الكويت: قال الرئيس الاميركي الاسبق بيل كلينتون ان دول الخليج يجب ان لا تقلق او تخشى من مقترحات الادارة الاميركية الجديدة بتقليل الاعتماد على النفط كمصدر للطاقة والاعتماد على البدائل.

واوضح في رده على مجموعة من الاسئلة التي طرحت عليه خلال الندوة السنوية لبنك الكويت الوطني الليلة ان على دول المنطقة ان تضع امامها مجموعة من الاعتبارات ومنها ان غالبية واردات اميركا من النفط تاتي من الدول المجاورة لها كالمكسيك.

واضاف ان الولايات المتحدة ليست المستهلك الرئيسي للنفط في العالم لان هناك العديد من الاقتصادات الناشئة وفي مقدمتها الصين والهند والتي تنمو معدلات استهلاكها للنفط عاما بعد عام وتعتبر اسواقا رئيسية لنفط الخليج. واكد كلينتون على ان دول المنطقة يجب ان ترحب بالسياسات الاميركية الداعمة لتقليل الانبعاثات الحرارية الناجمة عن النفط وان لا تقلق منها او تخشاها لان ذلك في النهاية يصب في صالح البيئة العالمية.

وحول الشيء الذي ود ان يفعله قبل مغادرته البيت الابيض بعد ثماني سنوات من الحكم قال كلينتون انه كان يحلم بان يحل قضية الصراع الاسرائيلي الفلسطيني مشيرا الى ان الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات خسر فرصة ذهبية في قبول الاتفاق الذي طرح في عهد كلينتون والذي لو حدث وقتها لكانت المنطقة اكثر استقرارا الان. واضاف انه كان يتمنى ان يحقق السلام بين سوريا واسرائيل بما يحقق مصلحة الطرفين كما اعرب عن امنياته لو نجح في ايقاف المذابح التي شهدتها رواندا والتي اوت بحياة مئات الالوف.

واشار كلينتون الى ان عام 2000 كان فيصلا وانه لو تم استغلال الفرص التي اتيحت وقتها لزرع السلام بين العرب والاسرائيليين لما وصلت الامور الى ماو صلت اليه الان من تدهور.

وردا على سؤال حول القوى الجديدة قال كلينتون ان امامنا حاليا مجموعة من القوى وهي روسيا والاتحاد الاوروبي و الصين الى جانب الهند وباكستان. واوضح انه من المهم فهم السياسة الروسية القائمة على محاولات روسيا quot;استعادة عظمتهاquot; التي فقدتها بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ولكن دون العودة الى الشيوعية او حلف وارسو.

وبالنسبة للاتحاد الاوروبي فانه على الرغم من الانجازات التي حققها فان هناك العديد من الدول التي ترفض التخلي عن هويتها وهو ما يشكل عائقا امام بروز الاتحاد الاوروبي كقوة. واضاف ان الصين من القوى الناشئة وان ابرز ما يميزها انها لم تكن دولة غزو او توسع في حين يعطي توقف النزاع الهندي - الباكستاني فرصة لنشوء قوى جديدة ومؤثرة عالميا.

وحول ابرز التحديات التي تواجه منطقة الشرق الاوسط قال كلينتون ان المنطقة مطالبة اولا ان تحل مشكلاتها التاريخية quot;كالصراع العربي الاسرائيلي وتوسع الطموحات الايرانيةquot; ثم بعد ذلك يمكنها ان تتفرغ اكثر لمواجهة تحدياتها الاخرى.

وحول موقف الادارة الاميركية الجديدة من سوريا وايران قال كلينتون انه لا يوجد اختلاف على ضرورة استخدام كل الوسائل الدبلوماسية لحل المشكلات التي تتعلق بهاتين الدولتين. واضاف ان الامور بدون شك ستكون افضل اذا ما قررت سوريا الابتعاد عن ايران والتقارب اكثر مع الدول العربية واسرائيل مشيرا الى ان ايران فهمت بصورة خاطئة ان اوباما يرغب في التفاوض معهم بشان القضايا التي اثيرت مؤخرا.

وردا على سؤال حول ما اثير عن اختيار زوجته هيلاري لمنصب وزير الخارجية في حكومة اوباما قال كلينتون ضاحكا quot;لقد سمعت بالامر مثلكم وانا في طريقي الى الكويتquot; مضيفا ان هذا الامر في النهاية يتعلق بالرئيس المنتخب باراك اوباما وان الجميع على ثقة من اختياراته لجميع المناصب مؤكدا ان مساندتها له لم تكن بهدف الوصول الى منصب.

