لندن: إنشغلت الصحف البريطانية الصادرة الجمعة بموضوعاتها المحلية الرئيسية المسيطرة حاليا على الإهتمام البريطاني الأول. نها تداعيات ازمة البي بي سي مع مشاهديها بسبب تعليقات في برنامج تلفزيوني اعتبرت مهينة لاحد الممثلين الانكليز المعروفين، والبالغ من العمر 78 عاما. فقد خرجت صحيفة الغارديان بموضوع رئيسي على صفحتها الأولى قالت فيه أن البي بي سي تحاول اخراج نفسها من ورطةإ وقعت فيها بسبب هذه القضية، من خلال اتخاذ خطوات غير مسبوقة.

من هذه الخطوات منع نجمها الاغلى ثمنا، جونثان روس، المتهم الاول في هذه القضية، من العمل لمدة ثلاثة اشهر، واقالة احد كبار موظفيها التنفيذيين. تعليق روس عن العمل من دون اجور سيعني بالنسبة له خسارة 1,3 مليون جنيه استرليني، او ما يقرب من 2,5 مليون دولار، حيث وصفت البي بي سي تصرفاته تلك بانها quot;غير مقبولة على الاطلاقquot;.

ويأمل مارك تومسون، المدير العام لبي بي سي، ان تضع هذه الخطوات نهاية لهذه الازمة. لكن البعض من داخل المؤسسة الاعلامية الاشهر والاكبر في العالم، يلمحون الى حقيقة تتمثل في ان مديرة محطة راديو بي بي سي/2 ليزلي دوجلاس، اقيلت لانها حملت مسؤولية تلك الاهانات التي وجهها روس، وزميله في البرنامج راسل براند، الذي قدم استقالته هو الآخر الاربعاء.

سلسلة ازمات

وتذّكر الصحيفة ان البي بي سي مرت خلال الاشهر الماضية بسلسلة ازمات مثيرة للجدل. منها اللقطات التي ظهرت فيها الملكة على نحو خارج السياق المطلوب، والجدل الذي احتدم داخل المؤسسة حول تخفيضات في قوة العمل، وغيرها، وهو ما دعا تومسون الى التعهد بأن الضوابط الجديدة quot;ستأخذ عبرة مما حدثquot;.

لكن الصحيفة تنقل عن اعلاميين من داخل البي بي سي قولهم ان المدير العام ربما يسير في الاتجاه الخطأ. وتقول جنين جيبسون في مقال في نفس الصحيفة انه بعد اسبوع من الجنون جاءت الخطوة العقلانية بتعليق روس عن العمل.

وترى الكاتبة انها اعادة لاموال طائلة منحتها البي بي سي لجوناثان روس من دون استحقاق، وما على الاخير الآن سوى ان يجلس بعيدا عن الاضواء لفترة، ربما الى ما بعد موسم اعياد الميلاد ورأس السنة.

لماذا البي بي سي

اما الاندبندنت فتخرج بعنوان يقول: اهتزت مرة اخرى.. البي بي سي في مياه وسط العاصفة. وتذّكر الصحيفة باستقالة المدير العام السابق للمؤسسة جريك دايك، وغيره من كبار المديرين، وتتساءل: لماذا البي بي سي عرضه لمثل هذه الاحداث! الا ان الصحيفة تشير الى استقالة دايك مختلفة في ظروفها عن اقالة مديرة راديو/2 وغيرها، اذ نظر الى تلك الاستقالة على انها تضحية لتعرض المؤسسة الى تحرشات من كبار السياسيين في الحكومة.

لكنها، حسب الصحيفة، لا تخلو من بعض اوجه التشابه، فالمؤسسة في حالة من الفوضى والتخبط، ومعنويات موظفيها متراجعة، كما ان مصداقيتها باتت على المحك. وتضيف الصحيفة ان تعيين مارك تومسون بدل دايك، في مايو/ ايار من عام 2004، نظر اليه عندئذ على انه بداية جديدة، فالمدير الجديد تميز بسمعة طيبة من حيث صرامة المعايير الصحفية التحريرية، الى جانب ميزات شخصية ايجابية اخرى.

لكن الرياح لم تأتي كما تشتهي السفن بالنسبة للبي بي سي خلال الاثني عشر شهرا الماضية، اذ اصطدمت المؤسسة بعاصفة تلو الاخرى، وتراجعت شعبية برامج كانت تعتبر من البرامج التي لا نظير لها ولا يمكن مجاراتها.