نقلتها القوات الاميركية من العراق الى المحيط الهندي ثم لمونتريال
بغداد: بعنا المواد النووية لخطرها الامني والبيئي علينا

أسامة مهدي من لندن: بعد ثلاثة أيام من الكشف عن قيام السلطات الأميركية بعملية سرية نقلت فيها ما تبقى من البرنامج النووي العراقي السابق إلى خارج البلاد اكدت الحكومة العراقية اليوم انها تخلصت من مواد نووية زنتها 550 طنا لانها تشكل خطرا أمنيا وبيئيا على العراق حيث تكفلت القوات الاميركية بتعبئتها ونقلها من مطار بغداد الى قاعدة دييغوغارسيا في المحيط الهندي وشحنها بحراً الى ميناء مونتريال الكندي حيث بيعت بمبلغ 72 مليون دولار. وأعلن الناطق الرسمي بإسم الحكومة العراقية الدكتور علي الدباغ أن مجلس الوزراء قد إستعرض في جلسة له اليوم الإجراءات والخطوات التي قامت بها اللجنة المكلفة للتخلص من المواد النووية الخاضعة لرقابة وتفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وأضاف في بيان صحافي الى quot;ايلافquot; أن الحكومة العراقية قررت التخلص من هذه المواد وتحديداً مادة quot;أمونيوم داي يورانيتquot; والمسماة quot;بالكيك الأصفرquot; لما يتسبب العبث بهذه المواد من إضرار وتلوثاً بيئياً وكذلك التكلفة المالية والأمنية العالية في حالة الإحتفاظ بها مع عدم إمكانية الإستفادة منها محلياً. وأوضح أن اللجنة المكلفة من قبل مجلس الوزراء وبرئاسة وزير العلوم والتكنولوجيا قررت قبول عرض الشركة الكندية (Cameco) من بين شركات (GE) الأمريكية و (Areva) الفرنسية بإعتباره أفضل العروض مالياً.

واشار الدباغ الى أن صافي مبلغ بيع الباوند الواحد من هذه المادة هو 64 دولار أميركي وقد تم تكليف القوات الأمريكية بتعبئة هذه الكمية والبالغة (550) طن متري ونقلها بصورة آمنه حيث تم شحن الكمية مرة واحدة تسهيلاً لإجراءات وسلامة النقل من مطار بغداد الى قاعدة (دييغوغارسيا) في المحيط الهندي وشحنها بحراً الى ميناء مونتريال الكندي ونقلها الى موقع الشركة.

وأكد الدباغ أن إجراءات الإحالة والتعاقد على بيع اليورانيوم وتعبئته ونقله وتسليمه الى الشركة الكندية قد تم بإجراءات قانونية شفافة وبإشراف ومتابعة حكومية عراقية ولا يوجد أي طرف غير عراقي في عمل اللجنة المكلفة غير إستشارات فنية من وكالة الطاقة الذرية وجهات متخصصة أخرى وتكليف الجيش الاميركي في عملية نقل هذه المواد نظير مبلغ محدد تم الإتفاق عليه بنسبة لا تتجاوز 10% من تكلفة النقل الفعلية المتعارف عليها في نقل هكذا مواد تصنف عالمياً على إنها مواد خطرة بيئياً.

وكانت مصادر اميركية كشفت الست الماضي أن السلطات الأميركية قامت بعملية سرية لنقل ما تبقى من البرنامج النووي العراقي السابق إلى خارج البلاد مشيرة إلى أن 550 طنا متريا من اليوارنيوم الطبيعي المركز وصلت إلى كندا السبت قادمة من مطار بغداد الدولي. واشارت الى أن العملية السرية التي بدأت في نيسان (أبريل) وانتهت في الثالث من حزيران (يونيو) الماضيين أزاحت عن كاهل السلطات الأميركية والعراقية عبئاً ثقيلاً خشية وقوع تلك المخزونات النووية في أيدي عناصر مسلحة أو تهريبها إلى إيران لمساعدتها في تحقيق طموحها النووي.

وقال مسؤول اميركي بارز رفض نشر اسمه إن الجميع مغتبط للغاية لإخراج هذا المخزون النووي بأمان من العراق. وأوضح أن الحكومة العراقية باعت 550 طناً مترياً من مادة اليورانيوم أو ما يسمى بالكيك الأصفر وهي مادة تدخل في تخصيب اليوارانيوم عالي الجودة إلى شركة quot;كامكي كوربquot; الكندية لإنتاج اليورانيوم مقابل عشرات الملايين من الدولارات مشيرا إلى أن الشركة الكندية ستعالج المادة لاستخدامها في مفاعلات إنتاج الطاقة.

واضاف أن السرية التامة أحاطت بمباحثات دبلوماسية وعسكرية مكثفة على مدى أكثر من عام للتخلص من اليورانيوم، مخافة تعرض شحنات نقل تلك المواد النووية لهجمات أو كمائن للمسلحين. وأوضح أن الشحنات تضمنت نقل 3500 برميل من مجمع التويثة النووي عبر البر إلى بغداد ثم تم نقلها لاحقاً على متن 37 طائرة عسكرية إلى جزيرة quot;دييغو غارسياquot; في المحيط الهندي ومن ثم على متن سفينة ترفع العلم الأميركي إلى مونتريال في كندا.

واكد أن عملية النقل السرية اعترضها العديد من العقبات منها نظر المخططين العسكريين والدبلوماسيين في نقلها عبر البر إلى الكويت وشحنها عبر الخليج إلا أن المسار البري كان يقتضي مرورها بمناطق شيعية ما يعني سهولة وقوعها بأيدي فصائل متشددة تتهمهم واشنطن بتلقي دعم من إيران. وقال أن السلطات الكويتية عارضت فتح حدودها لتلك الشحنات رغم المساعي الأميركية. واشار الى ان برنامج إزالة المخلفات النووية من العراق سيكتمل بتنظيف البقايا النووية في مجمع التويثة باستخدام طواقم تتضمن خبراء عراقيين تلقوا تدريبات في أوكرانيا.

ومن جهتها قللت الحكومة الكندية من شأن اعلان بغداد وواشنطن عن نقل الشحنة الى كندا، وقال الناطق باسم مكتب رئيس الوزراء الكندي كوري تيانيكي إن الأمر يتعلق بصفقة اقتصادية تمت وفق quot;إجراءات نظاميةquot; وهي ليست عملية سياسية وهو لا يوافق على تعبير quot;أحيطت بالسريةquot; في رده على سؤال عن سبب عدم تطرق الحكومة الكندية إلى الموضوع كما فعلت الحكومتان العراقية والأميركية. وأضاف أن الشركة التي ابتاعت اليورانيوم الطبيعي لها تاريخ طويل في شراء الرؤوس النووية للاتحاد السوفياتي سابقا وتحويلها إلى وقود متفاعل.