ليس امام ادارة اوباما الا ضخ المزيد من السيولة حتى استعادة الثقة

و في الشأن الإقتصادي،قال كلينتون ان ادارة الرئيس الاميركي المنتخب باراك اوباما ليس امامه سوى quot;ضخ المزيد من السيولة في الاقتصاد لغاية استعادة الثقةquot;. واوضح ان الجميع حول العالم بحاجة الى استعادة الثقة في المؤسسات المالية بعد الانهيارات التي تعرضت لها بصورة ربما كانت فجائية وغير متوقعة بعد سنوات الازدهار.

واضاف ان قرارات قمة العشرين الكبرى التي اختتمت اعمالها في واشنطن امس سعت وبقوة الى وضع معايير للشفافية مؤكدا انه اذا كان احدا لا يقبل المسائلة فانه على الاقل لا بد من وجود نظام شفاف لانتقال الاموال بين الحدود.

ولخص كلينتون الوضع الحالي قائلا ان تريليونات الدولارات اختفت ولا بد من استعادتها وهو الامر الذي يشغل بال الجميع حاليا وهو امر يرتبط اولا واخرا باستعادة الثقة في المؤسسات المالية حول العالم. واشار كلينتون الى ان احد اهم اسباب الازمة المالية الحالية التي يعيشها الاقتصاد الامريكي والتي القت بظلالها على دول العالم يرجع الى ان 90 في المئة من الارباح التي تم جنيها في السنوات الاخيرة ذهبت الى 1 في المئة من الامريكيين فقط. واوضح ان المشكلة تكمن في ان سنوات الرخاء التي شهدها الاقتصاد الامريكي لم تفلح في ايجاد الكم المطلوب من فرص العمل ولم تحقق الرفاهية للجميع.

واشار الى ان الازمة المالية التي يعيشها العالم حاليا تكمن في ان الشرارة الاولى انطلقت كما يعرف الجميع من اكبر اقتصاد عالمي وهو الولايات المتحدة مما جعل اثارها السلبية تمتد وبقوة الى مختلف انحاء العالم بسبب الارتباط القوي بين الاقتصاد الامريكي وبين الاقتصاديات العالمية. واضاف ان الجميع ايضا يعرف اسباب هذه الازمة والتي ترجع الى ارتفاع المخاطر وانتشار الرهونات خاصة فيما يتعلق باحد اهم ركائز المعيشة وهو السكن ما ادى الى فقدان الكثيرين لمنازلهم بسبب الرهن العقاري اضف الى ذلك انخفاض مستوى الشفافية لدى المؤسسات المالية وهو ما ادى الى انهيار الكثير منها ودخول الاخرين في ازمة حقيقية.

واشار كلينتون الى انه في عام 2006 انقسمت اموال الامبركيين بصورة اساسية بين قسمين الاول الانفاق على السكن ما ادى الى نشوء ظاهرة الرهن العقاري التى كانت احد اسباب الانهيار والثاني الانفاق الاستهلاكي الذي ارتفع بشدة واصبح يمثل حوالي 60 في المئة من انفاق الامبركيين.

وضرب مثالا بقوله quot;لو كنت اعمل كسمسار في عام 2001 وجاءني شخص طالبا مني استثمار امواله لكنت استثمرتها في العقار والسكن حيث كان الجميع مقبل وبشدة على هذه النوعية من الاستثماراتquot;. واضاف كان طبيعيا ان يتم ضخ المليارات من الدولارات في العقارات والانشطة المتعلقة بها في وقت لم تكن هناك اية حدود للرهن العقاري ومن ثم كان طبيعيا ان تنفجر الامور ويصبح هناك ازمة بات الجميع يعرفها باسم ازمة الرهن العقاري التي كانت احد اسباب انفجار الموقف.

واشار الى بعض اخطاء الحكومة الاميركية ومنها عدم مساعدتها لرابع اكبر بنوك الولايات المتحدة (ليمان برازر) وكان ذلك في منتصف سبتمبر الماضي ما ادى الى حدوث اختلالات حادة ادت الى الانهيار الحاصل حاليا والذي بدا في اكتوبر الماضي بحدة.

واضاف quot;حاولت الحكومة الاميركية وقتها ضخ السيولة في البنوك الا ان ذلك لم يؤتى الثمار المرجوةquot; مشيرا الى انه ربما كانت تلك البداية لانتشار الازمة عالميا. ووصف حالة الهلع التي اصابت دول العالم فالبنوك توقفت حتى عن اقراض اكبر وافضل عملائها والمودعين بدؤا بسحب ودائعهم والاكثر من ذلك ان شركات كبيرة لم تحقق خسائر ولكنها وجدت نفسها فجاة مطالبة بسداد ديونها.

