؤولين في تحقيق الاعمار وبناء الدولة الديمقراطية الحرة. وحذر من ان عدم اجتثاث افة الفساد من جذورها سيؤدي الى القضاء على طموحات بناء دولة المؤسسات . وشدد صالح على ان الفساد الذي ينخر في جسد الدولة العراقية حاليا سببه غياب المؤسسات والمحاصصة الحزبية وتحويل الوزارات الى ضيعات quot;لهذه الجماعة او تلكquot;.
واكد ضرورة الاعتراف والاقرار بمشكلة الفساد اولا لان تجاهلها هو فساد بعينه وقال ان هذا الاقرار يشكل بداية لحل المشكلة . واضاف ان الفساد في العراق اصبح يهدد في الصميم وآفة خطرة وتحد جسيم لايستهان به وهو والارهاب اصبح احدهما يتغذى على الاخر ويغذيه . واكد ان الفساد يهدد اعادة الاعمار والاستثمار وسيادة القانون والامن والاستقرار والتنمية الاجتماعية والاقتصادية .
وقال برهم صالح انه لابد من الاعتراف quot;باننا لانزال نواجه تحديات خطرة في مجال الفساد الاداري والمالي حيث ان القائمين على المؤسسات المكلفة بمكافحة الفساد يواجهون تهديدات بالموت والاختطاف الامر الذي يعرقل عملهاquot; . واكد انه خلال السنوات الثلاث الماضية تم قتل واختطاف 71 منتسبا من كوادر هيئة النزاهة العامة.
واشار الىأنّ التحديات التي تواجه مكافحة الفساد، تكمن في محاولات تسييس هذا الملف من قبل القوى السياسية . ودعا الى مبادرة وطنية صادقة بعيدة عن التسييس لوقف الاستغلال الحزبي والسياسي والفئوي والمناطقي للمال العام .. وقال ان هذا يتطلب وجود ارادة سياسية حازمة لكشف مسببات الفساد والاثار المترتبة عليه ومعالجة الاختلالات التي يعانيها النظام الاقتصادي في العراق ومواجهة الفساد الذي يلازم البطاقة التموينية وتوزيع المشتقات النفطية .
وأوضح صالح ان رئيس الوزراء نوري المالكي شخص الفساد المالي والاداري على انه يشكل تحديا خطرا يستوجب مجابهته كأولوية اساسية للحكومة ومن هنا ينعقد هذا الملتقى للبدء بحملة تعبئة وطنية هادفةإلى استئصال هذه الافة.. وأضاف quot;أن الاختلالات التي تشهدها البلاد في الوضع السياسي والتي تتمثل بمعايير المحاصصة والمحسوبية الحزبية حولت الوزارات والمؤسسات الاخرى الى ضيعة لهذه الجماعة او تلك لذا تشعبت ظاهرة الفساد وتعقدت مسبباتها وتجاهل المشكلة امر خطر وفساد بعينه والاعتراف بوجودها والتوجه لمواجهتها يعتبر بداية الحل لهاquot;.
واكد ان الارهاب اصبح يتغذى على الفساد و للعنف اقتصاده السياسي الخاص به في العراق يديمه الى جانب الياته وشبكاته الخاصة الاخرى . واشار الى الجهود والتدابير التي تحاول الحكومة القيام بها على صعيد إقرار بعض التشريعات والقوانين ودعم الهيئات الوطنية المعنية بمكافحة الفساد كهيئة النزاهة والمفتشين العامين في الوزارات وديوان الرقابة المالية اضافة الى مبادرة رئيس الوزراء بتشكيل المجلس المشترك لمكافحة الفساد بداية العام الماضي.
وشدد برهم صالح على ضرورة معالجة نظام المحاصصة والاختلالات الامنية كشروط اساسية في الاصلاح المالي والاداري . واكد ضرورة اتخاذ اجراءات سريعة لمكافحة الفساد من خلال اعتماد الشفافية في المساءلة والتصرف بطريقة مكشوفة لمكافحة الفساد ووضع المعلومات بيد المواطنين واجهزة الاعلام للعمل على كشفها وتشكيل رأي عام ضاغط على الحكومة للعمل بشكل جدي لمواجهة الفساد .
