سوريا:2009 عام التسويات السياسية
توقعات بإعادة أدوار الدول في المنطقة
بهية مارديني من دمشق: استطاعت سوريا في العام 2008 أن تعيد لنفسها مكانًا في العام 2009 لتؤدي دورًا مهمًا كلاعب في المنطقة. وإعتبر المحلل السياسي فيصل جلول في تصريح خاص لـquot;ايلاف أن دمشق باستضافتها في العام 2008 الملتقى العربي الدولي لحق العودة الفلسطينيquot; تبرهن أنها لاعب اساسي في المنطقةquot;، ولفت إلى quot;انه اذا كان الحديث عن المقاومة فسوريا موجودة، وان كان الهدف الممانعة فهي طرف لا يمكن تجاوزه، وإن كان الهدف اعادة بناء موازين القوى فهي مستعدة quot;، واشار الى انه على الرغم من الضغوط الدولية والانفتاح الاوروبي على دمشق، فلم يتخيّل ان دمشق يمكن ان تتجاوز أساسيات السياسة السورية .
توقعات بإعادة أدوار الدول في المنطقة
![]() |
واعتبر ان استضافة دمشق للملتقى الفلسطيني والملتقيات المشابهة ليست نوعًا من التشدد فهي مسالة حق ومبدأ.
وكان العام 2008 نهاية لمرحلة المحافظين الجدد التي أثبتت فشلها وفتحت المجال واسعًا امام المرحلة القادمة مرحلة 2009 وما بعدها مرحلة بنظر محللين مرحلة ما بعد الفشل وتصويب سياسات المرحلة السابقة، وتقوم المرحلة الراهنة على التسويات واعادة الدبلوماسية النشطة على حساب الضغوطات او استبدال للضغوطات التي كانت عنوانًا للمرحلة السابقة، وهذه العملية الدبلوماسية النشطة تهدف الى تحقيق الاهداف السياسية العامة في المنطقة بطريقة غير مسلحة تحديدًا والترويج عبر الاقناع .
واكد سياسيون سوريون ان مسؤولية الديمقراطيين اعطاء اولوية اكبر للمجتمع الدولي وابراز ان الدور القائد للولايات المتحدة الاميركية في النظام العالمي الجديد ليس دورًا عسكريًا بالضرورة وانما هو دور سياسي بالاساس، وبالتالي يحتاج الى تعاون دولي اكثر من انفراد الولايات المتحدة بقيادة العالم .
وقال المحامي رجاء الناصر القيادي في حزب الاتحاد الاشتراكي الديمقراطي المعارض في سوريا لـquot;ايلافquot;، quot; ان مبدأ التسويات المطروح سيلقي تأثيره على منطقة الشرق الاوسط عبر الترويج لامكانيات حل النزاع العربي الاسرائيلي او ايجاد تسويات مقبولة من كل الاطراف على قاعدة اقامة دويلة فلسطينية واعادة ترتيب ادوار الدول في المنطقة بحيث يعطي ادوارًا ثانوية لبعض الدول الاقليمية مثل سوريا والسعودية الى جانب الدول الاقليمية الكبرى ايران وتركيا واسرائيلquot;.
المفاوضات السورية الاسرائيلية
ولم يستبعد الناصر ان تنتقل المفاوضات السورية الاسرائيلية الى مرحلة المفاوضات المباشرة خاصة بعد تصريحات الرئيس السوري بشار الاسد نهاية العام 2008 خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الكرواتي، عن انتقالها وفق القرارات الدولية، وخصوصًا ان الاطراف لا تعترض عليها من حيث المبدأ انما تعتقد ان هناك شروطًا مواتية لها يجب ان تتوافر اولا وهي في كل الاحوال تنتظر الانتخابات في اسرائيل وفي لبنان، واشار الى اللقاءات الاسرائيلية التركية في هذا الصدد.
