الرئيس المنتخب يدخل التاريخ من البوابة الصاخبة
العالم يترقب تنصيب أوباما على عرش أميركا
سماء واشنطن تشتعل اليوم بفرحة تنصيب اوباما
أشرف أبوجلالة من القاهرة:
في الوقت الذي إهتمت فيه مختلف وسائل الإعلام الأجنبية بشكل عام والأميركية بشكل خاص خلال الآونة الأخيرة بتسليط الضوء على طبيعة الترتيبات الإحتفالية أو الأمنية الخاصة بحفل تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما، لم يكن هذا الصخب أو الضجيج الذي رافق أوباما في جميع تحركاته على مدار الأيام القليلة الماضية وقبيل تنصيبه بساعات مجرد صخب إعلامي أو صخب جماهيري فحسب، بل كانت طريقة مخزية يمكن أن يتم من خلالها استقبال رئيس جديد للبلاد... بهذا الرأي الشديد الشفافية، عبرت كاتي كاي ، مراسلة البي بي سي من واشنطن والمتخصصة في تغطية شؤون السياسة الأميركية للهيئة البريطانية عن حالة الضجيج التي لازمت أوباما قبيل بدء مراسم تنصيبه رئيسًا جديدًا للولايات المتحدة الأميركية.

وتري كاتي أن الضجيج الذي سيشهده تنصيب أوباما اليوم الثلاثاء يذكرها بالصخب والظروف التي تتميز بها الأسرة الملكية في بريطانيا. وبدت الأمور بالنسبة إليها وكأن حفل الغد أشبه بمراسم التتويج وليس التنصيب، باعتباره سيكون ملكًا وليس رئيسًا، خاصةً أن أوباما لم يقم سوى باستبدال ضجيج واحتفالات الملكية الوراثية بضجيج واحتفالات الملكية المنتخبة وكأنه ملكًا في طريقه إلى تولي العرش. فضلاً عن أن الضجيج الذي دخلت من خلاله كارولين كينيدي المشهد السياسي يشير إلى أن حالة افتتان أوباما بالعائلات الملكية لم تنتهِ بعد. كما تبدو واشنطن هذا الأسبوع مثل لندن عندما تكون في حالة تأهب لاستقبال احدى المناسبات الملكية الكبري.

كما جاء الحفل الذي ينتظره العالم يوم غد لاستقبال أول رئيس أسود في تاريخ البلاد، ليتشابه في وجه آخر مع ضجيج الاحتفالات الملكية في بريطانيا، ألا وهو الاستغلال التجاري للحدث على أمثل وجه. ففي الوقت الذي استغلت فيه العديد من المتاجر للزواج الملكي الذي جمع بين الأمير تشارلز والأميرة ديانا عام 1981 ، كان الاستغلال التجاري حاضرًا أيضًا في فوز أوباما في أعقاب معركة الانتخابات الرئاسية على حساب منافسه الجمهوري جون ماكين، وذلك عن طريق الترويج لبعض المنتجات اعتمادًا على صور أو ملصقات للرئيس. لكن أوباما يفتقد ndash; بحسب كاتي ndash; هو عنصر مهم ووحيد في هذا الشبه الملكي، ألا وهو التورط في العديد من الفضائح التي تتخصص في نشرها وتسليط الضوء عليها صحف التابلويد الشهيرة جدا في إنكلترا، فكان بطلا ً لها حتى العام 2002 الأمير تشارلز، ولم تهدأ الأمور بالنسبة إليه إلا بعد زواجه من الأميرة كاميلا. كما أن ولاية أوباما ليس من المرجح أن تشهد فضائح مماثلة لتلك النوعية التي روجتها صحف إنكلترا للأمير تشارلز.

لكن تبقى إشكالية مهمة، بالنسبة إلى قضية التعامل مع أوباما على أنه عاهل منتخب، وليس رئيسًا منتخبًا، وأكثر من سيضار بسبب هذا الأمر هم الصحافيون، الذين سيلاقون صعوبات في انتقاده بسبب الإطار الملكي الذي يحيا بين طياته ، على عكس الوضع مثلاً في إنكلترا حيث تعطي الملكة مساحة من الحرية في التعامل مع رئيس الوزراء وفقًا لوضعيته الحقيقية ndash; باعتباره مسؤولاً منتخبًا يتقاضى راتبه من أموال دافعي الضرائب ويخدم الناس.

