الجمهوريون أفرطوا في إستخدام سحرهم
هل يصوت جو السباك لأوباما؟

بلال خبيز من لوس انجليس: لم يفلح جو السباك في تحسين وضعية ماكين وسارة بالين في السباق الإنتخابي. إنه الذي توجس من خطط باراك أوباما الضريبية أمام المرشح الديمقراطي، والذي قال له: يبدو لي انك ستفرض علي مزيدًا من الضرائب، رفض أن يفصح لمراسل الاسيوشيتيد برس عن خياراته الانتخابية. على الرغم من أن الجمهوريين جعلوه نجمهم، خصم أوباما الشعبوي، والذي رجحوا أنه سيقلل من حظوظ المرشح الديمقراطي. قصته برواية الجمهوريين انتشرت على كافة مواقعهم الالكترونية. ولم يلبث المرشح الجمهوري في المناظرة الاخيرة ان جعله نجم المناظرة. كان جون ماكين يريد أن يصنع لأوباما خصمًا ثالثًا في المناظرة لا يقوى على مواجهته. جو السباك هو من وقع عليه خيار الجمهوريين لمواجهة اوباما، باعتبار انه يرمز إلى الشعب الاميركي الذي يكدح ويكد لتحسين اوضاعه. وحين يوضع هذا الشعب في مواجهة اوباما، فإن هذا الاخير سيجد نفسه محرجًا. لكن ماكين كعادته افرط في استخدام سحره.

هو افرط في استخدام سحر سارة بالين من قبل، والله يعلم ما الذي سيكون عليه مستقبل هذه الحاكمة التي شدت انظار الاميركيين بطلتها البهية يوم وقع اختيار ماكين عليها لتشاركه السباق نحو البيت الابيض. سارة بالين اليوم تردد اللازمة نفسها، باراك اوباما يصاحب الارهابيين، وهي تواجه الأخطار الروسية كقائدة للحرس الوطني في الاسكا. والحال ليس الخطر الروسي خطرًا، فلم يعد ثمة حرب باردة في الافق، اللهم إلا في ذهن بعض العرب الذين استبشروا باحتلال جورجيا، بوصفها علامة تحد روسية قاطعة في مواجهة العملاق الاميركي.

سارة بالين تلوم اوباما على مصاحبة الارهابيين وهي تواجه الخطر الروسي في الاسكا. كانت هذه الفكرة تندر في الصحافة الاميركية طوال ايام. عن اي خطر تتحدث رئيستنا المقبلة، واي ارهاب تعني؟ لكن السخرية لم تفت في عضد الجمهوريين. افرطوا في استخدام السحر فانقلب عليهم. الآن ثمة بطلان ونجمان، سارة بالين التي رفعها قدر قصر النظر الجمهوري إلى مصاف النجوم السياسيين، وجو السباك الذي رفعه قدر الاضطراب الجمهوري إلى مصاف منافس اوباما الفعلي. اما جون ماكين، فيغرق اكثر في الحفرة التي صنعها بنفسه، على حد تعبير اي جي ديون جونيور في الواشنطن بوست.

خسر الجمهوريون حملتهم السياسية منذ اكثر من اسبوعين. حين بدأ المناصرون الجمهوريون يعيرون اوباما بإسلامه، ويشددون على ذكر اسم والده حسين، لتذكيره بأصوله الإسلامية، ويربطون بينه وبين اسامة بن لادن: اوباما ndash; اسامة، بسبب الجرس المتشابه بين اللفظين. ومنذ ذلك الحين اخذوا يديرون ما يمكن اعتباره نوعاً من الحملة القذرة. حملة هي مزيج من ادعاء الغضب والغيرة والخوف على الشعب الاميركي. في مناظرته الاخيرة يردد جون ماكين: quot;الشعب الاميركي غاضبquot;! مما حدا بمحلل لوس انجلس تايمز إلى التعليق: quot;لقد بدا ماكين نفسه الشخص الاكثر غضبًا بين افراد الشعب الأميركي كافة، لكنه استمر يردد الشعب الاميركي غاضبquot;.

الرد البديهي الذي جابهته به الصحافة الاميركية كان يتمحور على النحو التالي: إذا كان الشعب الاميركي غاضباً فمرد ذلك إلى مجريات السنوات الأخيرة من الحكم. إذ كيف يسع الشعب الاميركي ان يغضب من مرشح لما يصبح رئيساً بعد؟ والحال، لم يلبث ماكين في مناظرته الاخيرة ان تنصل من تبعات سياسات الجمهوريين، واعلن انه سيغير وجهة السياسة الاقتصادية كرئيس للولايات المتحدة الاميركية. وواجه اوباما المنتقد لسياسة بوش بالقول: quot;انا لست جورج بوش، كان عليك ان تترشح منذ اربع سنواتquot;. وهذا مما اعتبره المحللون اكثر لحظات ماكين تجلياً في تلك المناظرة. اي ان التنكر لسياسات الجمهوريين في السنوات الثماني الاخيرة كان نقطة قوته الابرز.

مع تمام عقد المناظرات بين المرشحين، لم يعد ثمة الكثير مما يمكن لماكين ان يفعله. واللافت للانتباه ان حملة اوباما تتقدم على خطوط ماكين نفسها. فهو يحرز تقدما في استطلاعات الرأي حيال القضايا التي كان خصمه متقدما فيها: السياسة الخارجية والخبرة، حيث كان الاميركيون يعتقدون في غالبيتهم عند بداية السباق ان اوباما غير مؤهل بما يكفي ليدير سياسة خارجية ناجحة، فيما يعتقد غالبيتهم اليوم ان ماكين نفسه ليس مؤهلاً لذلك. وإذا كانت حملة اوباما قد نجحت في النيل من نقاط قوة ماكين، فإن الأخير لم ينجح في تقليص الفارق مع خصمه في نقاط قوته. خصوصاً في ما يتعلق بالسياسات الاقتصادية، والأرجح ان جو السباك لم يفصح عن خياراته تلك، لأنه لم يشأ ان يخسر النجومية التي حلت عليه فجأة، لكنه في نهاية المطاف وبعد ان تمر عاصفة النجومية هذه قد يصوت هو نفسه لأوباما.