بوينس آيرس : تواجه الارجنتين ازمة مستمرة منذ اكثر من مئة يوم بين الحكومة والارياف، تهدد سلطة الرئيسة كريستينا كيرشنر وتضر بالاقتصاد وتثير استياء الرأي العام.

ففي 11 آذار/مارس، اعلن وزير الاقتصاد حينذاك مارتن لوستو زيادة تبلغ 25% في الرسوم على صادرات الصويا، الثروة الزراعية الرئيسية للبلاد.

وقد ارادت الدولة بذلك الاستفادة من الواردات الهائلة التي تعود على المزارعين في الارياف الارجنتينية مستفيدة من الارتفاع القياسي في اسعار المواد الزراعية الاولية ومن بينها الصويا.

لكن برفع هذه النسبة الى 35 ثم 44% وبجعلها quot;متحركةquot; اي ترتفع مع ارتفاع الاسعار الدولية للصويا، اثارت الحكومة غضب المزارعين بشكل لا سابق له.

ويؤكد هؤلاء المزارعون ان ارباحهم تراجعت كثيرا بسبب الارتفاع الكبير في كلفة الانتاج وانهم يساهمون اكثر من اي قطاع آخر في ميزانية الدولة وان هذه الرسوم لا توزع الا نادرا داخل البلاد.

اما الحكومة فتؤكد انها تتبع سياسة تعود بالفائدة على كل الارجنتينيين وانه من العدل اعادة توزيع عائدات استثنائية يستفيد منها قطاع بعينه لمساعدة الاكثر فقرا. كما تؤكد خصوصا انها تتمتع بشرعية حكومة منتخبة بطريقة ديموقراطية لاتباع هذه السياسة.

وادى حوار الطرشان هذا الى خمسة اضرابات متعاقبة نفذها المزارعون الذين يرفضون بيع محاصيلهم من الحبوب (البقول والصويا) للضغط على الحكومة التي ترتبط ميزانيتها الى حد كبير برسوم تصدير هذه المواد الزراعية الاولية.

كما ادى الى نصب عشرات من حواجز الطرق وشل الحياة الاقتصادية داخل البلاد وسبب مشاكل في تزويد بعض المدن بالمؤن وساهم في بطالة تقنية في بعض القطاعات وسبب اضطرابا خصوصا في تصدير الصويا والبقول الى الصين والاتحاد الاوروبي.

واخيرا، تسببت هذه الازمة في تقويض مصداقية حكومة تولت مهامها قبل ستة اشهر على اساس وعود بتأمين انفتاح اكبر وحوار افضل بعد اربع سنوات من رئاسة نستور كيرشنر التي اتسمت بانتعاش هائل للاقتصاد وسياسة مواجهة حيال بعض القطاعات الاقتصادية.

وخيبت زوجته كريستينا التي تولت الرئاسة خلفا له في كانون الاول/ديسمبر، حتى الآن الآمال في اضفاء طابع سلمي على الحياة السياسية.

وقد تراجعت شعبيتها اكثر من ثلاثين نقطة منذ انتخابها، حسب آخر استطلاع للرأي اجرته هذا الاسبوع مؤسسة quot;بولي آركياquot; الاستشارية.

وحاولت الرئيسة الارجنتينية في الايام الاخيرة تهدئة التوتر الذي بلغ اوجه في تظاهرات لآلاف الاشخاص نزلوا الى الشوارع مساء الاثنين لدعم المزارعين.

وقد اقترحت الثلاثاء ان يتولى البرلمان فض هذا النزاع الضريبي لكن هاجمت بعنف منظمات المزارعين التي تقود حركة الاحتجاج. وقد ساعدها في ذلك زوجها الذي وصفهم بانهم quot;انقلابيونquot;.

واثارت حكومتها اضطرابا بتأكيدها ان مشروع القانون الذي تقدمت به في هذا الشأن غير قابل للتعديل وعلى النواب القبول به على حاله او رفضه، قبل ان يلمح وزراء الى عكس ذلك.

اما المزارعون فقد اعلنوا الاربعاء مواصلة اضرابهم حتى السبت على الاقل قبل عقد اجتماعات اخرى ليبتوا في الخطوات المقبلة لحركتهم الاحتجاجية التي يعاني القسم الاكبر من الارجنتيين من انعكاساتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.