واشار كلينتون الى ان الجميع حاليا يصنف ضمن قائمة الخاسرين فالاستثمارات انهارت قيمتها بحدة واسعار النفط وصلت الى مستوياتها الدنيا دون الخمسين دولار بعد ان تجاوزت مستوى ال 140 دولار في يوليو الماضي.

وحول رؤيته للحل قال كلينتون ان quot;الجميع يسعى الان الى ايجاد الحلول ولكن علينا ان نستفيد دائما من تجارب الاخرين ومن الخبرات التاريخيةquot;. واوضح ان اليابان تعطينا نموذجا لذلك ففي الوقت الذي كانت الازمة الاقتصادية تعصف بها في التسعينيات استمرت الحكومة اليابانية في تنفيذ مشاريع البينة التحتية لان ذلك عمل على ايجاد المزيد من فرص العمل للالاف.

واضاف ان الولايات المتحدة مطالبة ان تستمر في مشاريعها وان لا تجعل الازمة توقف الحركة الاقتصادية لان ذلك من شانه ان يزيد من اعداد العاطلين عن العمل ما يعني المزيد من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية.

واشار الى انه من الخطا الانتظار في تنفيذ هذه المشاريع الى حين تعافي الاقتصاد لان الاستمرار في تنفيذها سيكون هو العامل المؤثر في استعادة الاقتصاد لقوته.

وقال الرئيس الاميركي الاسبق quot;علينا اصلاح النظام المالي والتعاطي مع الاقتصاد الكلي بشكل كامل وهو ما سيؤثر بالتبعية على الحالة النفسية للمتعاملين في الاسواق المالية ومن ثم تستعيد الحياة الاقتصادية طبيعتهاquot;.

وحول التضخم قال الرئيس كلينتون ان التضخم لا يجب ان يكون بالامر المقلق لان الاخطر هو تراجع النمو الاقتصادي بسبب شح السيولة ونقصها.

وكان الرئيس التنفيذي لمجموعة بنك الكويت الوطني ابراهيم دبدوب قد القى في بداية الندوة كلمة اكد فيها أن انعقاد هذه الندوة هذا العام يأتي في وقت يعاني فيه الاقتصاد العالمي من اضطرابات حادة وذلك في تحول يناقض بصورة كبيرة حالة الانتعاش الاقتصادي التي شهدناها في السنوات السابقة.

واضاف quot;تضافر انخفاض أسعار الأصول مع الاضطرابات الحادة في أسواق الائتمان ومشاكل السيولة في القطاع المصرفي العالمي لتشكل معا أزمة قلما يشهد القطاع المالي العالمي نظيرا لها من جيل لاخرquot;. واوضح انه علاوة على الصعوبات الجدية التي تطرحها هذه الاضطرابات أمام البنوك فانها تطرح تحديا كبيرا أمام السلطات المالية العالمية التي تنحصر مهمتها الرئيسية الان في اعادة الهدوء والاستقرار للقطاع المالي والمساعدة على تحرير أسواق الائتمان من أجل الحد من تدهور الأوضاع التي يواجهها الاقتصاد العالمي.

وتطرق دبدوب الى الاجتماع الاخير لمجموعة العشرين والذي اعتبره خطوة هامة في الاتجاه الصحيح لاسيما مع دعوتهم من اجل تعاون اوثق على صعيد الاقتصاد العالمي ومراجعة اوسع لاسباب الازمة الراهنة للوصول الى الحلول الافضل. واشار دبدوب الى الظروف في منطقة الخليج شهدت تغيرا هي الأخرى فبعد سنوات من الازدهار بفضل ارتفاع أسعار النفط الخام. وعلى الرغم من قيام حكومات بلدان المنطقة بادخار قسم كبير من فوائض العائدات النفطية الا أنها حرصت أيضا على أن يلمس مواطنوها مزايا وخيرات هذه الفوائض.

واضاف quot;يمكن القول الان أن مستقبل اقتصاديات منطقة الخليج وعلى غرار مناطق العالم الأخرى يكتنفه الكثير من الغموض وفي الوقت الذي تتيح فيه الاحتياطيات المالية التي تم ادخارها خلال سنوات الرخاء قدرا كبيرا من الراحة فانه سيكون من الاستحالة بمكان أن تحمي الاقتصاديات المحلية من صدمات عالمية أوسع نطاقا كما يبدو من الانخفاض المتواصل لكل من أسعار النفط والأسهم الاقليميةquot;.
واشار الرئيس التنفيذي لمجموعة الوطني في ختام كلمته الى ان ثقافة البنك المهنية المرتكزة على الحكمة والانضباط في ادارة المخاطر وموزانتها مع النمو المستديم اكسبته مركزا ماليا مميزا على مستوى المنطقة.