طلال سلامة من روما: لم تتأخر منظمة الأمم المتحدة عن الإعراب عن قلقها وشكوكها إزاء ما quot;يفبركهquot; روبرتو ماروني داخل وزارة الداخلية الإيطالية. وبات واضحاً للجميع أن مسودة القانون، المتعلق بتجريم المهاجرين الذين يدخلون ايطاليا سراً، خرجت من أيدي حكومة روما لتصبح جدلاً دولياً وانتقاداً شديد اللهجة يقوده من هو أعلى مكانة بكثير من روبرتو ماروني، حتى لو لم يكن إيطالي الجنسية. هكذا، بدأت الضغوط تنهال على رأس برلسكوني الذي يتميز في ولاية حكمه الرابعة بالحذر والترقب. ولا شك في أن الرأي السلبي الذي تبديه منظمة الأمم المتحدة قد يتحول الى إنذار رسمي في الأسابيع القادمة.

يسارع برلسكوني اليوم في تعديل المعادلة quot;الرياضيةquot; التي رماها في وجهه روبرتو ماروني. إذ ان برلسكوني يرى الآن أنه من غير الممكن ملاحقة الأجنبي قانونياً ومحاكمته في حالة إقامته غير الشرعية على الأراضي الإيطالية. بيد أن إقامته غير الشرعية هنا قد تتحول الى ظرف يشدد العقوبة عليه عندما يرتكب الأجنبي غير الشرعي جرماً ما، بإيطاليا. للآن، لا يوجد أي قانون محلي يقتضي باعتقال الأجانب غير الشرعيين وزجهم بالسجن. في الأسابيع الماضية، كان برلسكوني حذراً في هذه القضية وفضل صوغها على شكل مسودة قانون ينبغي مناقشتها بالبرلمان الإيطالي مهما احتاجت من وقت. تجدر الإشارة هنا الى أن عدد الأجانب غير الشرعيين الذين يدخلون ايطاليا بصورة غير شرعية يبلغ ألف أجنبي تقريباً، كل يوم! ان قامت السلطات الإيطالية باعتقالهم وزجهم فوراً في السجون عندئذ ينبغي تخصيص 30 ألف سريراً شهرياً لاستقبالهم في هذه السجون وهذا أمر غير منطقي وغير مقبول سيؤدي الى معارك قضائية بين القضاة نفسهم وحكومة برلسكوني لأن السجون الإيطالية مكتظة بالسجناء من كافة الجنسيات مما جعلها تضحي قنابل مؤقتة لم ترى حلاً لها بعد.

وكان روبرتو ماروني أول من صُعق من موقف برلسكوني. فزج المهاجرين غير الشرعيين بالسجن قانون معمول به في فرنسا وألمانيا. في هذا الصدد، ثمة انقسام وشيك في الأفق بين وجهات نظر حزب رابطة الشمال، من جهة، وبقية التيارات السياسية الحكومية المؤيدة لبرلسكوني، من جهة ثانية. ولم يعرف بعد ان كان روبرتو ماروني قد يميل الى الاستقالة من منصبه الحالي، كوزير للداخلية، ان استمر برلسكوني في عرقلة خططه. في خطوة غير متوقعة، أشادت المعارضة بموقف برلسكوني الذي يقترب كثيراً من موقفها حيال المهاجرين غير الشرعيين. فكلمات برلسكوني التي خففت من وطأة معاقبة هؤلاء المهاجرين قضائياً، ستتحول من رأي الى أمر سيفرضه برلسكوني في البرلمان الإيطالي. ما يعني أن البرلمانيين، داخل التشكيلة اليمينية، الذين تشبثوا بصيغة روبرتو ماروني سيتقهقرون أمام المنطق الاجتماعي الإنساني العادل والاعتدال السياسي الذين يريد برلسكوني اعتناقهما في السنوات القادمة.