طلال سلامة من روما: طغت برودة شديدة على المؤتمر الصحفي الذي عقده برلسكوني يوم الأمس مع ترايان بازيسكو، الرئيس الروماني. فالأخير غير مقتنع أبداً بشريحة كبيرة من الإجراءات الأمنية التي تطال الغجر المهاجرين من رومانيا للعيش هنا. برغم محاولات برلسكوني تهدئة بازيسكو، لا سيما لناحية أخذ بصمات الغجر وأطفالهم، إلا أن الرئيس الروماني مقتنع أن أخذ هذه البصمات وخزنها رقمياً عملية يجب أن تتم بحضور أهالي الأطفال أو قاضي في حال لم يكن بحوزة القاصرين هويات ثبوتية. وبما أن الغجر هم مواطنين أوروبيين فان معاملتهم تنطبق مع معاملة أي مواطن أوروبي آخر. بالطبع، ثمة مساواة منطقية بين المواطنين الأوروبيين لولا ضلوع عائلات الغجر بحوادث خطف ونهب وسرقة سلطت الأضواء وأصابع الاتهام عليهم.

في الوقت الحاضر، تنظر حكومة روما الى الغجر بأنهم بين مفتعلي الحوادث الإجرامية هنا. كما أن تجمعاتهم تحتضن العديد من المهاجرين المخالفين ومجهولي الهوية وذوي السجلات العدلية غير النظيفة. واليوم، يستأثر المهاجرين المخالفين ب42 في المئة من العدد الكلي للمحتجزين في السجون الإيطالية. وأي كان مصدر أو نوع الفتيلة التي أشعلت هذا الحقد حيال الغجر، فان روما تسعى الى استئصال أي شواذ صادر عنهم من جذوره. ويبدو أن المعارضة الأوروبية على الإجراءات الإيطالية ستبقى كلاماً وحبراً على ورق.

في ظل الخلافات والتوترات المتصاعدة بين البلدين، تسعى وزارتي الداخلية، الإيطالية والرومانية، الى تنظيم حملة مشتركة بهدف اللجوء الى تمويلات أوروبية من أجل دمج الغجر في البنية الاجتماعية الإيطالية. فعددهم الكلي بإيطاليا يصل الى مليون نسمة تقريباً، ويساهم جزء منهم في الناتج الإجمالي المحلي. العجيب في الأمر أن الحكومتين تحاولان فض شؤون أمنية واجتماعية تعجز رومانيا، المصدر الرئيسي للغجر، عن حلها على أراضيها. وحتى لو حاولت عائلات الغجر العودة الى رومانيا بيد أن حكومة بوادبست لن توافق أبداً على استقبال المجرمين منهم.

لمحاربة الخلل الأمني، تتخذ حكومة روما موقفاً دفاعياً فلماذا نلقي اللوم عليها في ضوء ظاهرة خارجية استوطنت هنا منذ زمن سحيق إنما لا تخصها وتواصل العيش على هامش المجتمع المحلي؟