ورغم ان متابعون يعتبرون ان الرد الاسرائيلي سيكون في 2009 للوثيقة التي قدمتها سوريا والتي حددت فيها حدود هضبة الجولان التي احتلتها إسرائيل من خلال الوسطاء الأتراك. الا ان محللين سوريين يتوقعون العكس تماما والامر ما زال مثارًا للاختلاف، فبعضهم يؤكد ان المفاوضات غير المباشرة ستستمر اكثر من عام، بل لأعوام، على الرغم من الدفع الاوروبي والانخراط الاميركي الذي سيبدو في 2009 مع تسلم اوباما السلطة ، وان الطريق للمفاوضات المباشرة ستكون وعرة وصعبة ولن تكون بالسهولة التي يتناولها الاعلام فدمشق تريد من اسرائيل ان تتخذ موقفًا واضحًا من المشكلة القائمة بين البلدين قبل موافقتها على دفع المحادثات المتعثرة بينهما وايهود اولمرت الذي خاض محادثات مع نظيره التركي غير جاهز وغير مفوض لاعطاء أي ردود .
ونوه اكثر من متابع سوري حول ما تردد نقلاً عن مسؤول غربي اجتمع مع الرئيس الاسد قوله ان الرئيس السوري غير متحمس لعقد جولة خامسة من المحادثات غير المباشرة قبل الانتخابات البرلمانية الاسرائيلية التي تجري في فبراير (شباط) القادم ، لكن زعماء اوروبيين حثوه على عقد جولة أخرى قبل ذلك.
وكانت الوثيقة السورية رسمت الحدود استنادًا الى ست نقاط جغرافية وابلغت الى الجانب الاسرائيلي عبر الاتراك كما ان دمشق اطلعت زوارها الغربيين عليها ، وكانت المحادثات غير المباشرة بين سوريا واسرائيل بوساطة تركية توقفت حول مصير الجولان منذ اكثر من ثلاثة اشهر بعد ان قرر رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت الاستقالة بسبب فضيحة فساد.
وكانت سوريا واسرائيل اجريتا محادثات مباشرة لنحو عشر سنوات تحت اشراف الامم المتحدة انهارت عام 2000 بسبب الخلاف حول مدى الانسحاب الاسرائيلي المقترح من الجولان.
الملف النووي السوري ومحكمة الحريري
واعتبر انه في العام 2009 سيبقى الملف النووي السوري والمحكمة الدولية في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري وسيلتان للضغط من اجل الدفع بالتسوية اكثر بهدف التوصل الى نتائج حاسمة على قاعدة كشف الحقيقة في هذين الملفين.
العلاقات العربية العربية
ولم يستبعد الناصر ان يتم نوع من التهدئة والتسويات الصغيرة في العلاقات العربية العربية وخصوصا اذا امنت الانتخابات النيابية اللبنانية انتصارا مقبولا .
وهذه التسويات الصغيرة ستكون عبر خطوات بطيئة خاصة ان العلاقات السورية مع السعودية ومصر غير مرشحة للتحسن على المدى القريب ، وتقول دمشق انه اذا كان الخلاف مع السعودية هو الملف اللبناني فالمسالة مع لبنان قد ُحسمت وحلت ، الا ان الواقع يشير الى ان الخلاف متجذر وعدم تعيين سفير سعودي جديد في سوريا ابلغ تفسير لآلية ومآل هذه العلاقات ومستقبلها ، كما ان استدعاء السفير السوري في مصر من قبل الخارجية المصرية بعد تنظيم لجان العودة الفلسطينية اعتصام احتجاجي امام السفارة المصرية في دمشق على اغلاق السلطات المصرية لمعبر رفح ، ان استدعاء السفير يشير الى تعقيد اكبر في مستقبل العلاقات بعد فترة من التهدئة النسبية .
سفارة سورية في لبنان
وتعتبر سورية انها انجزت العام 2008 اهم مطلب اوروبي قالت انها كانت تنشده ايضًا في افتتاح سفارة لها في لبنان الا ان محللين لا يتوقعون لهذه السفارة في العام 2009 الكثير من النشاط والفعالية ويعتبرون ان الجانب السوري سيحتاج ان يطلق اشارة البدء الجدية لعمل السفارة وهو ما سيكون مؤشره اسم السفير السوري في لبنان ومدى قوته .
