رانيا تادرس ndash; من عمان: يواجه العمل الاجتماعي ،ومنظمات المجتمع المدني في الأردن عرقلة وتحديا حقيقا يضرب بعملهم عرض الحائط الا وهو مشروع قانون الجمعيات الذي أحالته الحكومة أخيرا على مجلس النواب ،مما أربك العاملين بمجال الخدمة الاجتماعية .

وفي التفاصيل ، عبر ممثلوا المجتمع المدني عن صدمتهم ومفاجأتهم من هذا القانون الذي جاء على حد قولهم quot;لذبح quot; عمل مؤسسات المجتمع المحلى وجعلها دوائر حكومية مكبلة بروتين حكومي قاتل إذا اقره مجلس النواب الحالي quot;. وقال ممثلوا مجتمع مدني لquot; إيلاف quot; أن مشروع التعديل هو ابادة لعمل مؤسسات المجتمع المدني التي ستتحول- فيما لو تم إقرار القانون بشكله الحالي - quot;إلى دوائر حكومية قرارها يصدر عن وزير التنمية الاجتماعيةquot;.

واستهجن هولاء أن يصدر مشروع قانون بهذه الصيغة في ظل أن الخطاب الرسمي يؤكد على تعزيز دور هذا القطاع والدستور الأردني ينص على حرية تأليف الجمعيات ومراقبة مواردها وليس التفتيش ووضع اليد عليها.

والانتقادات توجه الى نص المادة الثالثة من القانون الفقرة quot;أquot;، التي تقول quot;لمقاصد هذا القانون، تعني كلمة quot;الجمعيةquot; أي شخص اعتباري مؤلف من مجموعة من الأشخاص يتم تسجيلهم وفقا لأحكام هذا القانون لتقديم خدمات أو القيام بأنشطة على أساس تطوعي دون أن يستهدف الربح واقتسامه أو تحقيق أي منفعة لأي من أعضائه أو لأي شخص محدد بذاته أو تحقيق أي أهداف سياسية تدخل ضمن نطاق أهداف الأحزاب السياسيةquot;.

من جانبها ، اعتبرت رئيسة اتحاد المرأة الأردنية آمنة الزعبي مشروع القانون الموجود حاليا بين يدي لجنة العمل والتنمية الاجتماعية النيابية، بأنه quot;إعاقة لعمل المجتمع المدني ورجوع عن الديمقراطيةquot;. وقالت إن ممثلي مؤسسات المجتمع المدني تداعت للاجتماع بمقر الاتحاد لمجابهة القانون، وسيطلبون لقاء رئيس مجلس النواب لوضعه في صورة موقفهم من القانون.

وأضافت أن ممثلي المجتمع المدني (منظمات النسائية مراكز حقوق الإنسان، ومراكز دراسات) سيسلمون الحكومة والبرلمان مذكرة تشرح أبعاد القانون وأثره على عمل المؤسسات.

ويطالب ممثلو المجتمع المدني وفق الزعبي تأجيل النظر بمشروع القانون لحين إجراء حوار وطني شامل ومعمق مع الجهات التي يمسها القانون.

ولفتت أنه عندما سحبت الحكومة مشروع قانون الجمعيات السابق جراء ضغط مؤسسات المجتمع المدني، كان من أجل إجراء حوار مع المعنيين قبل إحالته على البرلمان، مشيرة إلى أنه تم تحويل المشروع الحالي على مجلس النواب دون أن يستمعون إلى وجهة نظرهم.

المشروع تضمن quot;كثير من القضايا السلبيةquot;، أبرزها موضوع التسجيل أحاله لنظام، وأعطى صلاحية للوزير بالتدخل بتسيير عمل المنظمات.وبينت الزعبي أن لمشروع ضم نص يعد سابقة غير موجودة لا في قانون أو نظام وهي تعطيل قرارات الهيئة العامة لحين موافقة الوزير المختص عليها.

وأشارت إلى أن النصوص المتعلقة في التمويل بحاجة إلى إعادة النظر، معتبرة أن هدفها quot;سحب التمويل من مؤسسات المجتمع المدنيquot;. ومع أن الزعبي تقر بأن ثمة اختلالات في مسالة تمويل المنظمات ومؤسسات المجتمع المدني وتؤيد الرقابة والإفصاح عن مصادر التمويل، بيد أنها تقول أنها مع الرقابة اللاحقة.

