واشنطن: في الثاني والعشرين من ابريل الجارى تجرى جولة حاسمة فى الانتخابات التمهيدية فى الطريق إلى الرئاسة الأميركية بين المرشحين المتبقين فى الحزب الديمقراطى فى ولاية بنسلفانيا Pennsylvania هيلارى كلينتون Hillary Clinton وباراك أوباما Barack Obama ، تعقبها عدة ولايات آخري في هذا السباق المحتدم بين المرشحين على تذكرة التأهل الديمقراطية منهم ولايات إنديانا Indiana ونورث كارولينا North Carolina. وتستمد هذه الجولات أهميتها من أن قادة الحزب الديمقراطى يعولون عليها كثيرا فى لم شمل الديمقراطيين فى مواجهة المرشح الجمهورى جون مكين John McCain الذى يسعى حثيثا إلى إبقاء الجمهوريين لفترة رئاسية أخرى داخل المكتب البيضاوى. هذا الانقسام _ كما أشارت استطلاعات الرأى التى جرت مؤخرا ndash; يهدد بصورة كبيرة فرص كلا المرشحين فى الفوز بمقعد الرئاسة فى انتخابات نوفمبر القادمة.

وفى هذا الصدد اهتمت وسائل الإعلام الأميركية بالفرص التى يحظى بها كل مرشح من اجل حسم الصراع لصالحه قبل موعد انعقاد المؤتمر الانتخابى للحزب الديمقراطى فى أغسطس القادم.

تصريحات أوباما بين التأييد والرفض
وفى هذا الإطار أعد تيم رسيرت Tim Russert ndash; فى برنامجه واجه الصحافة Meet The Press الذى يبث على شبكة MSNBC الإخبارية ndash; حلقة خاصة عن جولة الانتخابات التمهيدية التى سوف تجرى فى ولاية بنسلفانيا Pennsylvania ، استضاف فيها عدد من المؤيدين والمناصرين للمرشحين الثلاث لمنصب الرئاسة.

فى البداية أشار رسيرت Russert إلى أن التصريحات التى أدلى بها باراك أوباما Obama ndash; والتي كانت سبابا أساسيا فى عاصفة انتقادات حادة وجهت له من قبل منافسته الديمقراطية هيلارى كلينتون Hillary Clinton والمرشح الجمهورى جون ماكين John McCainndash; الأسبوع الماضى حول الإحباط الذى أصاب الطبقات الشعبية (خصوصا طبقة العمال من ذوى الياقات الزرقاء) داخل الولايات المتحدة نتيجة عدم حصولها على دعم اقتصادى أو مستوى معيشة يلبى احتياجاتهم أو فرصة عمل ملائمة مما جعلها تلجأ إلى العنف أو الدين، وانتشرت فيما بينها تيارات معادية للمهاجرين وللآخر المختلف عنهم.

وفى هذا السياق أكد الديمقراطى جيمس كارفيل James Carville _ الذى كان أحد الدعائم الأساسية فى الحملة الانتخابية للرئيس الأميركى السابق بيل كلينتون Bill Clinton فى عام 1992 ndash; على أن هذا التصريح الذى أدلى به أوباما Obama يتضمن عدد من المعلومات غير الدقيقة من الناحية التاريخية، فنسبة الوظائف الشاغرة فى ولاية بنسلفانيا كانت قد ارتفعت بصورة كبيرة فى عهد الرئيس الأميركى بيل كلينتون Bill Clinton بعد أن فقد الكثير من الأفراد وظائفهم فى حقبة الثمانينات، بالإضافة إلى أن ثقافة حمل الأسلحة والبنادق هى جزء من الإرث الثقافى لدى سكان الولاية منذ القدم. وفى هذا الشأن ألمح كارفيل Carville إلى الفيلم الأميركى الشهير quot;The Deer Hunterquot; الذى عرض فى عام 1978 حول هذا الموضوع. يضاف إلى ذلك أن الدين يعتبر مكون أساسى من الثقافة الشعبية لسكان ولايات الجنوب وولايات الوسط الغربى فى الولايات المتحدة ، وبالتالى تجد أن سكان هذه الولايات يذهبون باستمرار وبصورة دورية إلى الكنائس ويحافظون على مختلف الشعائر الدينية.