ولم يستبعد الناصر ان يتم نوع من التهدئة والتسويات الصغيرة في العلاقات العربية العربية وخصوصا اذا امنت الانتخابات النيابية اللبنانية انتصارا مقبولا .
وهذه التسويات الصغيرة ستكون عبر خطوات بطيئة خاصة ان العلاقات السورية مع السعودية ومصر غير مرشحة للتحسن على المدى القريب ، وتقول دمشق انه اذا كان الخلاف مع السعودية هو الملف اللبناني فالمسالة مع لبنان قد ُحسمت وحلت ، الا ان الواقع يشير الى ان الخلاف متجذر وعدم تعيين سفير سعودي جديد في سوريا ابلغ تفسير لآلية ومآل هذه العلاقات ومستقبلها ، كما ان استدعاء السفير السوري في مصر من قبل الخارجية المصرية بعد تنظيم لجان العودة الفلسطينية اعتصام احتجاجي امام السفارة المصرية في دمشق على اغلاق السلطات المصرية لمعبر رفح ، ان استدعاء السفير يشير الى تعقيد اكبر في مستقبل العلاقات بعد فترة من التهدئة النسبية .
سفارة سورية في لبنان
وتعتبر سورية انها انجزت العام 2008 اهم مطلب اوروبي قالت انها كانت تنشده ايضًا في افتتاح سفارة لها في لبنان الا ان محللين لا يتوقعون لهذه السفارة في العام 2009 الكثير من النشاط والفعالية ويعتبرون ان الجانب السوري سيحتاج ان يطلق اشارة البدء الجدية لعمل السفارة وهو ما سيكون مؤشره اسم السفير السوري في لبنان ومدى قوته .
الحرب على الارهاب
اما النقطة التي ستبقى مدخلاً لكثير من التفاهمات خلال 2009 فهي الحرب المشتركة على الارهاب حيث يبدو ان هناك مجالات كبرى للتوافق بين جميع الاطراف على خوض هذه الحرب وتغليب التنسيق المشترك على التصادم الذي رسم مرحلة 2008 .
وعبّر الناصر عن اعتقاده بان باكستان ستكون البؤرة القادمة للحرب على الارهاب مما يسبق الضغوط على حزب الله وحماس ويتيح المجالات للتهدئة في هذه المنطقة .
زيارة الأسد لبريطانيا
ورأى سياسيون ان العلاقات السورية الاوروبية شهدت انفتاحًا كبيرًا سيتوج مجددًا من خلال زيارات متكررة لمسؤولين اوروبيين كما ان زيارة الرئيس السوري لبريطانيا ستؤسس نحو علاقات اكثر عمقًا وانفتاحًا.
وقال الناصر اعتقد ان هناك مجالاً كبيرًا لتحسين العلاقات بين دمشق ولندن والتي قطعت شوطاً لا بأس به في نهاية 2008 مع دول رئيسة في الاتحاد الاوروبي وفي مقدمتها فرنسا واضاف ان قاعدة التوافق الاساسية تقوم على قاعدة مكافحة الارهاب والتي هي مدخل اساسي .
عودة السفير الاميركي لدمشق
ومن المتوقع ان تشهد 2009 عودة السفير الاميركي الى سوريا واعادة افتتاح المدرسة والمركز الاميركيين مع بداية عهد جديد للرئيس الاميركي المنتخب باراك اوباما بعد سحب واشنطن لسفيرها والاكتفاء بالتمثيل عبر القائم بالاعمال واغلاق سوريا للمدرسة والمركز الاميركيين بعد غارة اميركية على منطقة البوكمال اودت بحياة مدنيين.
كما انه من المتوقع ان يفك الحظر على سوريا تدريجيًا ضمن السياسة العامة لإزالة الضغوط حيث لا يستبعد ان تكون العملية تفكيكية لكنها لا تمتاز بالسرعة.
المصالح الاقتصادية
ويعتبر الملف الاقتصادي هو عنوانًا رئيسًا ثابتًا لعام 2009 كما كان عنوانًا لعلاقات سورية فرنسية وسورية بريطانية.... من خلال تقديم دمشق لاوروبا استثمارات وصفقات وتوجت نهاية 2008 بتوقيع نص معدل لاتفاقية الشراكة السورية الاوربية.
