طرابلستؤكد ضرورةمعاقبة المسؤولين
ليبيا ما زالت تطالب سويسرا بإعتذار عن توقيف هنيبعل القذافي
طرابلس: أعلن دبلوماسي ليبي كبير مساء الخميس أن ليبيا ما زالت تطالب سويسرا بإعتذارات وبفرض عقوبات على المسؤولين عن توقيف هنيبعل القذافي أحد أبناء الزعيم الليبي معمر القذافي في تموز/يوليو الماضي في جنيف. وقال نائب وزير الخارجية الليبي للشؤون الأوروبية عبد العاطي العبيدي في مؤتمر صحافي quot;إن السلطات السويسرية كانت قد عبّرت عن استعدادها لتقديم اعتذاراتها في الأيام الأولى التي تلت عملية الإعتقال. لكن ما نريده أول الأمر هو أن تظهر الحقيقة ويعاقب المسؤولونquot;. وأوضح العبيدي ان البلدين شكلا لجنة قانونية مشتركة للتحقيق في ظروف اعتقال هنيبعل القذافي وزوجته في 15 تموز/يوليو في جنيف.
واضاف العبيدي ان quot;مطالب الجانب الليبي من الحكومة السويسرية ليست مطالب مزاجية بل نتيجة عمل اللجنةquot;. وفي بيان وزعته على الصحافيين، طالبت وزارة الخارجية الليبية quot;ان تقرر (الحكومة السويسرية) ان المعاملة التي تعرض لها الدبلوماسي الليبي (هنيبعل) وعائلته كانت غير مبررة ومخالفة لقوانين جنيفquot;.
ودعا البيان السلطات السويسرية quot;الى اتخاذ الاجراءات اللازمة لمحاكمة المسؤولين في شرطة جنيف عن الاجراءات غير القانونية التي ارتكبت في حق المواطنين الليبينquot;. وقد اثارت هذه القضية غضب طرابلس التي هددت بوقف صادرات النفط الى سويسرا واعلنت سحب جميع ودائعها من الاتحاد السويسري.
وفي بداية الاسبوع، ألغت ليبيا رحلات خطوط الطيران السويسرية الى طرابلس quot;لأسباب فنيةquot;، كما افاد المتحدث باسم الشركة جان كلود دونزيل الثلاثاء. واكد العبيدي استعداد بلاده لاتخاذ quot;تدابير جديدة ضد الاتحاد السويسري للدفاع عن حقوق مواطنيهاquot;.
هنيبعل القذافي |
وتعود أحداث القضية لإستنجاد اثنين من الخدم الخاص اللذين اصطحبهما هنيبال القذافي وزوجته بالشرطة السويسرية في 15 يوليو، بعد تعرض الخادمة التونسية quot; للضرب وسوء المعاملة quot;. وهو ما أدى بشرطة جنيف الى إقتحام مكان الإقامة وإلقاء القبض على هنيبال ووضعه رهن الاعتقال ليومين قبل تقديمه لقاضي التحقيق برفقة زوجته والإفراج عنهما في 17 يوليو مقابل كفالة مالية تقدر بـ 500 ألف فرنك سويسري. رواية محامي الدفاع عن الخادمين فرانسوا مومبرز أشارت إلى أن quot;موكليه تعرضا للاحتجاز والاستغلال والضرب والسبquot;، وأفادت بأن الخادمة التونسية quot;تحمل آثار أضرار تحت العين... وآثار لكمة من هنيبالquot;.
أما الدكتورة عائشة القذافي، شقيقة هنيبال التي طارت على الفور إلى جنيف للوقوف الى جانب شقيقها، فقد صرحت للصحافة بأن quot;هذه القضية ما هي إلا مكيدة من قبل الخدم للحصول على حق اللجوء في سويسراquot;، وهاجمت شرطة جنيف متهمة إياها بـ quot;القيام بإجراء غير قانوني... وبشكل لا يتناسب مع الشكوىquot;، ولم تتردد في وصف تصرف الشرطة السويسرية بأنه quot;إجراء كراهية وعنصرية ومعادٍ للسامية العربيةquot;، على حد قولها.
وصرح الناطق باسم شركة الطيران السويسرية quot;سويسquot; بأن سلطات الطيران المدني الليبية أشعرت يوم السبت 19 يوليو بأنه تقرر quot;الاحتفاظ برحلة واحدة بدل ثلاثةquot; التي كانت تنظم أسبوعيًا بين جنيف وطرابلس. والشيء نفسه انطبق على شركة الطيران الليبية quot;الإفريقيةquot;. وآخر تطور مفاجئ في هذا المجال، جدّ في منتصف شهر ديسمبر الجاري عندما توصلت شركة quot;سويسquot; للطيران بخطاب من السلطات الليبية ينص على إلغاء الرحلة الوحيدة التي تم الإبقاء عليها بين جنيف وطرابلس، وإغلاق مكاتب الشركة السويسرية في العاصمة الليبية.