فى حين ذكر بوب شريم Bob Shrum أحد المناصرين للسيناتور باراك أوباما Barack Obama أن أوباما Obamaيسعى إلى منصب الرئيس الأميركى وليس إلى منصب أستاذ فى علم الاجتماعى الانسانى. وأشار أيضا إلى انه كانت هناك موجة غضب ورفض منتشرة بين سكان بنسلفانيا، وأثمرت جهود الرئيس الأميركى بيل كلينتون Bill Clinton عن زيادة عدد الوظائف فى الولاية، إلا أن المقاطعات الصغيرة فى بنسلفانيا Pennsylvania ظلت محرومة من هذه الوظائف، وبالتالي يمكن تلمس بعضا من الحقيقة فى كلام السيناتور أوباما Obama. ولكن السؤال الذى يطرح نفسه الآن _ طبقا لكلام شريم Shrum ndash; هو أنه كيف تعطى هذه التصريحات المسوغ لكل من المرشحة هيلارى كلينتون Hillary Clinton والمرشح الجمهورى مكين McCain فى وصف أوباما بالنخبوية؟ مؤكدا على أن أوباما Obama مجرد شخص بسيط ربته أمه وجده فى غياب الوالد عائل الأسرة، وانتهى منذ فترة قصيرة من تسديد القروض التى اعتمد عليها فى إكمال تعليمه. وبالتالى فان على المرشحة كلينتون Clinton أن تكون حذرة فى الدفع بهذه الصفات.

أما مارى ماتالين Mary Matalin ndash; التى عملت فى الإدارة الأميركية فى عهد الرئيس بوش Bush الأب وجورج بوش الابن George W. Bush الابن ونائبه ديك تشينى Dick Cheney ndash; فقد أكدت أن هذه التصريحات تعكس بالفعل السياسات التى يتبعها الحزب الديمقراطى والحالة التى عليها الحزب فى الوقت الراهن ، فهو حزب للأغنياء وهوا أكثر ليبرالية من ذى قبل. فأوباما Obama أدلى بهذه التصريحات أمام حشد كبير من أغنياء مدينة سان فرانسيسكو San Francisco من أعضاء الحزب الديمقراطى. مشيرة إلى أن هذه التصريحات توضح لماذا خسر الديمقراطيون الرئاسة على مدار النصف قرن الماضية خصوصا فى ولايات الجنوب، فهم لم يكونوا قادرين على الحصول على تأييد ناخبى ولايات الجنوب إلا بتشديدهم على إتباع سياسات تيار الوسط. ومن ثم فان أوباما Obamaليس هو من الديمقراطيين الذين يمكن أن تذهب لهم أصوات الأميركيين فى الانتخابات.

ومن جانبه أكد مايك ميرفى Mike Murphy أحد أعمدة الحملة الانتخابية للمرشح الجمهورى جون مكين John McCain ndash; انه من وجهة النظر الجمهورية ndash; على هذا التصريحات وهذا الخلاف الذى دب بين المرشحين كلينتون Clinton وأوباما Obama يصب فى النهاية فى مصلحة الحزب الجمهورى ، لأنه يطرح إمكانية أن تتحول الطبقة العاملة ndash; والتى تصوت دائما لصالح الحزب الديمقراطى - للتصويت لصالح الجمهوريين فى هذا الانتخابات.

ومن ناحية أخرى نبه برنامج Morning Edition ndash; الذى يبثه راديو NPR ndash; إلى أن جولة الانتخابات القادمة فى بنسلفانيا Pennsylvania هى جولة حاسمة ومهمة للمرشحة هيلارى كلينتون Hillary Clinton، ويشير التقرير الذى أعدته مارا لاواسن Mara Liasson للبرنامج إلى أن المرشحة كلينتون تعتمد فى هذه الجولة على الدعم القوى لها من قبل طبقة العمال من البيض الذين حظوا بالكثير من الفرص فى عهد الرئيس الأميركى الأسبق بيل كلينتون.

فى بنسلفانيا عقبات كثيرة أمام أوباما
وفى الوقت نفسه يحاول أوباما Obamaبصعوبة شديدة كسب دعم الطبقة العاملة من الديمقراطيين بعدما حصل على دعم الطبقات المتعلمة والمثقفة . فهو يحاول أن يجد له مؤيدين فى هذه الولاية وسط هذه الطبقة المؤثرة خصوصا فريد تشامبرلين Fred Chamberlain الذى يعتبر احد القيادات النقابية المؤثرة داخل بنسلفانيا Pennsylvania ، ويشير تشامبرلين Chamberlain إلى أن احد العقبات التى تواجهه فى تأييده لأوباما Obama أن سكان الولاية لديهم فى الوقت الراهن حنين جارف لفترة الرخاء الاقتصادى التى عاشتها الولاية فى فترة التسعينات من القرن الماضى والتى نعم فيها السكان بوظائف فى مصانع السيارات والمطاط والصلب ، ولكن الكثير من هذه الوظائف فقدها أصحابها.

