أولمرت بداية النهاية
ليفني تستعد للانقضاض على زعامة كديما
نضال وتد- تل أبيب:
في الوقت الذي كان يستعد فيه إيهود أولمرت، رئيس الحكومة الإسرائيلية، لنقض أهم ما جاء في إفادة الثري الأمريكي، موريس تالينسكي، بشان تحويل الأموال لأولمرت، حتى فجرت الشرطة أمس والنيابة العامة قضية جديدة، تتعلق بقياك أولمرت ومنذ سنوات التسعينات عندما كان المحاسب العام لحزب الليكود، خلال المعركة الانتخابية العامة عام 1988، بالسفر إلى خارج إسرائيل، سواء في رحلات وإجازات خاصة أم في مهام سياسية، على حساب عدة جهات مختلفة، خلافا للقانون، وكانت مساعدته، شولا زاكين (والتي تخضع بدورها للتحقيق المتواصل في كافة القضايا التي يشتبه في أولمرت التورط فيبها) هي التي تتولى تدبير إجراءات السفر والدفع من خلال شركة ريشون تورس للسياحة.
مع مثول أولمرت، أمس، الجمعة للتحقيق معه من قبل رجال وحدة التحقيق الخاصة، وحتى قبل تسريب الشرطة والنيابة العامة معلومات عن القضية الجديدة، تعالت الأصوات من جديد، المطالبة من أولمرت الاستقالة من منصبه، أو الخروج لإجازة مفتوحة، او الإعلان عن عدم قدرته على أداء مهام منصبه، لحين استكمال التحقيق وظهور براءته أو تقديم النيابة العامة لائحة اتهام ضده.
وبغض النظر عن موقف أولمرت، الذي يصر على عدم الاستقالة من منصبه ما لم تقدم ضده لائحة اتهام، فقد بدأت تظهر الشقوق والصدوع حتى داخل أعضاء حزبه، الذين حاولوا حتى الفترة الأخيرة التعلق بمبدأ البراءة ما لم يثبت عكس ذلك، إلى درجة أكدت تقديرات المقربون من أولمرت نفسه أنه وإن كان لا يعلن ذلك، يعرف أنه خاسر للمعركة ولن يكون بمقدوره ولا حتى الإعلان عن نيته ترشيح نفسه للانتخابات الداخلية داخل حزبه، فيما اعتبر المراقبون الإعلان عن موعد رسمي للانتخابات التمهيدية داخل كديما إعلان عن إدارة الحزب ظهره لأولمرت، وتنكره له استعدادا للحفاظ على نفسه ومستقبله في حال فشلت مساعي الحزب تشكيل حكومة بديلة بقيادة زعيم آخر تنتخبه كديما.
وقد وفر لاتحقيق مع أولمرت أمس، والتسريبات عن القضية الجديدة، فرصة جديدة للمعارضة الإسرائيلية، سواء من اليمين( الليكود والمفدال) أو من اليسار (ميرتس) لمطالبة أولمرت بالاستقالة من منصبه، ناهيك عن دعوات من جهات أخرى مثل أستاذ القانون عموانويل غروس، الذي طالب أولمرت بالإعلان عن خروجه في إجازة لعدم قدرته على أداء مهام منصبه كما يجب، فيما تساءل المحلل السياسي في هآرتس، يوئيل ماركوس ما الذي يجعل أولمرت يتمسك بكرسيه لهذه الدرجة، ومن الذي سيدير شؤون الدولة في الوقت الذي يستعد فيه رئيس الحكومة للدفاع عن نفسه أمام القانون وفي سلسلة التحقيقات المرتقبة معه.
ففي اليمن الإسرائيلي، قال زعيم حزب المفدال، زبولون أورليف، إنه على ضوء ما يحدث مع أولمرت، فإنه لو كان أولمرت يعيش في دولة تحترم مبدأ سيادة القانون ومحاربة الفساد لكان استقال من منصبه منذ مدة. واعتبر رئيس كتلة الليكود، عضو الكنيست غدعون ساعر، أن السؤال المركزي الآن هو ما الذي سيقوله حزب العمل، وماذا سيفعل براك على ضوء التطورات الجديدة. ودعت عضو الكنيست، زهافا غلؤون من حركة ميرتس، المستشار القضائي للحكومة إلى الإعلان عن رئيس الحكومة كمن لا يستطيع القيام بمهام منصبه، وذهبت عضو الكنيست اليسارية شيلي يحيموفتش (من حزب العمل) على أبعد من ذلك عندما دعت أولمرت إلى الاستقالة من منصبه على اعتبار أن استمراره في منصبه يشكل عبئا على الجمهور الإسرائيلي.
