طلقات أميركية على زورقين يشتبه في أنهما إيرانيان
واشنطن: أضحت العلاقات الأميركية ـ الإيرانية محل جدل ونقاش داخل الولايات المتحدة الأميركية منذ قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979. وقد ازدادت جدلية تلك العلاقات مع إعلان النظام الإيراني رغبته في امتلاك تكنولوجيا نووية قد تُهدد التوازن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، فضلاً عن إخلالها بتوازن القوي الذي هو في صالح إسرائيل حالياً، بالإضافة إلى التصريحات التصعيدية الإيرانية ضد إسرائيل ووجودها في منطقة الشرق الأوسط، وتقديم الدعم للحركات المسلحة في العراق ولبنان والأراضي الفلسطيني. وكل هذا فرض نفسه على العديد من الكتاب والباحثين والمتخصصين، للبحث عن سبل التعامل مع هذا النظام وطموحه وتوجهاته الشرق أوسطية، والتي أضحت تذهب إلى أبعد من منطقة الشرق الأوسط، إلى أميركا اللاتينية منطقة النفوذ الأميركي التقليدية.
وتُظهر المناقشات والتحليلات داخل واشنطن أن هناك تيارين أميركيين بشأن التعامل مع إيران. يري التيار الأول: ضرورة الحوار مع إيران ضمن ما يُطلق عليه quot;الصفقة الكبرى Grand Bargainquot; بدون شروط مسبقة، والدخول معها في مفاوضات بشأن القضايا محل النزاع بينهما، مستنداً إلى انخرط واشنطن في حوار مع طهران حول أمن واستقرار العراق وأفغانستان، في حين يرفض التيار الآخر التحاور والتعامل مع نظام يُدعم الإرهاب العالمي ـ من وجهة نظره ـ.
خدمة quot;واشنطن بريزمquot; (الطبعة الفارسية) التقت السفير الأميركي الأسبق في الأمم المتحدة في الفترة من أغسطس 2005 إلى نوفمبر 2006 جون بولتون John Bolton للحديث عن إيران.
وقد جاء الحوار مع السفير الأميركي الأسبق بالأمم المتحدة على النحو التالي:
لقد صغت القرارين (1737 و1747) الصادرين عن مجلس الأمن؛ لإيقاف إيران عن تخصيب اليورانيوم، هل من الممكن بصورة موجزة أن تقول لنا ماهية القرارين، وما مدي تأثيرهما؟.
في حقيقة الأمر، هناك ثلاثة قرارات تُخاطب إيران بشأن برنامجها لتخصيب اليورانيوم معتمدين على سلسلة من قرارات الوكالة الدولية للطاقة الذرية International Atomic Energy Agency، التي قررت إحالة مسئولية التعامل مع المشروع النووي الإيراني إلى مجلس الأمن منذ عدة سنوات.
والنقطة المحورية في تلك القضية أن إيران رفضت الكشف عن خطواتها وأنشطتها فيما يخص برنامجها النووي طوال السنوات الماضية، فقد أخفت معلومات عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومدتها بمعلومات خاطئة، ولذا هناك عدد من الدول متخوفة من أن الطموح النووي الإيراني ليس سلمياً.
وترفض إيران الانصياع لقرارات مجلس الأمن، فرفضت تعليق برنامجها لتخصيب اليورانيوم، ولذا فرض المجلس عليها عدداً من العقوبات الاقتصادية، لكن تلك العقوبات ضعيفة وليست كافية للردع إيران؛ مما جعلها تستمر في توسيع أنشطتها النووية، وبذلك يُترك لها متى وكيف تُطفي على قدراتها النووية الصبغة العسكرية. بعبارة أخري تُرك قرار امتلاك إيران أسلحة نووية عسكرية في يد النظام الإيراني.
يقوم الاقتصاد الإيراني في جزء كبير منه على النفط وتطوير صناعاته، وهما حالياً موضع العقوبات الدولية. فلماذا تحاول الولايات المتحدة إقناع الأعضاء الآخرين في مجلس الأمن بمشروع قرار ثالث؟، إيران أعلنت أكثر من مرة أنها لن تتوقف عن تخصيب اليورانيوم.
أعتقد أن قرار مجلس الأمن حالياً قيد النظر، حتى في حال صدوره والموافقة عليه، فإنه لن يكون له الأثر المطلوب في إثناء طهران عن برنامجها للأسلحة النووية. وأعتقد أن مجلس الأمن ليس في مقدوره فرض عقوبات اقتصادية قوية تُحدث تغييراً في السلوك الإيراني، فاثنان من الأعضاء الدائمين في المجلس، وممن يملكون حق النقض (الفيتو)، روسيا والصين، تُقدمان الغطاء لإيران. وعلى الرغم من إعلان الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، وألمانيا عن رغبتهم للتوصل إلى حل سلمي حيال تلك القضية من خلال النهج الدبلوماسي، أري أن تلك الجهود محكوم عليها بالفشل.