واعتبر اقتصاديون ان الاهتمام الدولي في 2009 سيتزايد للتخلص من اثار الازمة الاقتصادية الدولية واهتمام الغرب باعادة تصدير منتجاته وتامين موارد رخيصة للخروج من الركود ومن المتوقع وعلى ما يبدو ان بعض الدول العربية انتبهت الى هذه المسالة، وبالتالي ستبحث عن المصالح المشتركة بينها وبين الغرب من اجل تحسين العلاقات وتطويرها ، وان السياسة السورية تنبهت الى هذه المسالة في اعادة علاقاتها مع دول الاتحاد الاوروبي واتجهت الى عقد الاتفاقات الاقتصادية وعقود النفط والغاز مع دول بعينها .
هذا وضمن السياسة الاميركية الغربية العامة لفك الضغوط تدريجيا عن سوريا سيطال في 2009 هذا الملف فك الحظر عن الطائرات وقطع الغيار والتكنولوجيا.
ملف حقوق الانسان
واعتبر الناصر ان الانعكاس السلبي الاكبر في 2009 فهو على مسالة حقوق الانسان التي تراجعت في قائمة اهتمامات الكثير من القوى على حساب المشترك وهو مكافحة الارهاب .
ولم يستبعد محللون ان يتم تجاهل هذه المسالة نهائيًا في العلاقات السورية الاوروبية والعلاقات السورية الاميركية من خلال اتفاقية الشراكة السورية الاوربية او حتى على مستوى العلاقات الدولية العربية بشكل عامز
وقال الناصر انه من المؤسف ان تكون الضحية هي حقوق الانسان في الوقت الذي تمر فيه الذكرى الستين لتوقيع الشرعة الدولية لحقوق الانسان.
ولكن في رأي الدكتور عمار قربي رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الانسان في سوريا والذي تحدث لايلاف ان عام 2009 سيكون افضل من عام 2008 في ملف حقوق الانسان ، فميشيل كيلو ومحمود عيسى في العام 2009 سيخرجون من السجن وينضمون للحركة الحقوقية .
واوضح قربي ان الاوضاع السياسية قد استقرت والضغوط على سوريا قد تقلصت والانفراجات اوسع وذهب الرئيس الاميركي جورج بوش كما ان ادارته غادرت واستلم الديمقراطيون بل تسلم اوباما، وهو اعلن انه جاهز للحوار دون شروط ناهيكم ان المحكمة الدولية اصبحت في عهدة دولية ولم تعد مسار تجاذبات اقليمية سورية لبنانية. وعلى المستوى الاقليمي بات الوضع في لبنان اكثر راحة فكما صرح وزير الخارجية السوري وليد المعلم باتوا اكثر قوة وهو مسار ارتياح دمشق ، كما ان ادارة لبنان بشقها 8 و14 اذار ارسلت بوادر اطمئنان لسوريا بدءًا من الرئيس اللبناني ميشال سليمان.
واضاف قربي كما ان الصراع العربي الاسرائيلي يشهد مفاوضات وهي وان لم تفض الى نتيجة الا انها تزيل التوتر وكل هذا باختصار سيجعل الحجج السورية ضعيفة لجهة عدم انفتاحها على الداخل السوري، خاصة ان المعارضة السورية والمجتمع المدني بات اكثر نضجًا وباتت مطالباتهم اكثر واقعية ومن هنا اصبحت الكرة في ملعب السلطات السورية.
وحول المطالب في 2009 قال الشرعية ولا شيء غير الشرعية ، معتبرًا انها مفتاح كل الحلول وان ترخيص كل المنظمات ومنها المنظمة الوطنية هو الحل واشار الى ان الدعوة ما زالت منظورة امام القضاء.
وقال قربي ان الترخيص هو الخطوة الاولى باتجاه مؤسسة عمل المجتمع المدني من اجل اعادة السياسة والمجتمع ، لافتا الى انه يتكلم هنا على اعلان قانون الاحزاب ، معربًا عن تفاؤله بالعام الجديد لجهة تكثيف العمل وتقديم الحل المنتظر.
التعليقات