أشرف أبوجلالة من القاهرة: استراتيجيات متغيرة ورؤي متباينة تضعها القاعدة بين الحين والآخر نصب عينيها في سبيل تحقيق أهدافها علي المدي الزمني البعيد ، وربما يصف محللون الفكر الذي يتبعه التنظيم الإرهابي بالفكر الاستثنائي ليس فقط علي الصعيد الخططي ، بل أيضا علي الصعيد التنفيذي، والمتابع المتفحص للتنظيم يدرك حجم وأبعاد هذه السياسية. وفي هذا السياق أبرزت اليوم صحيفة quot;وول ستريت جورنالquot; الأميركية الضوء علي التصريحات المثيرة التي صرح بها الجنرال جيمس كونواي، قائد سلاح مشاة البحرية الأميركية وعضو هيئة الأركان المشتركة في مقابلة خاصة معها، والتي أكد فيها علي أن القاعدة تصوب الآن كامل تركيزها علي باكستان بدلا من العراق ، وأن القاعدة ضاعفت من مجهوداتها لزعزعة استقرار الدولة المسلحة نوويا ً بمنطقة جنوب آسيا.

وفي حيثيات تصريحاته المثيرة للصحيفة ، قال كونواي :quot; لم يعد العراق محور اهتمام كبير من جانب القاعدة. فقد غير التنظيم الآن من تطلعاته الإستراتيجية نحو باكستان وليس أفغانستان، لأن باكستان هو المكان الأقرب حيث الصلة بالإرهاب والأسلحة النووية quot;. كما عرض كونواي تقييم صارخ للوضع في أفغانستان، قائلا أن طالبان قامت بتأسيس شبكة بدائية للقيادة والتحكم التي تمكن قيادة التنظيم من توجيه الهجمات في شتي أرجاء العالم.

وأوضح :quot; تقوم القاعدة بتحريك عناصرها التابعة لها. ويقومون بتمويلهم، ويزودونهم بالأموال. وتعد تلك الطريقة طريقة فاعلة وواقعية. كما أن تلك الإستراتيجية بعيدة كل البعد عن عنصر المصادفة quot;. وأشارت الصحيفة إلي أن مسؤولين مدنيين وعسكريين أميركيين بارزين قد تزايدت لديهم معدلات التشاؤم بشأن أفغانستان وباكستان. وقد قام الأدميرال مايك مولين، رئيس هيئة الأركان المشتركة، بإخبار المشرعين الشهر الماضي أنه يخطط لتطوير استراتيجية جديدة للحرب في أفغانستان التي ستركز للمرة الأولي علي كلا الدولتين، التي قال عنها أنها ترتبط ارتباطا وثيقا بتنامي معدلات التمرد التي تعبر الحدود بينهما.
فعلي مدار سبعة أعوام من الحرب في أفغانستان ، تشن حركة طالبان المسلحة هجمات يومية علي القوات التابعة لمنظمة حلف شمال الأطلنطي. كما قتلت المزيد من القوات الأميركية في أفغانستان كل شهر أكثر من معدلات الوفاة التي كان يشهدها العراق، كما تزايدت معدلات الوفيات المدنية الأفغانية. وقال مسؤولون استخباراتيون أن المسلحين الأجانب الذين لاذوا بالفرار ذات يوم إلي العراق يسافرون الآن إلي أفغانستان ، وبحوذتهم قنابل وأسلحة أكثر تطورا ً. وكان الجنرال دافيد ماكيرنان، القائد الأعلى للقوات الأميركية في أفغانستان، قد طلب قوات إضافية تصل إلي 20 ألف جندي علي الأقل، كما أشارت إدارة أوباما الجديدة إلي أنها سترسل التعزيزات في فترة ما خلال العام المقبل. وسوف ترفع هذه التعزيزات من مستويات القوات الأميركية هناك لأكثر من 52 ألف جندي، وهو ما يعد رقما قياسيا.

كما أكد الجنرال كونواي علي أن الجيش الأميركي يحتاج لإعادة تأهيل نفسه استجابة ً للظروف المتغيرة التي تشهدها كلا من العراق وأفغانستان. وأضاف quot; أن الوضع الأمني في العراق بدأ يتحسن كثيرا ً للمرة الأولي وبدا وكأن الأمر تفوح منه رائحة الانتصار، ويجب أن تمهد تلك المكاسب الطريق أمام انسحاب حوالي 20 ألف من القوات البحرية خلال العام المقبل والمنتشرين حاليا في البلاد. كما سيساهم ذلك في تحرير المزيد من مشاة البحرية إلي أفغانستان، حيث من المتوقع أن ترتفع وتيرة أعمال العنف هناك في العام المقبل. كما عبر كونواي عن تنامي مشاعر القلق لديه من تزايد أخطار تعرض القوات الأميركية للهجوم في باكستان وأفغانستان ، مستبعدا احتمالية حدوث ذلك في العراق بنفس هذه الطريقة. وتزامن ذلك مع تصريحات مسؤولين باكستانيين يؤكدون فيها علي حاجتهم لمليارات الدولارات لفرض مزيد من الاستقرار علي الصعيد الاقتصادي.