خلف خلف من رام الله: لا يتابع اللبنانيون وحدهم ما يجري من تطورات في بلادهم، بل إن الإسرائيليين قادة وشعبًا يرصدون أيضًا كافة التطورات المحيطة بالأزمة اللبنانية، وتتسابق الصحف والتلفزيونات العربية في استضافة المحللين والخبراء للحديث عن السيناريوهات والانعكاسات المحتملة على المنطقة نتيجة ما جرى من استخدام حزب الله لقواته العسكرية في النزاع الداخلي، وقد إعتبر الرئيس الإسرائيلي شمعون بيرس الثلاثاء في تصريحات صحافية أن مستقبل الشرق الأوسط مرهون بإيران.

وأشار بيرس بعد اجتماعه في دار الرئاسة بنظيره البولندي ليخ كاتشينسكي إلى أن المشاكل الحالية في لبنان وسوريا والعراق لا علاقة لها بالنزاع الإسرائيلي الفلسطيني بل تنشأ عن سعي إيران لفرض هيمنتها الدينية على المنطقة.

أما وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني فقد رأت أن quot;لبنان يشكل مثالاً لدولة ضعفت فيها العناصر المعتدلة في الوقت الذي تسعى إيران لفرض هيمنتها عليها بوساطة ميليشيا مسلحةquot;، وقالت ليفني خلال الاجتماع برئيس منغوليا الذي يزور الدولة العبرية: quot;إن إسرائيل تتوقع من جميع دول العالم التي تشاطرها القيم والمبادئ إبداء الحزم في النضال ضد المتطرفين. في هذه الأثناء، اعتبر غيورا ايلاند رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي سابقًا أن الأحداث الأخيرة في لبنان نتاج صراع قوى داخلية. قدرة إسرائيل على التأثير فيها ضئيلة أو غير موجودة. وأضاف: quot;مع ذلك من المهم أن ندرك أن التطورات الأخيرة التي تثبت أن حزب الله عاد ليصبح أقوى قوة عسكرية وسياسية في لبنان، هي في الجملة نتاج خطأين إسرائيليين ndash; خطأين لمن ينتبه إليهما بقدر كاف لا لجنة فينوغراد ولا جهات أخرى.

وبحسب إيلاند، فإن الخطأ الأول تم في السنتين 2004- 2005. تبنت حكومة إسرائيل توصية وزير الخارجية آنذاك سلفان شالوم، الذي أيد حملة إخراج السوريين من لبنان. كان إبعاد سورية عن لبنان في الأساس نتاج مصلحة قصيرة الأمد أميركية ndash; فرنسية ndash; سعودية، وعارض المصلحة الإسرائيلية.

وتابع: quot;كانت النتيجة (التي كانت متوقعة آنذاك) ثلاثية: فالفراغ الجزئي الذي نشأ في إعقاب إخراج السوريين ملأته إيران لا جهات معتدلة؛ وعندما ترك السوريون لبنان فقدنا جهة ذات عنوان يمكن ردعه بجدوى كبيرة؛ حوّل السوريون الذين اجتهدوا حتى ذلك الحين للتمسك بلبنان، مركز اهتمامهم السياسي إلى هضبة الجولانquot;.

وقال المسؤول الإسرائيلي السابق في مقال افتتاحي نشرته صحيفة يديعوت الصادرة اليوم الثلاثاء: وتم الخطأ الثاني مع بدء حرب لبنان الثانية. فقد عرفت إسرائيل حزب الله وحده على انه عدو، وبذلك أبعدت إمكان النصر في الحرب. لا يمكن أن تهزم منظمة إرهابية، تعمل من داخل دولة مجاورة، وتتمتع بتأييد ورعاية تلك الدولة، وكل ذلك والدولة نفسها (لبنان) منيعة في وجه كل ضغط عسكري أو سياسيquot;.

ومن جانبه، كتب عوفر شيلح في مقال افتتاحي في صحيفة معاريف يعتبر أن ما يحصل في لبنان ليس فقط ثمرة حرب لبنان الثانية، بل يجسد الطريقة المغلوطة التي تنظر فيها إسرائيل إلى خصومها العرب، ويقول شليح: quot;لا يمكن القول، وبالتأكيد ليس انطلاقًا مما يعرفون في إسرائيل، أن ما حصل الأسبوع الماضي في بيروت هو فقط ثمار حرب لبنان الثانية. ليس في كل شيء نحن مذنبون. توجد أمور لا تتعلق بنا، قوى كبرى ndash; إيران، أولا وقبل كل شيء ndash; تعمل هنا مع وبدون صلة بنا. ولكن هذا مثال آخر على الطريقة العابثة التي تعمل فيها إسرائيل حيال أعدائها، الأمر الذي لم يطرأ عليه أي تحسن أو تغيير في الستين سنة الأخيرةquot;.

بينما رأى المحلل السياسي الإسرائيلي إيهود معاري في حديث للقناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي أن حزب الله استفاد من تجربة حماس في غزة، ولذلك لم يطرد الحكومة وإنما ادخل الدولة ومؤسساتها في حالة حصار كامل، ورفض الجيش الذي لم يقم بالشيء الكثير طلب الحكومة إعلان حالة الطوارئ واعتقال رجال حزب الله، وبالتالي فقد تخلى عن الحكومة اللبنانية مؤيدوها في العالم، بينما وسع حزب الله القتال إلى طرابلس وصيدا. وإذا لم يحصل تدخل ستصبح لبنان حكومة دمى تابعة للمعسكر السوري الإيرانيquot;.