الإستياء السوري من السعودية في الذروة
خلفيات نصح المملكة والكويت لرعاياهما بتجنب لبنان

إيلي الحاج من بيروت: إستنتجت الرياض إثر إغتيال المسؤول الأمني والعسكري في quot;حزب اللهquot; عماد مغنية يوم 12 من الشهر الجاري في دمشق أن ثمة نيات غير سليمة إطلاقاً حيالها، مما دفعها إلى توجيه النصح لرعاياها بتجنب السفر إلى لبنان في هذه المرحلة. القرار نفسه الذي إتخذته دولة الكويت أمس الخميس بفارق أيام بعد تلقي سفارتها في بيروت تهديدا بقصفها على خلفية قضية مغنية ، ولكن بتفاصيل مختلفة. فقبل أن تمر ساعات معدودة على جريمة التفجير التي أودى بالمسؤول الكبير في quot;حزب اللهquot;، وحتى قبل بدء التحقيق في ماجرى كانت مواقع عدة على الأنترنت تستقي أخبارها وتوجيهاتها عادة من النظام السوري تتهم الأجهزة الأمنية السعودية بالمسؤولية عن اغتيال مغنية وتسمي أحد أركان الحكم السعودي على أنه الفاعل، وذلك عبر جهاز أمني تعاون مع المخابرات الأردنية والأميركية والإسرائيلية، وصولاً إلى قوى 14 آذار/ مارس المناهضة للنظام السوري في دمشق . السلطات الأردنية لم تعلق ولكن السعودية لم يكن في إمكانها تجاهل إشارة الإنذار القوية هذه، لأنها جاءت بعد تصاعد حملات كلامية سياسية شديدة الوطأة في بيروت ضد المملكة العربية السعودية التي يعلم سفيرها في لبنان عبد العزيز خوجة تمام العلم أنها حملات صادرة عن شخصيات شديدة الإلتصاق بالنظام السوري ، مثل النواب السابقين ناصر قنديل ونجاح واكيم وطلال إرسلان والوزير السابق وئام وهاب والجماعات التي تسمي نفسها quot;الأحزاب والقوى الإسلامية والوطنيةquot; وفيها البعث السوري والسوري القومي الإجتماعي وهيئات وشخصيات محسوبة كلياً على دمشق. ولم توفر في تهجماتها أي رمز في المملكة شاملة سياستها في المنطقة والعالم ككل.

ووصلت التعابير عن الإستياء والضيق السوريين من السياسة السعودية خصوصا في لبنان إلى حد إتهام رئيس مجلس الأمن الوطني الأمير بندر بن سلطان، في حديث ملفق نسب إلى ضبط أمن لبناني كبير- نفاه كلياً وكذلك المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي- ونشر بكثافة على مواقع الأنترنت ورسائل ألكترونية، بأنه مسؤول عن كل الإغتيالات السياسية والتفجيرات التي شهدها لبنان، من الرئيس الراحل رفيق الحريري إلى الرائد في شعبة المعلومات المنسق مع لجنة التحقيق الدولية وسام عيد.

وعندما بدأت تُسرب قصداً إلى الأوساط السياسية والصحافية معلومات مكشوفة المصدر مفتقدة الركيزة والسند عن جولة وزير الخارجية السعودية الأمير سعود الفيصل، فحواها أنه يحض أوروبا والولايات المتحدة ومنظمة الأمم المتحدة على فرض عقوبات على سورية حتى قبل حلول موعد القمة العربية في 28 آذار / مارس المقبل في دمشق، أدركت المملكة أن التعبئة ضدها بلغت ذروتها وقد تترجم عملياً أعمالاً وممارسات لا يمكن التكهن بما تكون وبمداها . في تلك الحقبة قال سياسي لبناني لquot;إيلافquot;: quot;الله يستر السعوديينquot; ، مضيفاً أنه لم يشهد تحريضاً سورياً بهذه القوة في لبنان على نظام عربي إلا قبل تفجير مقر السفارة العراقية في منتصف ثمانينات القرن الماضي.

أما الكويت التي حاول رئيس مجلس وزرائها الشيخ ناصر محمد الأحمد الصباح في دمشق الأسبوع الماضي تقريب وجهات النظر بين المملكة العربية السعودية وسورية وإنقاذ القمة العربية المهددة بعدم الإنعقاد بسبب الأزمة اللبنانية التي تتهم سورية بعرقلة حلها، فهي تحسب لدى دمشق بأنها قريبة من الرياض لكن ذلك ليس كافياَ لمعاملتها بخشونة في لبنان. وما حصل بحسب معلومات خاصة ل quot;إيلافquot; أن ثمة لبنانيين كثيرين من بين ألف شخص شاركوا في مجلس العزاء وحفل التأبين الذي أقيم في الكويت للقيادي في quot;حزب اللهquot; عماد مغنية، وضم إلى اللبنانيين كويتيين وبحرانيين وإيرانيين، وقد أحيلوا جميعاً تقريباً إلى النيابة العامة في الكويت ويمكن أن تصدر أحكام بترحيل quot;الوافدينquot; أو جزء منهم إلى بلدانهم ، باعتبار أن القضية quot;ساخنة جداًquot; في دواوين الكويت وصحفها. وتهديد السفارة الكويتية في بيروت بالقصف الصاروخي قد لا يكون جدياً لكنه هو الآخر إنذار فهمته سلطات الأمارة جيداً. خصوصأ أن مغنية نفسه بدأ أنشطته خارج لبنان في الكويت بطريقة مشابهة ، إذ كان يريد حملها على إطلاق سراح بعض الأشخاص الذين حاولوا اغتيال الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح منتصف الثمانينيات وبينهم أقارب له، وحصل على مراده بالقوة والقتل والخطف والتهديد في نهاية الأمر. لكنه ترك في الكويت مرارات انعكست لمدة على فئة من اللبنانيين، الذين يقدرون بنحو أربعين ألفاً هناك من مختلف الطوائف والمناطق، قبل أن تندمل آثارها وتعود تستيقظ اليوم.