بعد ضجة أثارها كتاب سوريون
غينديلمان: الخارجية الإسرائيلية تولي أهمية لمقالات المعتدلين العرب
استهجان كتّاب سوريين من ترويج خبر ليفني
نضال وتد تل أييب:
الضجة التي أثارها كتاب سوريون، ونشر عنها في موقع إيلاف قبل أيام، عن إيعاز وزيرة الخارجية الإسرائيلية ، تسيبي ليفني بإعادة نشر مقالاتهم في الموقع الرسمي لوزارة الخارجية الإسرائيلية، لم تثر اهتماما أو رد فعل مميز في الخارجية الإسرائيلية وأروقتها، فإعادة نشر مقالات تصدر في الصحافة العالمية وفي العالم الإسرائيلي ليست بالأمر الجديد في سياق الصراع على الرأي العام المحلي والعربي والعالمي بين إسرائيل والدول العربيةلافمنذ سنوات طويلة ومراسلو الشؤون العربية في إسرائيل يتتبعون عن كثب كل ما ينشر ويبث في العامل العربي، وإعادة نشر مقاطع وفقرات بل ومقالات بأكملها ليست بالظاهرة الجديدة في إسرائيل، وتحديدا في أوساط المستشرقين والمستعربين منهم.
بل إن كثيرا من نجوم الاستشراق والصحافة والإعلام المختصين في إسرائيل بالشؤون العربية سبق لهم وأن بنوا مجدهم على معرفتهم للغة العربية وبالتالي سهولة وصولهم إلى ما يقال ويكتب في العالم العربي.
ومع نشر إيلاف الخميس خبرا عن ظاهرة إعادة نشر مقالات لكتاب عرب في الموقع الرسمي لوزارة الخارجية الإسرائيلية، قال مدير قسم الصحافة العربية في وزارة الخارجية الإسرائيلية، أوفير غينديلمان في تعقيب خاص لإيلاف: quot; تنشر وزارة الخارجية عبر موقعه quot;التواصلquot; المعد لهدف تأسيس العلاقة والاتصال بالرأي العام العربي، مقالات سبق وأن تم نشرها في الصحف العربية المختلفة، والتي تتناول مشاكل مشتركة لإسرائيل والمعتدلين في العالم العربي؟ وتوجه هذه المقالات، انتقادات لمنظمات الإرهاب حماس وحزب الله، من جهة، أو لسوريا وإيران من جهة ثانية. تتمحور الانتقادات التي تتناولها هذه المقالات ضد الإرهاب الذي تمارسه هذه المنظمات، وغياب احترام حقوق الإنسان في هذه الدول وتطرف أنظمتهاquot;.
ويضيف غينديلمان :quot; تولي وزارة الخارجية أهمية كبيرة لأصوات المعتدلين في العالم العربي، الذين يدركون أن الإرهاب والكراهية يقودان العرب إلى المزيد من المعاناة والمرارة والعزلة. إن دعوات هؤلاء الكتاب الشجعان من أجل السلام تتماشى مع تطلعات إسرائيل لتحقيق السلام مع جاراتها، ولا ضير في ذلكquot;.
يمثل تصريح غيندلمان أعلاه إقرار ليس فقط بإعادة نشر هذه المقالات وإنما أيضا بسياسة إسرائيل في دعم ونشر كل مقال ترى أنه يتماشى مع سياستها، ومن تعتبرهم من الكتاب العرب في معسكر الاعتدال، حتى وإن كان هؤلاء الكتاب يكتبون من منطلقاتهم الفكرية ورؤيتهم للواقع والمعاكسة كليا للمنطلقات والرؤية الإسرائيلية، فكثير من الكتاب مثلا يعتبرون أن كتاباتهم ضد خط وسياسة حماس وحزب الله تنطلق ليس من باب اعتبار هاتين المنظمتين إرهابيتين، بل ولربما من باب الانتقاد البناء الذي ينطلق مما يعتبره هؤلاء المصلحة العليا سواء للقضية الفلسطينية أو للأمة العربية، وليس من منظور شراكة المصير أو الهموم مع إسرائيل ونظرتها وتصنيفها للعرب بين معتدل ومتطرف، بل قد تندرج ضمن أجندة ومشروع حداثة وتنوير عربي يعارض نشوء أنظمة أصولية لكن هذه المعارضة لا تعني بالضرورة القبول بالمشروع الإسرائيلي ورؤية هذا المشروع لمستقبل المنطقة
بل إن السلوك الإسرائيلي المذكور يقوم عمليا بتوظيف مقالات هؤلاء الكتاب الذين تم إعادة نشر نتاجهم( عادة دون استئذانهم) لإعطاء مصداقية لمضامين المواقف الإسرائيلية والمواقع الإسرائيلية الرسمية منها وغير الرسمية، بل إنها تستخدم في الحرب الإعلامية بين العرب وإسرائيل عبر اقتباس مقاطع من مقالات كتاب عرب مشهورين، مثل مقالات عبد الرحمن الراشد، أو كتاب من صحيفة الحياة ومن كتاب موقع إيلاف مثل مقالات الأستاذ أحمد أبو مطر للترويج للموقف الإسرائيلي عبر الاستشهاد بما يكتبه العرب أنفسهم، ولاسيما المقالات المناهضة لحماس أو المنتقدة لسياستها.