فيما فسرت المديرة التنفيذية لمجموعة القانون من أجل حقوق الإنسان المحامية إيفا أبو حلاوة بنود مشروع القانون انه quot;ببساطة حل مؤسسات المجتمع المدنيquot;، واعتبرت وجود نقطتين في المشروع الأولى فيما يخص إجراءات الترخيص والتسجيل، والثانية التمويل. وقالت إن مشروع القانون يلزم مؤسسات المجتمع المدني بالحصول على الترخيص والتسجيل، متسائلة هل الحكومة قادرة التعامل مع التنوع في المجالات التي تعمل بها نحو 3000 مؤسسة مجتمع مدني.

وأضافت أبو حلاوة أن ديناميكية المجتمع المدني ستصطدم مع البيروقراطية لتي تعاني منها أجهزة الحكومة، ما يؤدي بحسبها تراجع أداء المؤسسات، وإحالتها إلى دوائر حكومية. وأكدت أننا مع الرقابة اللاحقة لا اتخاذ القرار بالنيابة عن مؤسسات المجتمع المدني، وأن لا تكون الرقابة المسبقة، بل تتم عبر التقارير المالية والإدارية التي نقدمها للجهات الحكومية، وإذا كان هناك جرائم وفساد مالي وإداري تحول للقضاء كي يفصل بالموضوع.

واعتبرت أن ما ورد في مشروع القانون بهذا الخصوص quot;مخالف للدستور، ويرمي إلى سلب حرية هذا القطاعquot;، فلا يعقل أن تضع الحكومة يدها على هذه المؤسسات، وأن يتحول وزير التنمية الاجتماعية صاحب القرار باتخاذ العقوبات وليس القضاء، ما دامت أهدافها مشروعة وتعمل بالوسائل السلمية.

وحول مسألة التمويل قالت أبو حلاوة أن عصب عمل مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات هو الحصول على التمويل حتى تتمكن من القيام بدورها المجتمعي، اذ تقدم خدماتها إما مجانا أو لقاء مبلغ زهيد.

وأضافت إذا وضعت الحكومة يدها على التمويل سيؤدي إلى تباطيء عمل المؤسسات التي ستحكمه البيروقراطية الحكومية، فضلا عن أن مشروع القانون لم يوضح الأسس التي سيتم عبرها توزيع التمويل على المؤسسات، بل ستكون مرهونة بتعليمات ستصدر لاحقا من مجلس الوزراء قد تتغير مع تغير الظروف.

ويتضمن المشروع جملة من المحاور في مقدمتها تأسيس صندوق يهدف إلى تقديم الدعم المالي للجمعيات تكون موارده من خلال ما يرصد له في الموازنة العامة ومصادر أخرى حددها مشروع القانون.

ونص مشروع القانون أيضا على إنشاء سجل للجمعيات بهدف توحيد مرجعية استقبال طلبات تسجيل الجمعيات كافة وعلى اختلاف أنواعها وكذلك النص على قيام مراقب السجل بتحديد الوزارة المختصة بالجمعية وذلك بناء على غاياتها وأهدافها المقدمة من المؤسسين . وبررت الحكومة في الأسباب الموجبة للمشروع انه جاء لان قانون الجمعيات والهيئات الاجتماعية قد صدر في سنة 1966 متضمنا أحكاما تلائم تلك الحقبة الزمنية فيما يتعلق بالعمل التطوعي الذي كان محدودا في كمه ونوعه .

وأضافت الحكومة في الأسباب الموجبة للمشروع انه جاء لإيجاد السبل الكفيلة لدعم وتطوير عمل الجمعيات على مختلف الأصعدة وتلبية لمطالب العديد من الجهات الرسمية والخاصة في وضع مشروع قانون جديد يلبي هذه الطموحات.

من جانبها ، وصفت الناشطة أملي نفاع مشروع القانون quot;عرفيا في تطلعاتهquot;. وقالت إن مشروع القانون يجعل الوزير المختص صاحب القرار في عمل مؤسسات لمجتمع المدني، بانتخاب الهيئات الإدارية، فتح الفروع، وقرارات الهيئة العامة، فضلا عن توسيع نطاق تدخل الوزير بأنشطة وعمل الجمعية كافة.

وترى نفاع أن نصوص المشروع تتعارض مع المواثيق الدولية ومع بناء المؤسسات، مطالبة بتحديث وتطوير القانون بما يلبي تطور الجمعيات لخيرية إلي تحولت إلى تنموية.

وأضافت أن القانون تضمن المزيد من التقييد إذ يمنع المنظمات النسائية من ممارسة العمل السياسي.