وإذا كانت الأنظار قد توجهت منذ اللحظات الأولى إلى إمكانية لجوء ليبيا الى استخدام عقوبة النفط نظرًا لأنها تزود سويسرا بحوالى 48% من استهلاكها النفطي، فإن هذا الاحتمال سرعان ما تردد في 22 يوليو في بيان مشترك للشركة الوطنية الليبية للنقل البحري وشركة الموانئ الليبية quot; بمنع شحن السفن المتوجهة الى سويسراquot;، وأعيد تأكيده في أخبار صحفية في 10 أكتوبر. ولكن السلطات الرسمية السويسرية والسلطات النفطية السويسرية لم تتوصل بأي إشعار رسمي بذلك. وحتى ولو قلل المسؤولون النفطيون والسياسيون السويسريون من أهمية وقف ضخ النفط الليبي الى سويسرا، إلا أن رئيس الكنفدرالية باسكال كوشبان عبـّر عن الأمل في أن quot;تبقى التهديدات الليبية في مستوى الخطاب فقطquot;.
ليبيا تزود سويسرا بحوالي 48% من استهلاكها النفطي |
والشيء نفسه تردد بخصوص سحب الإيداعات الليبية المتواجدة في البنوك السويسرية والمقدرة بحوالى 6،6 مليار فرنك. وهذا ما أكده السفير السويسري في طرابلس يوم 12 أكتوبر بتصريحه لوسائل إعلام سويسرية بأن quot;وزارة الخارجية الليبية قدمت في 10 أكتوبر مذكرة توضح فيها بأن طرابلس سوف لن توقف شحنات النفط الخام وسوف لن تسحب أرصدتها من بنوك الكنفدراليةquot;.
متظاهرون قرب السفارة السويسرية في طرابلس |
ما هي صيغة الاعتذار ومن يُقدمها؟
وحسب آخر المعلومات المتوفرة عن هذه القضيةوفق ما ذكرتquot;سويس انفوquot;، تجري حاليًا، وبشكل دوري، مفاوضات في جنيف، وفي قصر الأمم المتحدة بالتحديد، بين الوفدين الليبي والسويسري للتوصل إلى صيغة مقبولة للطرفيين. وإذا كان الأمر يدور حول كيفية الاعتذار، فإن المشكلة القائمة هي حول من عليه تقديم هذا الاعتذار، إذ إن الليبيين يطالبون بأن يكون اعتذارًا رسميًا في الوقت الذي رددت فيه السلطات الفدرالية بأن الأمر بين أيدي سلطات جنيف، وبالأخص بين أيدي القضاء فيها.
وقد نشرت وسائل إعلام سويسرية يوم 23 ديسمبر عينات مما دار في جولات التفاوض السبعة التي تمت بين ممثلي الطرفيين في جنيف يمكن تلخيصها فيما يلي: quot;مطالبة الزعيم الليبي سويسرا بتقديم تعويض يقدر بـ 300 ألف فرنك يُمنح لصندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة quot;يونيسفquot;، وضرورة معاقبة رجال الشرطة الذين قاموا بالتحقيق، وبما يعتبره الجانب الليبي quot;اعتقالا غير مبررquot;، ومطالبة السلطات في جنيف ومجلس القضاء بالتحقيق في هذه القضية وإشعار الجانب الليبي بالنتائجquot;.
وإذا كانت عدة جهات رسمية سويسرية قد قدمت شبه اعتراف بأن تدخل الشرطة كان أقوى مما كان مطلوبًا في هذه الحالة، بل أنها قدمت اعتذارا بهذا الشأن للسلطات الليبية كما جاء في محضر المفاوضات بين الطرفيين الذي نشرته وسائل الإعلام السويسرية، فإن الجانب الليبي يبدو غير مقتنع بتلك الاعتذارات ويرغب في أن تصدر عن جهات رسمية أعلى من ذلك. وكما قال أحد المراقبين، فقد quot;ضيعت سويسرا فرصة غلق الملف نهائيًا لو ربطت ذلك بإقدام قضاء جنيف على حفظ القضية المرفوعة ضد هنيبال وآلين القذافي بعد سحب الخادمين لشكواهماquot;.
التعليقات