إحراز تقدم بمفاوضات حماس في القاهرة

ليفني: حماس ستندم والـ1860 لا يعنينا بشيء

القدس: عندما يتوقف إطلاق النار في قطاع غزة في نهاية المطاف فإن سؤال quot;من المنتصر؟quot; سيكون مرتبطا بشكل كبير بالقتل والدمار. ولن تستطيع لا إسرائيل ولا حماس أن تجيب عليه بشكل حاسم أو فوري. وتقول اسرائيل انها شنت هجومها يوم 27 ديسمبر كانون الاول لوضع نهاية دائمة للصواريخ وقذائف المورتر التي تطلقها حماس عبر الحدود على بلدات ومدن في جنوب اسرائيل.

وهذا هو الهدف الذي اعلن عنه على الاقل بشكل واضح جدا. ولكن بعد اسبوعين من القتال لا تزال الصواريخ التي اطلق منها اكثر من 4000 منذ عام 2001 تسقط على اسرائيل حتى ولو كانت باعداد اقل بكثير عما كانت عليه قبل اسبوعين. وتعتقد اسرائيل انه ما زال بمقدور الفلسطينيين اطلاق 200 صاروخ يوميا.

وربما يتم ابرام اتفاق لوقف اطلاق النار توافق بموجبه حماس على وقف اطلاق الصواريخ لكن فرص صمود هذا الاتفاق للابد كما تريد اسرائيل تكاد تكون معدومة تقريبا فهناك جماعات فلسطينية مسلحة اخرى في غزة قد تنتهك الاتفاق وتشعل الصراع من جديد.

وتريد اسرائيل ايضا وضع quot;اليةquot; لمنع تهريب الاسلحة الى غزة من مصر وبالتالي تحرم حماس من الحصول على المواد التي تستخدم في صنع الصواريخ. ولكن لم يتضح كيفية تحقيق هذا ناهيك عن رفض القاهرة لنداءات بنشر قوات دولية على جانبها من الحدود.

ولهذا السبب يؤيد بعض الزعماء الاسرائيليين توسيع نطاق العملية العسكرية لتدمير حماس بالكامل وقتل قادتها وخلق الكثير من الصعوبات في غزة حتى ينقلب السكان على حركة حماس الاسلامية التي انتخبوها عام 2006 . بيد ان القضاء على حماس يظل هدفا اصعب كثيرا ولن تستطيع اسرائيل على الارجح ان تحققه في الوقت المتاح امامها قبل ان ترضخ للضغوط الدولية وتوقف عملياتها.

ولهذا فانه اذا لم تستطع اسرائيل القضاء على حماس او وقف اطلاق الصواريخ بشكل دائم فما الذي يمكن ان تبرره عن اسابيع من القتال الذي حصد ارواح نحو 900 فلسطيني و13 اسرائيليا وعن الادانة الدولية التي انهالت على الدولة العبرية؟ وفي حين يقر المحلل الامني الامريكي انتوني كوردسمان بحاجة اسرائيل لمعالجة التهديدات الصاروخية من حماس الا انه يقول بان الاستراتيجية التي تتبعها اسرائيل قد تأتي بنتيجة عكسية.

وكتب في مقال لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية يقول quot;ليس واضحا ان المكاسب التكتيكية تستحق التكلفة السياسية والاستراتيجية التي ستتحملها اسرائيل.quot; وتساءل quot;هل ارتكبت اسرائيل حماقة ما بالدخول في حرب تتصاعد بشكل مطرد دون ان يكون لها هدف استراتيجي واضح؟ او على الاقل هدف واحد تستطيع ان تحققه بشكل حقيقي؟.quot;

واضاف quot;هل سينتهي الامر بالنسبة لاسرائيل باعطاء عدو هزمته من الناحية التكتيكية الثقة فيما يتعلق بالنواحي السياسية؟ هل اعمال اسرائيل الحقت اضرارا بالغة بوضع الولايات المتحدة في المنطقة وبأي امل للسلام وايضا بالانظمة والاصوات العربية المعتدلة؟ وتابع quot;لكي اكون صريحا فان الاجابة حتى الان هي نعم على ما يبدو.quot;

