بيروت: زاد ما جرى في لبنان مؤخرا من أهمية وحيوية ما أطلقته روسيا من دعوات إلى ضرورة التعامل مع مشكلات الشرق الأوسط كوحدة لا تتجزأ تتطلب حلاً شاملاً، فما يسمى بالأزمة السياسية اللبنانية الداخلية تمتد جذوره إلى الأزمة العربية الإسرائيلية بشكل عام.

غير أن الدبلوماسية الروسية اختارت أن تتنازل عن مبادرتها لصالح جامعة الدول العربية بدل التذكير بأهمية المؤتمر المزمع عقده في موسكو لإيجاد سبل إلى تحقيق السلام على المسارات الفلسطيني والسوري واللبناني.

وشددت وزارة الخارجية الروسية في بيانها الصادر في 9 أيار (مايو) على ضرورة منع أي quot;تدخل أجنبي مغرض في الشؤون اللبنانيةquot;، مشيرة إلى أن موسكو تأمل في أن تواصل الجامعة العربية جهودها المبذولة لحل المشكلة اللبنانية. وقالت وزارة الخارجية الروسية في وقت لاحق إن ما تم إقراره من قرارات في القاهرة والمبادرة العربية الخاصة بلبنان quot;تعطي، في رأينا، فرصة جيدةquot;.

وتمكن موفدو الجامعة العربية في الأسبوع الماضي من إقناع الحكومة اللبنانية بإلغاء قراريها الخاصين بجهاز أمن المطار وشبكة الاتصالات السلكية التابعة لحزب الله، لكن ذلك أدى إلى تجدد أعمال العنف التي ذهب ضحيتها أكثر من 80 شخصًا في لبنان.

ولن تتمكن جامعة الدول العربية هذه المرة أيضا - غالب الظن - من تحقيق تقدم يذكر في اتجاه تقريب مواقف الفرقاء المتنازعين في لبنان لاسيما وإن الانقسام داخل المجتمع اللبناني ليس إلا أحد جوانب الشرخ الذي ظهر في العالم العربي. فقد كانت مقاطعة دول عربية هامة مثل السعودية ومصر والأردن لقمة دمشق بمثابة الدليل على أن حكومات هذه الدول أدارت ظهرها للسوريين، إلا أن هناك أوساطا سياسية واسعة وكثيرين من عامة الشعب العربي لا يتضامنون مع هذا الموقف.

ويقول كريم مقدسي أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية ببيروت إن المشكلة التي تواجه لبنان مشكلة سياسية البحت تخلو من أي شوائب طائفية دينية، فالمجتمع اللبناني مقسم إلى فريقين أساسيين يرى أحدهما ضرورة الدخول في حلف مع الولايات المتحدة الأمريكية بينما يصر ثانيهما على ضرورة استمرار مقاومة إسرائيل.

ولا يرى مقدسي سبيلا لتهدئة الأمور في لبنان غير إعطاء هذه المقاومة مشروعيتها توطئة لتشكيل حكومة وحدة وطنية. ويرى حتى أنصار زعيم الموالاة سعد الحريري أن إسرائيل ترى صالحها في زعزعة الوضع في لبنان وفقا لما قاله ممثل عن تيار quot;المستقبلquot; لصحيفة quot;نيزافيسيمايا غازيتاquot; الموسكوفية. ويتطلب الأمر، والحالة هذه، تسوية شاملة لنزاع الشرق الأوسط. وثمة أمل في أن تتذكر وزارة الخارجية الروسية ذلك.