خلف خلف- إيلاف : يصف الأردنيون العائدون من لبنان الوضع هناك المخيف، ويتحدثون عن روايات مثيرة ومأساوية عايشوها في طريق عودتهم التي تزامنت مع الاشتباكات المتفرقة المصحوبة بسحب الدخان الذي غطى سماء بيروت ومناطق كثيرة في لبنان.

ويبين هؤلاء ومعظمهم من الطلبة الجامعيين أن أزيز الرصاص بين أطراف الصراع بدا من شدته كأنه داخل مساكنهم ومنازلهم، وهو ما دفعهم إلى التفكير بالمغادرة بشكل سريع، وكذلك خوفًا من اتساع حدة المواجهة وامتدادها لمناطق أخرى، وبخاصة في ظل اندلاع مواجهات اعنف بعد كل جولة من الهدوء.

يأتي هذا بينما يأمل الشعب الأردني بأكمله أن يعود الهدوء والسكينة إلى لبنان الذي طالما استطاع المحافظة على التوازنات السياسية داخله، رغم ما أعترى ذلك من مناوشات وجدل في العقد الأخير. وقد وصل ظهر أمس نحو 220 طالبا أردنيا أغلبهم يدرسون في الجامعة الأميركية في بيروت إلى عمان، بعد أن تأخر وصولهم عن موعده قرابة 13 ساعة، ووفقًا لما نقلت صحيفة الغد الأردنية عن الطلبة العائدين، فأن سبب التأخير جاء لضمان سلامة العائدين، خصوصا وأن موقع سكن طلبة الجامعة في الجامعة الأميركية يقع في منطقة الحمرا (السنية) التي شهدت اشتباكات بين حزب الله والموالاة.

وتصف المواطنة الأردنية رانيا نجداوي العائدة من بيروت لصحيفة الرأي الوضع في لبنان بالمخيف، وقالت: quot;سمعنا أصوات تراشق رصاص أطراف الصراع وكأنها داخل بيوتناquot;. وبحسب الصحيفة فلم تجرؤ النجداوي المتزوجة هناك والمقيمة في منطقة quot;كليمنصوquot; القريبة من مقر إقامة رئيس كتلة اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط على فتح النوافذ أو النظر منها طيلة اليومين الماضيين بسبب الاشتباكات quot;العنيفةquot; التي دارت في المنطقة.

وقالت: quot;عندما قررنا الخروج من منزلنا فوجئنا بمسلحين ملثمين سيطروا على المنطقة بعد قتال استمر يومين عندها بدأت بيروت كأنها مدينة أشباح لا يوجد بها سوى المظاهر المسلحة والجند يجوبون الشوارع بعد إن أغلقت المحال أبوابها وسدت الشوارع وكان لا حياة بالعاصمة كلياًquot;.

من جانبه وصف محمد الخلايلة (45عاما) ويعمل في مجلة زهرة المدائن الصادرة في لبنان، بيروت بعاصمة المسلحين وقال: quot;لا احد يجرؤ على عبور شوارع بيروت سوى المسلحين بسبب دوي المدافع التي سمعت في كل مكانquot; . وقال خلايلة للرأي إن العودة إلى عمان من بيروت استغرقت (20) ساعة بسبب quot;الاشتباكات العنيفهquot; وفي الظروف العادية لا تستغرق سوى ساعتين، وتابع: quot;أطلق علينا الرصاص بطريق العودة وتسبب بتحطيم نوافذ حافلتنا من الخلف من قبل ملثمين لا ندري لمن يتبعون كانوا يجوبون الشوارع ذهاباquot;.

كما وصف طلبة أردنيون يسكنون في ذات المنطقة الكائن بها منزل رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة المشاهد التي عايشوها بالمرعبة، مشيرين إلى أنهم سمعوا أصوات إطلاق النيران على مدار ساعات متواصلة، وأوضح الطلبة أن عناصر حزب الله لم يطلقوا النيران على مبنى الجامعة أو المساكن التابعة لها، ولكنهم حذروا الطلبة من التجول بالمكان.

وتابعوا في حديثهم لصحيفة quot;الغدquot; أنه quot;فور وصولهم إلى مبنى السفارة استقلوا الحافلات التي توجهت إلى المملكةquot;، مشيرين إلى أن 80% ممن استقلوا تلك الحافلات هم طلبة الجامعة الأميركية إلى جانب عدد من الأسر الأردنيةquot;. وأفادوا أن الحافلات رافقتها مركبات للجيش للبناني لضمان أمنها خلال تحركها داخل الحدود اللبنانية. وإثر وصول الحافلات إلى حدود جابر في الساعة الرابعة قام ممثلون عن وزارة الخارجية الأردنية باستقبال المواطنين واصطحابهم إلى عمان، التي وصلوا إليها في الساعة السادسة مساء.

أما وزارة الخارجية الأردنية فأوضحت في بيان لها أن تأمين عودة بعض العائلات والطلبة من لبنان، جرى بتوجيهات من الملك عبدا لله الثاني وبمتابعة من رئيس الوزراء. حيث أن الطلبة أنفسهم رغبوا بمغادرة لبنان نظرا لتدهور الأوضاع الأمنية هناك، مشيرا إلى أنهم غادروا الأراضي اللبنانية على متن أربع حافلات أمنتها السفارة. وأضاف بيان الوزارة الذي نشرته صحيفة الدستور الصادرة اليوم أن طاقم السفارة يعمل على مدار الساعة لمتابعة الاتصال مع باقي الرعايا الأردنيين الذين لم يغادروا للاطمئنان على أوضاعهم والترتيب لمن يرغب منهم بالمغادرة بنفس الطريقة.

وتطالب معظم المؤسسات والأحزاب الأردنية، اللبنانيين بتغليب لغة الحوار والعقل على المواجهات ولغة الرصاص، وناشد التيار الوطني الديمقراطي وحزب الحركة القومية الأطراف اللبنانية العودة إلى الحوار الداخلي انطلاقا من مبدأ الحفاظ على وحدة لبنان عبر المشاركة الحقيقية، وبما يفسح المجال أمام إعادة المؤسسات الوطنية لدورها بانتخاب رئيس للجمهورية وحكومة وحدة وطنية.

وقال التيار الذي يتألف من ثلاثة أحزاب معارضة (حشد، الشيوعي، البعث التقدمي) وشخصيات وطنية مستقلة في بيان له وزع على وسائل الإعلام إن انتخاب الرئيس وتشكيل حكومة وحدة وطنية يمهد لإجراء انتخابات نيابية استنادا إلى قانون جديد يراعي التمثيل النسبي متوافق عليه لبنانيا لكي يعزز وحدة لبنان على أسس ديمقراطية وليست طائفية. وقال الحزب في بيانه إن quot;ما يجري على ارض لبنان الشقيق واحتمال أن تندلع حرب أهلية لا تبقي ولا تذر، هو أمر يجرح الوجدان، ويقطع نياط القلوبquot;.

وأضاف انه quot;عندما تسيل الدماء العربية بأيدٍ عربية، فعلينا أن نتكاتف في مواجهة الفتنة، وان لا ندفع باتجاه إسالة مزيد من الدماءquot;. وأكد أن المبادرة العربية quot;ما تزال قابلة للتنفيذ ومن قبل جميع الأطرافquot;، وان الدول العربية ومؤسسات المجتمع المدني quot;لم يعد أمامها وقت للتأملquot;.