وتشدد مارا Mara على أن الكثير من أفراد الطبقة الوسطى فى الولاية يحنون إلى أيام الرئيس الأميركى كلينتون وبالتالى فهم ليس لديهم رغبة فى التغيير. أيضا نبهت إلى أن هناك عقبة أخرى يواجهها تشامبرلين Chamberlain وهى الجنس ، فالكثير من سكان الولاية يجدون غضاضة فى التصويت لأميركى من أصول افريقية ، ومن ثم يرى الكثير من سكان الولاية أن المرشحة كلينتون Clinton أكثر قربا منهم من أوباما Obama ، لذلك جاءت استطلاعات الرأى التى جرت فى الولاية فى مصلحتها فى حين أن أوباما Obama يكافح من اجل تضييق الفجوة معها.

أوباما الرئيس القادم للولايات المتحدة.؟!
أما وحدة استطلاعات الرأى فى شبكة ABC الأميركية فقد اهتمت بمن سيكون الرئيس الأميركى القادم، خصوصا مع احتدام المنافسة بين المرشحين الديمقراطيين أوباما Obama وهيلارى Hillary ، حيث أشار تقرير بثته الشبكة واعده جارى لانجر Gary Langer إلى أن حظوظ المرشح باراك أوباما Barack Obama أكثر فى هزيمة جون ماكين John McCain

المرشح الجمهورى فى انتخابات نوفمبر القادمة. خصوصا بعد أن أكدت استطلاعات الرأى على أن الناخبين الديمقراطيين يرونه الأكثر حظا للوصول إلى البيت الأبيض.

ولفت لانجر Langer الانتباه إلى أنه قبل جولة الانتخابات التى ستعقد فى بنسلفانيا Pennsylvania تشير الاستطلاعات إلى أن نسبة 62% يرونه أكثر المرشحين قدرة على الفوز بالانتخابات الرئاسية القادمة فى مقابل 31 % الذين لا يرون ذلك. واعتبر لانجر Langer هذه النسبة تحولا كبير فى اتجاهات الناخبين الذين عبروا عنها فى فبراير الماضى والتى كانت تتفوق فيها المرشحة هيلارى كلينتون Hillary Clinton بفارق خمس نقاط على حساب أوباما Obama.

ويستعرض لانجر Langer فى هذا السياق عدد من المؤشرات التى تؤكد هذه النتائج، والتي من بينها مدى القبول الشعبى من جانب جمهور الناخبين للمرشح ، فقد ارتفعت نسبة الذين لا يتقبلون هيلارى كلينتون إلى 54% مرتفعة بعدد 14 نقطة عن آخر استطلاع قامت به الشبكة فى يناير الماضى، فى حين وصلت هذه النسبة ndash; التى لا تقبل أوباما Obama ndash; إلى 39% مرتفعة بعدد 9 نقاط.
أيضا هناك مؤشر غضب الناخبين من عدم حسم السباق داخل الحزب الديمقراطى ، وإلى من يوجه اللوم فى عدم اتفاق الحزب على تسمية مرشحه للانتخابات الرئاسية ، حيث ألقت نسبة 54% باللائمة على هيلارى كلينتون Hillary Clinton فى مقابل 14% لأوباما Obama ، ورأت نسبة 25% أن كلاهما يلام على عدم حسم الصراع سريعا.

من ناحية أخرى وفى نفس السياق نبه لانجر Langer إلى أن الناخبين رأوا أن أوباما Obama استطاع أن يعالج المشكلة التى أحدثتها تصريحات القس جريمى رايت Jeremiah Wright ndash; المعلم الروحى لأوباما Obama والذى قام بتعميده ndash; التى ألقى فيها بالمسئولية على الولايات المتحدة فى اعتداءات 11 سبتمبر. ووافقت نسبة 59% من البالغين على مستوى الولايات المتحدة ونسبة 72% من الناخبين الديمقراطيين على الطريقة التى تعامل بها أوباما مع هذه التصريحات. فى حين أن التصريحات التى أطلقها بخصوص الطبقات الشعبية فى الولايات المتحدة رأى لانجر Langer أنها أثرت بعض الشئ على شعبيته وتقبله لدى جمهور الناخبين.

أوباما قائد القرن الأميركى الجديد
أما صحيفة USA Today فقد خصصت تقريرا عن إعلان أحد نجوم الغناء في الولايات المتحدة بروس سبرنجستين Bruce Springsteen دعمه لأوباما Obama كرئيس للولايات المتحد ، تأتى أهمية هذا الدعم فى انه يأتى مباشرة قبل جولة الثانى والعشرين من أبريل فى ولاية بنسلفانيا Pennsylvania .

وأشار التقرير إلى أن سبرنجستين Springsteen قد حث الناخبين على أن يأخذوا فى اعتبارهم الكوارث التى حدثت على مدار الأعوام الثماني الماضية التى قضاها الرئيس بوش Bush والحزب الجمهورى فى مقعد الرئاسة، وان يصوتوا من اجل مشروع إعادة إصلاح الولايات المتحدة الذى يمثله المرشح باراك أوباما Barack Obama وباعتبارها أفضل من يقود هذا الولايات المتحدة فى القرن الحادى والعشرين.