محكمة ترجئ نظر إستئناف إبراهيم عيسى ضد حكم حبسه
صحيفة (الدستور) المصرية تواجه حزمة ملاحقات قضائية
نبيل شرف الدين من القاهرة:
في جولة جديدة من سلسلة المحاكمات التي يتعرض لها إبراهيم عيسى رئيس تحرير صحيفة (الدستور) المستقلة، قررت اليوم الأحد محكمة مصرية تأجيل نظر الاستئناف المقدم من نيابة أمن الدولة العليا ضد حكم صادر بحقه، وقضى بحبسه ستة أشهر وكفالة 200 جنيه مصري لإيقاف التنفيذ، وذلك لجلسة 22 حزيران (يونيو) الحالي، في قضية اتهامه بنشر أخبار وصفت بالكاذبة عن صحة الرئيس المصري حسني مبارك إبان انتشار شائعات عن مرضه قبل أشهر.

ويواجه عيسى عدة محاكمات وملاحقات قضائية في العديد من القضايا، التي تتعلق بما ينشره شخصيًا في صحيفة quot;الدستورquot; المستقلة أو ما ينشره محررون آخرون في الصحيفةذاتهامن أخبار أو مقالات رأي وفي صدارة الاتهامات التي وجهت لعيسى هو نشر بيانات وأخبار كاذبة بشأن صحة الرئيس، هذا وهناك قضايا أخرى أقامها أشخاص موالون للحزب الوطني (الحاكم) يتهمون عيسى فيها بإهانة ما وصفوه برموز الدولة من مسؤولين حكوميين وحزبيين .

وكانت نيابة أمن الدولة العليا في مصر قد أحالت عيسى للمحاكمة بعد أن نسبت إليه أنه نشر في صحيفة quot;الدستورquot; في آب (أغسطس) من العام الماضي بيانات وشائعات كاذبة عن صحة الرئيس المصري على نحو ألحق الضرر بالمصلحة العامة للبلاد، وقالت quot;إن ما نشر أدى إلى هروب استثمارت أجنبية من البورصة المصرية وانخفاض في مؤشرها ترتبت عليه خسائر قدرتها النيابة بنحو 350 مليون دولار بشكل أضر بالمصلحة الاقتصادية والسياسية للبلادquot; .
قضايا ومرافعات
وقررت المحكمة استدعاء مكرم محمد أحمد نقيب الصحافيين المصريين للاستماع لشهادته، كما صرحت المحكمة للدفاع عن إبراهيم عيسى باستخراج صورة من مضبطة مجلس الشعب الخاصة بالأعمال التحضيرية لمناقشة المادتين quot;102quot; مكرر، quot;188quot; من قانون العقوبات.

وقال الدفاع عن إبراهيم عيسى إن التحقيقات التي جرت مع موكله كانت أمام نيابة استثنائية وهي نيابة أمن الدولة العليا، وطالب الدفاع بالاستماع إلى شهادة العميد محمد برغش، الضابط بمباحث أمن الدولة بالقاهرة ـ والذي كان قد قدم البلاغ إلى نيابة أمن الدولة العليا ضد عيسى ـ لمناقشته في تفاصيل بلاغه، خاصة وانه كان قد تعذر حضوره لمحكمة أول درجة للإدلاء بشهادته ومناقشته، حيث أرسل آنذاك المقدم ياسر المليجي نائبا عنه .

كما قضت محكمة أخرى بتأجيل نظر الاستئناف المقدم من أربعة رؤساء تحرير صحف مستقلة ضد الحكم الصادر بحبسهم لمدة عام وغرامة 20 ألف جنيه لكل منهم لجلسة 21 حزيران/يونيو للاستماع إلى شهادة كل من: الدكتور عمرو هاشم ربيع الباحث بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بصحيفة الأهرام، والدكتورة عواطف عبد الرحمن أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، استجابة لطلب الدفاع .

وكانت محكمة جنح العجوزة quot;أول درجةquot; قد قضت في أيلول (سبتمبر) من العام الماضي بالحبس لمدة سنة وغرامة 20 ألف جنيه على كل من إبراهيم عيسى رئيس تحرير صحيفة quot;الدستورquot;، وعادل حمودة رئيس تحرير صحيفة quot;الفجرquot;، ووائل الإبراشي رئيس تحرير صحيفة quot;صوت الأمةquot; آنذاك، وعبدالحليم قنديل رئيس تحرير صحيفة quot;الكرامةquot; سابقا، لاتهامهم بسب وقذف الرئيس حسني مبارك وعدد من المسؤولين .

والتمس الدفاع عن إبراهيم عيسى من المحكمة ، تشكيل لجنة من نقابة الصحافيين برئاسة مكرم محمد احمد نقيب الصحافيين وعضوية أقدم عضوين بجدول القيد بالنقابة وذلك حتى توضح للمحكمة إذا كان ما نشره من مادة صحافية محل القضية تتفق مع الأعراف والقواعد المهنية الصحافية، وكذلك لتبين اللجنة إذا كان ما نشر بصحيفة quot;الدستورquot; في صورة أخبار، أم تعليق على أخبار وشائعات كانت معلومة سلفاً .
حكاية الدستور
ودأبت صحيفة quot;الدستورquot; المصرية المستقلة على نشر تقارير وتحقيقات ومقالات رأي تتسم بالجرأة على المحظور السياسي والاجتماعي، والمعارضة الحادة للنظام الحاكم، وإثارة قضايا سياسية وفكرية واجتماعية ودينية تتسم بالحساسية، أوتقع ضمن ما يعرف بتعبير quot;المسكوت عنهquot;، وتوجه انتقادات لاذعة لكافة المسؤولين تقريباً، بمن فيهم رئيس الجمهورية ذاته، الذي كثيرًا ما انتقدته بشدة، سواء خلال المقالات الافتتاحية التي يكتبها رئيس التحرير، أو في مواد الصحيفة الأخرى، التي تشتهر في مصر بأنها صحيفة مشاغبة تستعصي على التدجين .

وتستكتب فريقًا من المحررين والكتّاب من الجيلين الجديد والوسط، وشتى المشارب والاتجاهات الفكرية، إذ تضم صفحاتها مقالات لكتّاب من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، ومن التيار الديني حتى الليبراليين والعلمانيين والأقباط والشيعة وكافة القوى السياسية والحركات الفكرية على تنوعها.

وسبق أن صودرت صحيفة (الدستور) وحجبت عن النشر، بعد أن كانت خلال عقد التسعينات من القرن المنصرم تلقى رواجًا واسعًا، وأحدثت وقت ظهورها تحولاً كبيرًا في ذائقة وصناعة الصحافة في مصر، وحركت ركام المعالجات التقليدية، ثم عاودت الصدور بعد أن تمكن ناشرها عصام فهمي من تأسيس شركة برأسمال يكفل إصدار عدة صحف، في مقدمتها (الدستور) إضافة إلى (صوت الأمة) وغيرهما، كما يقضي بذلك القانون المنظم للصحف الخاصة في مصر .

وحركت نيابة أمن الدولة العليا (طوارئ) في مصر هذه القضية بناء على دعاوى أقامها محامون موالون للحزب الوطني (الحاكم)، بينما أعلن عشرات المحامين وممثلي منظمات حقوق الإنسان انضمامهم إلى هيئة للدفاع عن إبراهيم عيسى كما حضر هذه الجلسة ممثلون عن عشرات المنظمات الحقوقية المصرية والدولية بصفة مراقبين لوقائع المحاكمة وملابساتها .