هل تتفق مع ما قاله السفير الأميركي في الأمم المتحدة، والسفير الأميركي الأسبق في أفغانستان والعراق، زلماي خليل زاد Zalmay Khalilzad، في قوله quot;لا جدل حول أن القرار الأميركي في أفغانستان والعراق عزز من المكانة الإستراتيجية لإيران بمنطقة الشرق الأوسط بصورة غير مقصودةquot;؟
أعتقد أن الثورة الإسلامية في إيران يجب أن تكون ممتنة للولايات المتحدة؛ لأنها قضت على تهديدين من أكبر التهديدات التي كانت تواجه النظام الإيراني، فقد خلصته من حركة طالبان السنية في أفغانستان، ونظام صدام حسين في العراق. وأري أن الخط العام الإيراني يقف طويلاً أمام السعي إلى امتلاك أسلحة نووية وتقديم الدعم للإرهاب العالمي، والذي سوف يكون في حالة تصادم وتعارض إذا لم يُغير النظام الإيراني من سياساته، ولا أري أن النظام الإيراني يسير في هذا الاتجاه. وأمل أن يجد السواد الأعظم من الإيرانيين طريقة مثلي لوصول قيادة جديدة إلى سدة الحكم في طهران، تتيح أن يكون للأغلبية منهم رأي فيها. ولسوء الحظ إن الخيار الوحيدة الذي أراه الآن على أرض الواقع هو استمرار النفوذ الإيراني.
يقول منتقدونك أنك تريد حرب أخري بمنطقة الشرق الأوسط، فقد اقترحت على إسرائيل اتخاذ الخطوات الضرورية لعمل عسكري ضد إيران، فما هو ردك على منتقدينك؟
أعتقد أن استخدام الخيار العسكري ضد البرنامج النووي الإيراني خيار غير جذاب. فمنذ خمس أو ست أو سبع سنوات كنت أعول على نجاح الجهود الدبلوماسية والعقوبات الاقتصادية بقوة، ولكنها لم تعد مجدية لإخفاقها في تحقيق ما صيغت من أجله، ولهذا أعتقد أن هناك مسارين فقط سيعملان على إثناء إيران عن الاستمرار في مساعيها لامتلاك قدرات نووية عسكرية.
يتمثل المسار الأول: في تغيير النظام الإيراني وهو ما أفضله. أما الثاني: سيكون الملاذ الأخير، وهو استخدام العمل العسكري ضد البرنامج النووي الإيراني. وعلى الرغم من اعتقادي أن العمل العسكري ليس خياراً جذاباً، إلا أنه يُعد الخيار الذي يجب أن نأخذه بعين الاعتبار؛ لأن خيارات القدرات النووية في ظل الحكومة الإيرانية الحالية يمثل تهديداً للسلام والأمن الدوليين.
الولايات المتحدة الأميركية منخرطة الآن في حرب على الإرهاب، ومتورطة في العراق وأفغانستان. كيف تُسيطر قضايا السياسة الخارجية على الانتخابات الرئاسية القادمة المقرر لها أواخر هذا العام؟
أنا لا أعتقد أن السياسة الخارجية قضية جلية بشكل قوي في الحملات الانتخابية المحتدمة حالياً كما كان الحال في الحملات الانتخابية السابقة، فقضايا السياسة المحلية أضحت المهمة وذات الأولوية. ولهذا أري أنه لابد أن يكون لقضايا السياسة الخارجية والدفاع أهمية أكثر مما هي علية الآن في السباق الانتخابي الحالي. فأتمنى أن تكون لقضية الأمن القومي أهمية أكثر لما لها في وقتنا هذا. فالشعب الأميركي يحتاج إلى معرفة أكثر حيال تلك القضايا لكي يتخذ القرار الصائب عند اختار رئيسه القادم.
عن جون بولتون
ولد بولتون في 20 نوفمبر 1948، وتخرج في كلية الحقوق بجامعة ييل Yale University Law School، وعمل كمحامي لفترة من الزمن وتدرج في مناصب حكومية عدة قبل أن يتبوأ منصب وكيل وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الحد من التسلح والأمن الدولي من عام 2001 إلى عام 2005، وبعد تركه منصب السفير الأميركي في الأمم المتحدة انضم إلى الفريق البحثي بمعهد أميركان انتربرايز American Enterprise Institute، ذو الميول اليمينية المحافظة. وأبحاث بولتون بالمعهد تتخصص في السياسة الخارجية والمنظمات الدولية. وقد كان نائباً لمدير المعهد في الفترة من 1999 إلى 2001. ويُعتبر جون بولتون من المحافظين الجدد وأحد صقور إدارة بوش، فهو ممن تبنوا أفكار ريجان وتاتشر، وممن قاموا بتطويرها طبقا لمصالحهم، فتضامنوا مع اللوبي اليهودي ولوبي صناعة الدواء ولوبي النفطي داخل الولايات المتحدة.
التعليقات