قصي صالح الدرويش من باريس: في كل مرة أزور القاهرة أحرص على لقاء الصديقة العزيزة إيناس الدغيدي لتطلعني على جديد نشاطاتها السينمائية وأخبارها العامة المهمة والمثيرة. والجلسة مع الدغيدي لها طعم خاص، ليس فقط لكونها مخرجة كبيرة وموهوبة إضافة إلى إثبات جدارتها كإعلامية شاطرة مطلعة ومنطلقة، بل أيضا لتفوقها في ميدان النميمة التي من الصعب مقاومتها. وجلستنا الأخيرة اكتست نكهة مضاعفة بحضور النجمة الجميلة والطيبة والأنيقة واقصد الصديقة العزيزة جدا يسرى التي استمعت وإياها إلى حديث إيناس عن فيلمها الجديد الذي كتب قصته مصطفى محرم ويقوم علي أبو شادي بمراجعته حاليا. لكن الحديث عن الفيلم الجديد لم يستغرق طويلا، إذ كان لدى إيناس خبر آخر أبسط ما يقال عنه إنه مفاجئ وهو مشروع لإنشاء قناة تلفزيونية خاصة. وهذه القناة التي سيشارك في تمويلها مساهمون خليجيون ستحمل اسم quot;الجريئةquot; وهي تسمية تنطبق على مجمل الأعمال السينمائية التي أدارتها إيناس الدغيدي إخراجا أو إنتاجا، ففي أعمالها التي تجاوزت 15 فيلما، دافعت إيناس عن حق المرأة في الحياة والعمل والحب، متصدية لكافة أشكال التزمت والجهل. ضمن هذه المعطيات يكون من المشروع توقع النجاح الإعلامي والتجاري لقناة quot;الجريئةquot;، ولا شك أن تجربة إيناس الإنتاجية مع قناة روتانا بعد توقف صديقتها هالة سرحان عن العمل فيها قد فتحت شهيتها للعمل في المجال التلفزيوني فجاء قرار إنشاء quot;الجريئةquot; ليتيح لها التوسع في تجربتها، خاصة وأن هناك آفاقا تجارية واعدة للقنوات الجريئة.
لكن إلى أي حد ستسمح مقاييس الرقابة بمثل هذه الحرية، خاصة في ظل قوانين جديدة مثل وثيقة تنظيم البث الفضائي التي تقيد حرية التعبير في مجالات عدة في مقدمتها السياسة بالطبع. على أي حال، هذه الوثيقة التي أقرها وزراء الإعلام العرب (باستثناء قطر ولبنان) أثارت انتقادات حادة في أوساط المثقفين ورجال الإعلام، لكنها لم تمنع ظهور عدة مشاريع لإنشاء قنوات تلفزيونية جديدة، إذ يحضر رجل الأعمال محمد أبو العينين لإطلاق عدة قنوات خاصة، بينما يستعد ابراهيم المعلم صاحب دار الشروق لإصدار صحيفة يومية مستقلة أوكل رئاسة تحريرها للصحافي المعروف سلامة أحمد سلامة والمعلم يطمح بأن يكون طابع صحيفته الجديدة مصريا عربيا يرتقي بها على مستوى صحف هامة مثل الحياة أو النهار أو الشرق الأوسط. وإلى جانب صحيفة الشروق يعمل المعلم على إقامة قناة تلفزيونية خاصة تحمل بدورها اسم الشروق ويشرف على التحضير لها صديقنا العزيز عمرو خفاجي الذي أدار قنوات دريم المصرية قبل أن يقدم استقالته بعد أن حقق تألقا فنيا وسياسيا للقنوات، بدليل أن غيابه عنها ترك أثرا سلبيا على مستوى ما تقدمه. وتجدر الإشارة إلى أن خفاجي هو الذي يشرف على متابعة حلقات محمد حسنين هيكل التي تبثها قناة الجزيرة وله علاقات قديمة قوية في الكويت وفي دول الخليج إذ عرض عليه من قبل مسؤولية قناة عربية أخرى لكنه اعتذر. وعمل عمرو خفاجي سكرتير تحرير في مجلة روز اليوسف ثم انتقل إلى جانب محمد هاني لإعداد برنامج هالة سرحان الشهير الذي قدمته لسنوات على أي آر تي.
في لقاء النميمة الأسبوعي المعتاد في فندق حياة الكبير وبرعاية الصديق وحيد حامد يتجدد الحوار حول الصحافة والرقابة. أسأل الحضور عن أخبار الصديق وائل الأبرشي، النجم التلفزيوني والصحافي المعارض الذي يخضع للمحاكمة هو وثلاثة صحافيين معروفين في مصر، يستبعد الحاضرون أن يحكم على وائل بالسجن ويتوقع بعضهم أن يكون الحكم الأقسى من نصيب عبد الحليم قنديل فثمة احتمال أن تصل العقوبة إلى السجن. أما عن مصير الزميل ابراهيم عيسى الذي كان الأشد انتقادا للحكومة والرئيس مبارك وعائلته، فقال أحد المشاركين في الجلسة مازحا: إن ابراهيم عيسى يتمنى أن تصدر المحكمة حكما عليه بالسجن. الأكيد أن المحاكمة أرجئت أكثر من مرة، الأكيد أيضا أن النطق بالحكم على الصحافيين الأربعة سيكون محرجة جدا للنظام، سواء تقرر سجنهم أم لا، فقرار السجن لن يخدم الأمن ولا الحكم ولن يوقف الانتقادات العنيفة التي تكيلها صحافة المعارضة النظام، ناهيك عن اعتبار الصحافيين المتهمين ضحايا وأبرياء... وشهداء إذا اضطر الأمر.
أغلب المتحدثين الجلسة شددوا على أن المشكلة لم تعد بانتقاد رئيس الجمهورية وابنه ومسؤولي الحكم، فالنقد من هذه الزاوية لم يعد محرجا. المشكلة الأكبر اليوم تتعلق بنشاط الإخوان المسلمين والانتقادات الخاصة بهم، وهو الموضوع الذي حاول وزراء الإعلام العرب التصدي له وإيقافه في قرار الرقابة الفضائية.
وحول نقطة الرقابة هذه، توقف المشاهدون المصريون أمام حلقة أثارت الجدل في برنامج أحمد منصور الذي بثته قناة الجزيرة وحواره مع الكوميدي المغربي الساخر أحمد السنوسي وهو مشهور تحت لقب بظيظ. في هذه الحلقة تحدث بظيظ عن وزراء quot;الإعدامquot; العرب وتم تصويره مكمما مقيدا عاجزا عن لفظ أية كلمة صريحة. وتجدر الإشارة إلى أن بظيظ معروف بانتقاده الحكم في المغرب، حيث يمنع بث أعماله في التلفزيون وحيث يعتقد بعض المراقبين أنه يريد ـ مثل ابراهيم عيسى ـ أن يحكم عليه بالسجن. هذا مع العلم بأن بظيظ ليس متهما بالتقرب إلى الإسلاميين المتطرفين كما هو الحال بالنسبة لنجم التلفزيون محمود سعد الذي انتقد بدوره وبشدة قرار الوزراء العرب في حوار جدلي مثير مع وزير الإعلام انس الفقي. أيا كانت الحقائق هنا أو هناك فإن الجدل أمر إيجابي لأنه يدافع عن الديمقراطية ويحميها.
التعليقات