طرابلس: تواجه مئات العائلات التي نزحت عن منازلها المهدمة او المتضررة من المواجهات المسلحة في طرابلس، كبرى مدن شمال لبنان، اوضاعا بائسة دفعت بمؤسسات مدنية الى دق ناقوس الخطر. وتقول ميرفت الهوز عضو مجلس بلدية طرابلس quot;نزحت نحو 800 عائلة من اماكنها في مناطق المواجهات توزع قسم منها على تسع مدارس رسمية واقام القسم الاخرعند اقارب اواصدقاءquot;.

يذكر ان في ايار/مايو الماضي بدات المواجهات بين منطقة باب التبانة التي تقطنها غالبية من الطائفة السنية معظمها من انصار الاكثرية ومنطقة جبل محسن حيث تقيم غالبية من الطائفة العلوية حليفة حزب الله اكبر اطراف المعارضة وسوريا التي تدعم الحزب الشيعي. وشهدت المواجهات عدة جولات اسفرت عن سقوط 23 قتيلا واكثر من مئة جريح اضافة الى خسائر مادية جسيمة.

واحصت بلدية طرابلس وجودquot; 263 مسكنا مدمر بالكاملquot;. وتقدر الهوز quot;ان الخسائر المباشرة او غير المباشرة من المواجهات طاولت نحو 20 الف عائلةquot; لافتة الى ان مناطق المواجهات مدقعة وغالبية سكانها يعملون كمياومين. وتقول quot;وضعنا خطا ساخنا لمساعدتهم يعمل 24 ساعة على 24 ساعة كما انشأنا لجنة طوارىء وزودناهم بالاغطية والفرش ومراوح التهوئةquot; لافتة الى ان بين النازحين عدد كبير من الاطفال والنساء، وبينهن حوامل.

وتعرب فاطمة عضيمات المسؤولة في منظمة الامم المتحدة للطفولة (اليونسيف) عن قلقها لاوضاع العائلات التي فقدت منازلها وquot;مما سيواجهونه في الاشهر القادمة عندما تفتح المدارس ابوابهاquot; بعد عطلة الصيف. وتقول quot;نخشى المشاكل التي سيواجهونها على المدى المتوسط والبعيد (...) ندق ناقوس الخطرquot;. وتلفت عضيمات الى مشكلة التسرب المدرسي التي تعانيها اصلا هذه المناطق الفقيرة متوقعة quot;ان تزداد خطورتهاquot;.

وفيما نزح سكان باب التبانة والبقار والقبة الى مدارس رسمية،انتقل النازحون من جبل محسن الى مناطق ابعد وتوزعوا على 18 قرية في عكار كما تؤكد عضيمات. وتقول quot;اقاموا في قرى نائية عند عائلات فقيرة اصلاquot; مشيرة الى ان الصليب الاحمر اللبناني وعد بارسال مستوصفات نقالة لمتابعة اوضاعهم الصحية.

وتشير الهوز الى ان غالبية النازحين quot;ما تزال ترتدي الثياب نفسها (...) لقد هربوا على عجل ولم يحملوا شيئا بعضهم طلب منا الف ليرة لبنانية فقط (70 سنتا) ليتمكن من الانتقال لتفقد منزلهquot;. وتشير التقديرات الى ان quot; 80% من اهالي هذه المناطق يعيشون تحت خط عتبة الفقرquot;. وتقول الهوز quot;غالبيتهم لا عمل ثابت لديها و60% منهم لم يذهبوا الى المدرسةquot;.

وتوفر المساعدة الغذائية لهؤلاء النازحين منظمات مدنية في مقدمها مؤسسة رفيق الحريري رئيس الحكومة السابق الذي اغتيل عام 2005 ومؤسسات تابعة للوزير محمد الصفدي او رئيس الوزراء الاسبق نجيب ميقاتي. مخلصة خالد السيد في السبعين من عمرها كانت تقيم مع ولدها الذي يعمل سائقا في شركة لتوزيع المواد الغذائية واحفادها الثلاثة في منزله في منطقة القبة على خطوط التماس مع جبل محسن.

تقول quot;مع اندلاع اخر المواجهات فجر الجمعة الماضي تعرض المبنى للقصف المباشر. هربنا الى شاطىء البحر حيث امضينا يومين نأكل وننام داخل الشاحنة بانتظار انتهاء المواجهاتquot;. وتضيف مخلصة التي تعاني من داء السكري وتنتظر المساعدة لتشتري الدواء quot;بعد دخول الجيش علمنا ان المنزل احترق فتوجهنا الى المدرسة على امل ان يتم التعويض عليناquot;.

وتنهمر دموع العجوز التي توضح quot;للمرة الأولى في حياتي اقيم في مدرسة، كنت اتمنى الموت على ان اقف هناانتظر المساعدات الغذائية ومن يشتري لي الدواءquot;. نمر حمد اب لخمسة اولاد يعمل سائق شاحنة صغيرة لنقل الركاب. نزح عن منزله المتصدع في باب التبانة الى احدى المدارس. ويقول quot;لا املك مالا للاقامة في مكان اخر. الحياة هنا لا تطاق، نقيم في غرفة واحدة مع عشرة اشخاص لا نعرفهمquot;.

اما هدى الاسمر ابنة الثالثة والاربعين وعندها سبعة اولاد فتقول quot;امضينا ليلتنا الاولى في غرفة واحدة يقيم فيها 37 شخصا قبل ان يتم تامين غرفة لنا فيها عدد اقلquot;. وتضيف quot;ننتظر ان يستقر الوضع نهائيا لنعود ولو للاقامة على الانقاض. لا نعود الان خوفا من تجدد الاشتباكاتquot;.