وتعتقد اسرائيل انها نجحت في الحد من قدرة حماس على اطلاق الصواريخ وبرهنت على قدرتها على quot;الردعquot; وقتلت الكثير من قادة حماس وربما جعلت الكثير من الفلسطينيين في غزة يشككون في الحكمة من السلوك المتشدد الذي تنتهجه حركة حماس. ويضاف هذا كله الى امكانية ان حماس ربما تمتثل لوقف لاطلاق النار وهو ما سيمنح على الارجح القادة العسكريين والسياسيين الاسرائيليين الطمأنينة للمضي قدما. وقال ماتان فيلناي نائب وزير الدفاع الاسرائيلي يوم الاحد quot;حققنا انجازات لم يحلم بها احد قبل اسبوعين.
quot;بالنسبة للضربات التي تعرضت لها حماس فانهم ما زالوا غير مدركين لما لحق بهم. سيدركون جميعا الامر بشكل افضل عندما يخرجون (من اماكن اختبائهم).quot;

وتقف الاغلبية اليهودية في اسرائيل بشكل تام حتى الان وراء قيادتها لكن مفهوم الانتصار الذي سعوا اليه بشدة بعد الحرب غير الحاسمة التي خاضتها اسرائيل عام 2006 ضد مقاتلي حزب الله في لبنان وضرورة استعادة الكرامة القومية ما زالا بعيدي المنال. وبالمثل لا تستطيع حماس ان تعلن انها حققت فوزا مطلقا سواء الان او عندما تصمت اصوات الاسلحة.

ومثلما فعل حزب الله بعد حربه التي استمرت 34 يوما مع اسرائيل فان حماس ربما تصف نفسها بانها استطاعت رغم انها الطرف الاضعف ان تصمد امام قوة الجيش الاسرائيلي المزود باحدث التكنولوجيا والمدعوم من الولايات المتحدة وتنال الثناء عن ذلك. ولكن بالنسبة لكل الفلسطينيين في غزة الذين سيشعرون بالفخر تجاه المقاومة التي ابدتها حماس فان اخرين سوف ينظرون الى المباني المدمرة والقبور الجديدة التي حفرت ويتساءلون عما اذا كان الامر يستحق.

وعندما اجرى الفلسطينيون الانتخابات التشريعية في اوائل 2006 تغلبت حماس على منافستها حركة فتح التي كانت لها الهيمنة لوقت طويل. وتلوثت فتح بالفساد والاخفاق في تلبية احتياجات 3.9 مليون فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة. وعلى الجانب الاخر كانت حماس موضع تقدير على نطاق واسع بسبب اعمالها الخيرية ونزاهتها وورعها الشديد.

وهددت حماس ايضا الامن الاسرائيلي بموجة من التفجيرات الانتحارية. والان اصبح مقاتلوها يشتهرون اكثر باطلاق الصواريخ -المحلية الصنع او التي جلبت من الخارج- على اسرائيل. ووعد الرئيس الفلسطيني محمود عباس باجراء انتخابات برلمانية ورئاسية لكن حماس لم تعد تقبل بشرعيته ولم يتضح متى سيتاح لسكان غزة فرصة اخرى لانتخاب قادتهم. وعباس هو زعيم حركة فتح ويقتصر نفوذه على الضفة الغربية منذ ان تغلبت حماس على قواته في غزة في عام 2007.

وتريد اسرائيل والغرب ان ينصرف الفلسطينيون عن حماس - التي اعلنت ان هدفها النهائي هو تدمير اسرائيل- ويلتفوا حول عباس و quot;المعتدلينquot; المستعدين للتفاوض من اجل تحقيق السلام رغم ان الجهود الدبلوماسية التي بذلت في الماضي لم تجعل الفلسطينيين اكثر قربا من حلم اقامة دولة مستقلة. وابلغ بعض الحلفاء ومنهم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي يحاول التوسط لوقف اطلاق النار اسرائيل بانها تخاطر بحربها في غزة باضعاف عباس لصالح راديكاليين مثل حماس.

وكما قال خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس للاسرائيليين quot;لقد صنعتم مقاومة في كل بيت.quot; ومن المتوقع ان يعلن كل جانب انه الطرف المنتصر بعد انتهاء الحرب. وايا كان الطرف الذي سيعتبر منتصرا فان المدنيين هم الذين دفعوا الثمن.