وفي مقال آخر للرأي ، كتبت تينا براون، مؤسسة ورئيسة تحرير صحيفة quot;ذا ديلي بيستquot; عن الطريقة التي نجح من خلالها أوباما في تغيير الولايات المتحدة تمامًا بدايةً من جهاز البلاكبيري الذي كان يستخدمه. وقالت إن باراك حسين أوباما ، كما سيعرف بحلول منتصف نهار يوم غد الثلاثاء، قد غير بالفعل كل شيء متعلق بأميركا ndash; ومعركته الملحمية في الاحتفاظ بجهاز البلاكبيري الخاص به تقول كل ذلك. وتحدثت براون عن أوجه الاختلاف ما بين بوش وأوباما في كثير من الجوانب الشخصية والعملية، والتي كانت في أغلبيتها لصالح الرئيس المنتخب بدءًا من رغبته في تغيير الكثير من الأمور على أرض الواقع بشكل عملي وسريع، على عكس سابقه الذي كان يفضل الهروب من المواجهات والدخول في مناقشات. ولعل حرص أوباما على الاحتفاظ بجهازه الإلكتروني المفضل، يعكس هذه الحقيقة ، فهو يبقى دائمًا على اتصال بمستشاريه وأصدقائه.

كما كان أوباما حريصًا في الوقت ذاته على استكمال تطبيقه لسبل التكنولوجيا الحديثة من خلال استخدامه شبه الدائم لشبكة الإنترنت حتى قبل دخوله لعالم السياسة الانتخابية، وقد سبق له وأن أثبت مهاراته كمنظم اجتماعي عندما كان يتعامل مع الإنترنت. كما أنه كان بشرى لتحول مجتمعي تتشكل معالمه الآن أمام أعيننا في ظل موجة الانهيار الاقتصادي الحالية. ولم تتسبب الانتخابات في وقوع صدمة كبرى للعالم السياسي فحسب ، لكن أيضا لقائمة أغنى 500 شركة تجارية. وهو ما يرجع لما يمكن أن يطلق عليه بإستراتيجية quot; التأثير الأوباماويquot; - والخاصة بالجوع المفاجئ للإبداع والتجديد، الاعتراف الذي يستدعي منا أن نكون أكثر فطنة، وهو الأمر الذي يدل على دور أوباما الفعلي في تغيير الكثير من أوجه الولايات المتحدة.

كما أن أكبر فرصة محتملة للرئيس الجديد هي تلك الخاصة بالتأثير الثقافي ، حيث أن الفرصة مؤاتية له بأن يعكس المناخ المناهض للفكر الذي كان قد بلغ أوجه تحت مظلة الرئيس جورج بوش الابن. وفي شأن آخر، فإن أوباما من الممكن أن يتعامل مع مشاكل وقضايا مؤيديه الأميركيين ذوي الأصول الإفريقية بشكل لم يسبق لأي قائد سياسي أبيض أن تطرق إليها لأنه أسود مثلهم. أما بالنسبة إلى ميتشيل أوباما، فهي قد تنجح في إثبات أنها السيدة الأولى الأكثر إدراكًا على الإطلاق، فهي تمثل قوة في المجال العام لكنها نموذجًا يُقتضى به في الداخل. فقد نجحت في تحقيق نظرية الموازنة بين عملها وتأييدها لزوجها في معتركه السياسي وبين بيتها وتربية أولادها وهو المعيار الرئيس للمرأة الحديثة. وعلى عكس شيري بلير وهيلاري كلينتون، لم تسعَ للدخول في منافسة مع زوجها. لكنها على عكس نانسي ريغان ولورا بوش، لم تترك أي شك لأي أحد بأنها قادرة على تحقيق ذلك تمامًا.