تسيبي ليفني تستعد للإطاحة بأولمرت
في غضون ذلك تستعد وزيرة الخارجية تسيبي ليفني للانقضاض على زعامة الحزب، لتحلف أولمرت في قيادته سواء عن طريق الانتخابات الداخلية، أو عن طريق تولي منصب القائم بأعمال الحكومة في حال تمت تنحية أولمرت من منصبه على خلفية التحقيقات الجارية ضده. وفي هذا السياق لفت المحلل السياسي في موقع يديعوت أحرونوت أتيلا شومبيلفي، إلى أن زعيم حزب العمل، الذي كان وجه إنذاره في الشهر الماضي لأولمرت، غير متحمس في واقع الحال، لوصول ليفني إلى مقر رئاسة الحكومة، سواء عبر الانتخابات الداخلية لكديما وتشكيل حكومة بديلة، أم في حال تسلمت منصب رئيس الحكومة بالوكالة إذا نحي أولمرت من منصبه. وبحسب شومبيلفي، فإن براك يخشى من وصول ليفني إلى مقر رئاسة الحكومة، لئلا يمكنها ذلك، من إصلاح حال حزب كديما وتحسين صورته في نظر الناخب الإسرائيلي، بسبب صورتها الإيجابية كمن يحارب الفساد وكسياسية نظيفة الكف، لا يحوي ملفها العام أي فضيحة أو هفوة يمكن استغلالها ضدها في الحملة الانتخابية. في المقابل يفضل براك أن يكون موفاز على رأس كديما لأنه سيكون من السهل محاربته وضرب كديما بحزب الليكود، بسبب المواقف اليمينية التي يحملها موفاز، والتي تشبه إلى حد بعيد مواقف نتنياهو.
وقد زادت نتائج الاستطلاعات الأخيرة، بشأن شعبية ليفني وفرصها في الفوز في الانتخابات الداخلية في حزب كديما،من تحفظات براك. وقد أظهر الاستطلاع الأخير، الذي نشرت نتائجه أمس في صحيفة يديعوت أحرونوت، أن ليفني تحظى بتأييد 41% من أعضاء كاديما في الانتخابات الداخلية للحزب، ويليها موفاز الذي يحظى بتأييد بنسبة 30%. أما في حال تمكن أولمرت من دحض ادعاءات تالينسكي ( أجري الاستطلاع قبل الكشف عن قضية الرحلات)، فإن أولمرت يحظى بـ30% فيما تحظى ليفني بـ29% .
نهاية الطريق
على أية حال يجمع رجال السياسة والمراقبين ومتابعي السياسة الإسرائيلية الداخلية، أن القضية الجديدة، ورغم محاولات أولمرت، إخراج وتنفيذ صفقة تبادل الأسرى مع حزب الله في مطلع الأسبوع القادم، ليتزامن مع موعد التحقيق المضاد مع تالينسكي، ستضع عمليا حدا لمسيرة أولمرت السياسية، وستكون القضية التي ستسدل الستار على مسيرة رجل دخل السياسة الإسرائيلية، منذ اختاره مناحيم بيغن ليكون سكرتيرا لحكومته الأولى في العام 87، أي قبل 21 عاما، اعتبر على مدارها أحد quot;أمراء الليكودquot; وهو المصطلح الذي أطلق على أعضاء الكنيست في الليكود، الذين كانوا أبناء لمؤسسي الحزب وهم إيهود أولمرت، ودان مريدور، وبني بيغن،وليمور ليفنات، أمل المخضرمين في الليكود أن يمسكوا بقيادة الحزب، لكن نتنياهو تمكن في التسعينات، من اقتحام الحزب وإبعادهم عن دائرة القرار داخل الحزب وخارجه، وكان أولمرت الوحيد الذي استطاع البقاء والوصول إلى منصب رئيس الحكومة، بسبب مرض أرئيل شارون.
وكما هي العادة في السياسة فإن نهاية الطريق لسياسي تعني فتح المجال أمام سياسي آخر، وهنا تدخل تسيبي ليفني، هي الأخرى لمسار جديد في عملها السياسي، وبطريقة غير اعتيادية، تماما مثلما جرى لأولمرت، وليفني تعتبر هي الأخرى من أمراء الليكود، فقد كان والدها من أعضاء منظمة الإيتسيل الإرهابية التي نشطت أيام الانتداب البريطاني. وقد قال عنها عضو الكنيست روبي ريفلين، من الليكود، إن ليفني عندما جاءت للحزب طرحت نفسها أميرة جديدة في الليكود تحلم باستعادة مجد الحركة، ليس فقط السياسي وإنما وبالأساس الأيديولوجي، المجد الذي تغني بضفتين للأردن، هذه لنا، والأخرى لنا أيضا، لكنها أدارت ظهرها للحركة وإرثها التاريخي وتبعت شارون على خطى مواقف حزب العمل التاريخية.