فعند دخولك لموقع quot;التواصلquot; المذكور، مثلا تطالعك مقالة تحت عنوان quot;التعنت يمنع تحقيق الحلم العربي للكاتب عبد الله الهدلق المنشور في صحيفة الوطن الكويتية بتاريخ 25 يناير: يستهل عبد الله الهدلق مقاله الجديد الذي نشر اليوم في صحيفة الوطن الكويتية بالعودة إلى رفض العرب لقرار الأمم المتحدة رقم (181) بتاريخ 1947/11/29، الذي أعطى للفلسطينيين (%42.9) من مساحة فلسطين مؤكدا أن حركة حماس المنقلبة على السلطة الفلسطينية تكمل مسلسل التعنت والرفض وتضيع -ربما- اخر فرصة للسلام وتثبيت التهدئة. ويختتم عبد الله الهدلق المقال متسائلًا: quot;هل يمكن ان يتحقق الحلم العربي في وجود عقليات مثل حماس وحزب الله؟!quot;
وعندما تضغط على مفتاح مقالات لكتاب عرب تجد أمامك قائمة طويلة من المقالات لكتاب عرب يكتبون في كبريات الصحف العربية والمواقع العربية وتطالعك أسماء مثل: طارق الحميد، رئيس تحرير الشرق الأوسط، د. محمد السعيد الذي يكتب عادة في الأهرام المصرية، تركي الحمد ، الشرق الأوسط، حسين السراج، مجلة أكتوبر، أنيس منصور، ناصر السويدان، صحيفة السياسة الكويتية، د. فيصل القاسم (مقالة نشرت في كل العرب الصادرة في الناصرة)، صالح القلاب، صحيفة الرأي الأردنية، الكاتب السوري؛ نضال نعيسة، مقالات نشرت في صحيفة السياسة الكويتية مع الإشارة إلى أنه سوري الجنسية، مقالات للكاتب الفلسطيني أنور الحمايدة وقد نشرت في موقع إيلاف، ومقال لسامر السيد نشر أيضا في موقع إيلاف. وغيرهم كثيرون من الكتاب العرب الذين ينشرون مقالاتهم في مواقع وصحف عربية لكنها تجد طريقها على الموقع الرسمي لوزارة الخارجية الإسرائيلية.
يوآف شطيرن: من يخشى نشر مقالاته فليفكر قبل الكتابة
من جهته ثقول يوآف شطيرن، مراسل الشؤون العربية في صحيفة هآرتس، إن هذا الأمر ليس بالشيء الغريب، صحيح أنه لا توجد في إسرائيل مواقع تعيد نشر مقالات بالعربية كاملة ، ولكن حقيقة نشر هذه المقالات تبقى امرا طبيعيا ، فالصحف العربية في كافة أنحاء العالم العربي وخارج العالم العربي، تنشر بشكل دائم مقالات صدرت في الصحافة العبرية الإسرائيلية ، مقالات بأكملها، سواء في الصحف الفلسطينية أو الصحف اللبنانية، وغيرها، ولا أرى سببا لماذا يمكن للصحف العربية أن تنشر المقالات الإسرائيلية ولا يمكن للصحافة الإسرائيلية أن تنشر مقالات عربية منشورة في العالم العربي، سواء كانت سورية أم لا، عن حرية النشر هي للجميع، ومن لا يريد قول شيء ما عليه ألا ينشر مقالاته أصلاquot;. فلكل مقالة حياتها الخاصة منذ لحظة نشرها، فقد أجد مقالة لي في صحيفة فلسطينية ولربما لبنانية أو مصرية، ومن يكتب في سوريا أو الأردن، فعليه أن لا يستغرب نشر مقالته في إسرائيل، وعليه أن يفكر في الأمر قبل نشر مقالاته، فإذا كان يخاف النشر فعليه ألا ينشر مقالاتهquot;.
وأوضح شطيرن أن ما ليس جديدا في هذه الظاهرة هو أن الصحافة الإسرائيلية اعتادت في الماضي عدم نشر مقالات بأكملها، والاكتفاء بنشر مقاطع وفقرات معينة من هذه المقالات، وهذا أمر جرت عليه العادة منذ سنوات طويلة، وكانت الصحافة الإسرائيلية وعلى مر السنين تقوم بنشر مقاطع من هذه المقالات مع إضافة تحليل لها ولمضامينهاquot;.
كلها مقالات تناقش التيارات الإسلامية في الوطن العربي أو تنتقد وتعارض النشاط الإيراني، وبالتالي فإن نشرها من جديد في موقع الخارجية الإسرائيلية من شأنه أن يوحي أن هذا الكم الكبير من الكتاب العرب هم من مناصري التصنيف الإسرائيلي والأمريكي القائل بوجود تيار عربي معتدل يرغب بالسلام مع إسرائيل ويعتبر إيران خارجية تعرقل بمواقفها ونفوذها لدى الجهات الأصولية مثل حماس وحزب الله إحراز تقدم في المسيرة السلمية. وهو انطباع تحاول إسرائيل تعزيزه، وربطه بمحاور سياستها الخارجية في العالم العربي، وهو ما تجلى مثلا خلال زيارة ليفني في الصيف الماضي للدوحة وخطابها هناك وسعيها لتوظيف الخلافات القائمة في الخليج العربي بين بعض دول الخليج العربي وإيران لصالح تشكيل ائتلاف مناهض لإيران وسياساتها الإقليمية.