كامل الشيرازي من الجزائر: بعد مد وجزر استمرّ منذ العام 2002، أعلن مسؤول حكومي جزائري، أنّ بلاده سترسّم مشروعها الخاص بـquot;مفتي الجمهوريةquot; ودار الإفتاء بحلول شهر رمضان المقبل، وهي خطوة يراها مراقبون حاسمة على صعيد تنظيم منظومة الفتوى الدينية بعد بقاءها فترة طويلة رهينة لفوضى مستمرة جراء افتقار الجزائر لمرجع رسمي للفتوى الشرعية.
وقال وزير الأوقاف الجزائري بوعبد الله غلام الله، في منتدى إعلامي، إنّ مصالحه سترفع المشروع إلى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في غضون الشهرين القادمين، وأوضح أنّ المشروع يسعى لتشكيل إطار يتكفل بالفتوى الدينية، ويُعنى بتوحيدها وتفادي استنساخ اختلافات طائفية أو مذهبية في التعاطي مع شتى المسائل المتعلقة بالدين، علما إنّ بيانات أبرزت اهتمام الجزائريين المتضاعف بالفتاوى، وهو ما عكسه رفعهم آلاف الاستفسارات الدينية دوريا.
ودعا المسؤول الجزائري، مواطنيه إلى الاعتماد على quot;مفتي للجمهوريةquot; كمرجعية مستقبلية يحتكمون إليها في مختلف شؤون حياتهم، ودافع الوزير عن حساسية ترسيم هيئة مركزية تتولى مسؤولية الإفتاء في القضايا الشرعية، وتجنب quot;المغرر بهمquot; اللجوء الى مواقع الانترنيت للاطلاع على أحكام دينهم، متصورا إنّ ذلك مقدمة للاختلال، وعدم فهم أمور الدين على نحو سليم.
كما طلب وزير الأوقاف الجزائري من علماء الدين أن يقوموا بإصدار فتاوى ''لا لبس فيها'' تحرم ما تمارسه المجموعات المسلحة من تقتيل دموي باسم الدين على أرض الجزائر، مع الإشارة أنّ الأخيرة شهدت منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي، شيوع فتاوى غريبة على غرار تلك التي (أباحت) قتل المدنيين وذبح الأطفال وسبي النساء، وأخرى استندت إليها المجموعات المتطرفة، حيث تذرعت بفتوى ابن تيمية في محاربة التتار في جنوحها إلى العنف.
وتتطلع السلطات الجزائرية، منذ مدة لإحباط دعوات مشبوهة بثها متمردون وحضت على ثالوث التكفير والتفجير والتطرّف، وجرى الاستعانة قبل فترة بعشرين وجها بارزا من كبار الدعاة والمشايخ في الجزائر والعالم الإسلامي لتقديم تبريرات وأدلة شرعية تدحض المعتقدات والفتاوى التي يستند إليها المسلحون، كما جرى توجيه جمهور الدعاة والأئمة وخطباء المساجد في الجزائر، للنسج على المنوال ذاته، من خلال تكثيف الخطب والدروس المبرهنة على عدم صحة أطروحات العنف، والحاثة على الاعتدال والنابذة للتطرّف، عبر مختلف المؤسسات والمنابر الدينية، لتحسيس الأجيال الجدية في الجزائر بخطورة الانسياق وراء الغلّو والانعكاسات المترتبة عنه.
وأتى ذاك الحراك بعدما أظهرت تحريات أنّ منفذي العمليات الإرهابية الأخيرة، جرى استغلالهم من طرف متشددين عرفوا بغلوهم وتطرفهم، وقاموا ببث أفكار عن quot;الجهاد في العراق وأفغانستانquot; في نفسيات ضحاياهم، ما دفع بهم إلى الارتماء في مستنقع الإرهاب، على غرار عموم منفذي الهجمات الانتحارية التي هزت الجزائر في العام الأخير.
التعليقات