كما دعا الى عمل مؤسساتي على صعيد التعاون بين هيئة النزاهة وديوان الرقابة ومجلس النواب وتنظيم شؤون الوظيفة من خلال ضوابط لاختيار الموظفين وتعيينهم واعادة النظر بقانون الخدمة المدنية . وتحقيقا لمبدأ الشفافية طالب الوزارات والاجهزة المعنية بوضع بيانات للكشف عن تنفيذ المشاريع والمصروفات والنفقات اضافة الى العمل على إنشاء الحكومة الالكترونية . واكد صالح ضرورة تفعيل اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد التي اقرها مجلس النواب داعيا الحكومة الى التصديق عليها .
مداخلات اخرى
من جهة اخرى، اكدعلي العلاق الامين العام لمجلس الوزراء في كلمته نيابة عن المجلس المشترك لمكافحة الفساد ان الفساد يمثل تهديدا على الديمقراطية وسلطة القانون ويعد ظاهرة من اخطر الظواهر التي خلفها النظام السابق ومازالت تلقي بظلالها على المجتمع وتعطل عجلة الحركة والتقدم الاقتصادي.
كما طالب بمجموعة من الاجراءات تتضمن ، توعية المجتمع على مخاطر الفساد ، وترسيخ مبدأ الولاء للوطن ، والتأكيد على سلطة القضاء ، واعتماد المعايير القانونية في التعيينات والترقيات، وعدم منح الحماية للمتورطين في الفساد ، ووضع ضوابط صارمة.
اما عبد الباسط تركي رئيس ديوان الرقابة المالية فقد اوجز انجازات الديوان الرقابية على المال العام من اجراءات رقابية وحسابية ومتابعة دقيقة لاليات صرف اموال الدولة العامة واموال المنح والقروض وكذلك المخالفات والتجاوزات ورفعها الى الجهات المختصة لغرض اتخاذ الاجراءات القانونية والادارية بحق المخالفات.
واكد رئيس مفوضية النزاهة وكاله موسى فرج ان مبادرة نائب رئيس الحكومة لتنظيم ملتقى لمكافحة الفساد تشكل مفارقة ولكن من النوع المرغوب فيه اذ ان الحكومات عادة ما تتهم بالفساد، مشيرا الى ان هذه المبادرة سبقتها مبادرة اعمق اثرا تمثلت في اصدار رئيس الحكومة اوامره بفتح مكتبه ومكاتب مجلس الوزراء لانشطة هئية النزاهة وباعتماده عام 2008 عاما لمحاربة الفساد في اجهزة الدولة بما في ذلك مجلس الوزراء.
وشهد المؤتمر عددا من المداخلات من قبل الحضور ومنها الشيخ صباح الساعدي رئيس لجنة النزاهة في مجلس النواب دعا فيها الى ضرورة ان تكون اجهزة قضائية رادعة دون ان تخضع الى أي جهة، وان تكون هناك قوانين لعملية الفساد الإداري كون هذه الظاهرة تؤدي الى انهيار مؤسسات الدولة.
من جهته اكد وزير المالية باقر جبر الزبيدي في مداخلته ضرورة ان تصبح لجنة العقود هيئة وان تشرف على كافة العقود المعروضة على الوزارات دون تدخل الوزير بمبالغ هذه العقود، كما دعا أيضا الى ان تقوم هيئة النزاهة العامة بالتأكد من كل اتصال يردها من خلال الخط الساخن وذلك بطلب الأدلة والوثائق التي تدين كشف حالة الفساد وعدم الانجرار وراء التشهير والبلاغات الكيدية مما يهدر وقت وجهد الأجهزة الرقابية .
وتحدث عدد اخر من الضيوف اشاروا الى أهمية الرقابة والنزاهة وتفعيل دور أجهزتها المختلفة للحفاظ على أموال الدولة من الهدر ولغرض انجازها الأهداف المتوخاة منها بإدارة عجلة الاقتصاد والتقدم والازدهار خدمة للمواطن العراقي ومن المتحدثين حيدر العبادي عضو مجلس النواب والقاضي فائق زيدان و جنان العبيدي عضو مجلس النواب علي الدهوي رئيس مجلس إدارة شركة الأثير وسالم بولس ممثل المفتشين العامين .
