الجزائر: يحتفل الشعب الجزائري اليوم ، بالذكرى الرابعة والخمسين لثورة أول نوفمبر المباركة ، التي كلفت الجزائر طيلة سبع سنوات ونصف تضحيات بلغ تعدادها مليونا ونصف المليون من الشهداء.

وقد أثمر جهاد الجزائريين بانتزاع الإستقلال عام 1962 بعد ليل استعماري حالك استغرق قرنا و32 سنة ، ذاق خلاله أبناء هذا البلد الطيب أبشع أنواع التعذيب والتنكيل ، من ذلك حرق الجزائريين وهم أحياء واقتلاع جلود رؤوسهم وأظافرهم وبقر بطون النساء الحوامل ، فضلا عن قطع الرؤوس وتعليقها في المداشر والقرى لكي يمتنع سكان تلك البقاع من تقديم الدعم للمجاهدين ، أو الخارجين عن القانون كما كانت تسميهم فرنسا الإستعمارية آنذاك.

وتميز الإحتفال بهذه الذكرى المجيدة بتنظيم ملتقيات وندوات وإلقاء محاضرات بمختلف الجامعات والمؤسسات التعليمية بمختلف أطوارها عبر كافة أرجاء الوطن ، تم فيها تذكير الجيل الصاعد ببطولات آبائهم وأسلافهم الذين استشهدوا في سبيل الله لتعيش الجزائر مسلمة آمنة مطمئنة .

ونظمت وزارة المجاهدين زيارات لمقابر الشهداء وأخرى لبعض الأماكن التاريخية التي شهدت معارك حاسمة مع القوى الإستعمارية ومنها جبال الأوراس الشماء ، محضن الجهاد والمجاهدين ومنطقة الجرف على الحدود التونسية شرق البلاد وغابات الشمال القسنطيني التي شهدت أكبر عملية جهادية خلال سنوات الثورة بقيادة الشهيد يوسف زيغود بتاريخ 20 أغسطس 1955 ، فضلا عن جبال جرجرة بمنطقة القبائل المجاهدة التي سقيت أرضها وزيتونها بدماء الشهداء ، وكذا ربوع الغرب الجزائري ، منبت الخير ومهد المجاهد الأمير عبد القادر ، قائد المقاومة الشعبية ومؤسس الدولة الجزائرية الحديثة ، وأخيرا الصحراء الشاسعة التي كانت مهدا لبطولات لازال التاريخ يذكرها .

وبرمال الصحراء وواحاتها ومسالكها الوعرة ، كان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يصول ويجول مجاهدا مع إخوانه المجاهدين على الحدود الجزائرية المالية ، إلى أن بزغت شمس الإستقلال في الخامس من شهر يوليو من عام 1962 ، وهو الإستقلال الذي قال بشأنه الرئيس بوتفليقة في رسالة بعث بها إلى عموم الشعب الجزائري بمناسبة ذكرى الفاتح من نوفمبر ، بأنه كان منحة وهبة ربانية للجزائريين مقابل جهادهم وكفاحهم الطويل.

ودعا الأجيال الصاعدة لأخذ العبرة من هذا اليوم الأغر الذي ينبغي أن يكون عامل قوة وجمع واتحاد في وجه المؤامرات التي يحيكها الأعداء ضد هذا البلد الذي ينعم اليوم بالحرية والأمن والرخاء.

وشدد الرئيس بوتفليقة على ضرورة وأهمية حماية المكاسب التاريخية والحضارية التي حققها الجزائريون بفضل ثورتهم المباركة وعلى مدى مسارهم الجهادي والنضالي الذي يمتد إلى عقود زمنية طويلة ، معتبرا ذلك من قبيل الوفاء للشهداء وللتاريخ الذي كتبه الأسلاف بدمائهم الزكية.

وتشجيعا للطلبة والتلاميذ على الإهتمام بتاريخ بلادهم والعناية بمسيرة قادة الجهاد ضد الإستعمار الصليبي الحاقد ، نظمت مختلف المؤسسات العلمية والثقافية وكذا الجمعيات المهتمة مسابقات ثقافية وفكرية ورياضية بمناسبة غرة نوفمبر كما كرمت وزارة المجاهدين بعض الكتاب والمجاهدين والصحفيين على اهتمامهم وعطائهم وإسهاماتهم في التعريف بمآثر ومناقب وخبايا ثورة التحرير المباركة التي تعتبر حلقة هامة من حلقات التاريخ العربي والإسلامي المجيد.