الحكيم : العراق البلد الاول في العالم فسادا ماليا واداريا
وعلى الصعيد نفسه،دعا زعيم الائتلاف الشيعي الحاكم رئيس المجلس الاعلى الاسلامي السيد عبد العزيز الحكيم الشعب العراقي الى التعاون مع اجهزة الحكومة في الكشف عن المسيئين الذين يصادرون حقوق الشعب. واكد خلال كلمة في الملتقى الحادي عشر للمبلغين والمبلغات الذي اقامته مؤسسة شهيد المحراب في محافظة النجف (160 كم جنوب بغداد) ضرورة الاهتمامبمحاربة الفساد الاداري والمالي في البلاد quot;الذي جعل العراق من البلدان الاكثر فسادا في الجانب المالي والاداريquot;. واضاف:quot;ان الظروف التي يعيشها العراق تعد ظروفا استثنائية لكن معالجة الفساد تحتاج ايضا الى اجراءات استثنائية ومحاربة هذه الظاهرةquot;. وطالب هيئة النزاهة والقضاء بالعمل على quot;محاربة ظاهرة تفشي الفساد ،ومعالجة القضايا الاخرى بحيادية بعيدا عن التسييس والخضوع للجهات السياسيةquot;.
ودعا الحكومة الى :quot; ايلاء هذه المسألة الاهتمام وجعلها من المواضيع المهمةquot; موضحا ان quot;على الجهات المسؤولة عن الاعتناء بالشرائح الفقيرة وعوائل الشهداء والسجناء الذين لم نقدم لهم الدعم الكامل لحد الان ولابد من اتخاذ اكبر الجهود لارجاع العوائل المهجرة الى مناطقهاquot;.
وشدد على ان quot;من الاولويات التي يجب الاهتمام بها اقناع الجهات المنسحبة من الحكومة بالعودة اليها واعتماد الخبرة والكفاءة في اختيار الوزراء الجددquot;. وقال quot;ان مسألة المصالحة الوطنية مازلنا نسعى اليها دائما من اجل تجاوز الماضي وقد تم عقد مجموعة من المؤتمرات وكان لها تأثير كبير على هذا الجانب ولابد من الاستمرار بالنهج الذي يؤدي الى التآلف والمحبة وتفويت الفرصة على من يريد ان يشعل الحرب الاهلية بين ابناء الشعبquot;.
واضاف quot;لقد شهدنا في العام الماضي تقدما مهما في الملف الامني وكان من اهم الاسباب لذلك هو عدم الاكتفاء بالمؤسسات الامنية وقد اشرنا الى ذلك قبل 3 سنوات اذ دعونا الى الاعتماد على العشائر في حفظ الامن في مناطقهاquot;. واوضح ان من الامور المهمة حاليا اعادة استقرار العراق واخراجه من تحت الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة quot;فهذا الفصل الذي جاء بعد سياسات النظام الدكتاتوري البائد في العقد الماضي سلب العراق حقوقه ووضعت اراضيه تحت سيادة مجلس الامن الدولي ونسعى خلال هذا العام الى عقد اتفاقية مع الولايات المتحدة الاميركية تحدد وجود القوات المتعددة الجنسيات والعلاقة معها وسيستمر سعينا للاعتماد على العراقيين وخروج القوات المتعددة نهائيا من العراق واعطاء السيادة للعراقيين وبناء قواتنا الامنية وفق المصلحة الوطنية الكبرى للشعبquot;.
واشار الى quot;ان ملف الاعمار ووفق ما اقره الدستور يجب ان يكون من اولى اهتمامات الحكومة .ومن المؤسف ان تتلكأ بعض الوزارات في انشاء المشاريع في المحافظات لاسيما الامنة وان ما انجزته المحافظات افضل مما استغلته الوزارات لميزانيتها ويجب اعطاء صلاحيات اكبر للمحافظات quot;.
وشدد الحكيم على:quot;ضرورة الاستعداد للانتخابات المقبلة العام المقبل والتاكيد على انتخاب الكفوء والمخلص والتأكيد على اهمية الانتخابات المقبلة ، وضرورة المشاركة . وطالب بتعجيل قانون الانتخابات كما ندعو مفوضية الانتخابات لان تكون مستقلة بحق وان تلتزم بالحيادية والشفافية ونشر المعلومات بين المواطنينquot;.
التعليقات