هدوء حذر ومخاوف من تجدد المواجهات
مقتل شخصين وجرح 28 آخرين جنوب الجزائر

كامل الشيرازي من الجزائر: لقي شخصان مصرعهما وجرح 28 آخرين كما أحرق 18 منزلا ومحلا تجاريا في حصيلة جديدة للفتنة الطائفية التي عادت لتضرب مدينة بريان التابعة لولاية غرداية (550 كلم جنوب الجزائر)، ورغم موجة الهدوء الحذر التي ميزت أمسية اليوم السبت، إلاّ أنّ السكان المحليين بقوا قلقين إزاء احتمال تجدد نشوب المواجهات.

وبعدما ظلت الأوضاع مكهربة على مدار الـ24 ساعة المنقضية، سمح تدخل مصالح حفظ الأمن من استتباب الأوضاع، خصوصا بعد إيقاف عشرات المشاغبين، كما وجّهت السلطات نداءا إلى مواطنيها بضرورة ضبط النفس والتحلي بروح المسؤولية، سادت حالة من الغليان البلدة المذكورة، في وقت أثيرت استفهامات عن خلفية تفجّر الفتنة مجددا بين أبناء الجنوب وهل الأمر يتعلق فعلا بفتنة طائفية بين quot;الإباضيةquot; وquot;السنيينquot; أم بثورة شبابية على أوضاعهم الاجتماعية المتدهورة، علما أنّ رئيس الوزراء الجزائري عبد العزيز بلخادم وكوكبة من الأعيان جزموا قبل أشهر، بنجاحهم في احتواء سلسلة القلاقل التي عصفت بمنطقة quot;بني ميزابquot; منذ العام 2004.

واتهّم وزير الداخلية الجزائري نور الدين يزيد زرهوني، قبل فترة، من سماها (عصابة خارجية) بالتحريض على quot;التطهير العرقيquot;، وذكر زرهوني أنّ سلطات بلاده عثرت على مناشير تحريضية بمنطقة بريان، بينما هاجم الرئيس بوتفليقة من نعتهم quot;مفتعلي الأزمات والمآسي، علما أنّ الجزائر اعتقلت 120 شخصا في أحداث سابقة، لكنها أطلقت سراحهم مؤخرا.

وكانت حوادث مشابهة انفجرت في شهري مارس/آذار ومايو/آيار السنة المنقضية، حيث كانت هذه المنطقة الأثرية الجنوبية مسرحا لعديد المناوشات غير المنتهية بالخناجر والعصي بين شباب قيل أنّ بعضهم ينتمون إلى فئة (الإباضية) وآخرون إلى فريق (المالكية)، ووسط تلك الطوارئ لفظ شيخ أنفاسه الأخيرة إثر تعرضه إلى طعنة من طرف مجهول، بينما قضى مواطن آخر برصاصة طائشة، بينما تلقى 35 جريحا جراحا متفاوتة، فضلا عن خسائر مادية ضخمة بالمليارات، جراء التحطيم الذي تعرضت له عديد المرافق العامة من إدارات ومدارس ومحال تجارية، وحتى المنازل لم تسلم من ذاك الهشيم.

ووجهت الداخلية الجزائرية التهمة آنذاك إلى quot;أياد أجنبيةquot; اتهمتها بالتعفين واستخدام عصابات مافيوزية لضرب استقرار البلاد، علما أنّ مختلف الفرق هناك ظلت متعايشة في كنف سلم تام منذ وقت طويل، الأمر الذي جعل خبراء الشأن الجزائري ينظرون بعين الارتياب إلى ما يحدث، ويطرحون تساؤلات ملحة عمن يحرك (المؤامرة) في الخفاء.

يٌشار إلى أنّ أعمال العنف الحالية تعدّ السادسة من نوعها بالمنطقة منذ ربيع 2004، والثالثة في ظرف شهرين، حيث شهدت منطقة بريان أواسط شهر مارس/آذار الماضي ومطلع أبريل/نيسان، مواجهات عنيفة اندلعت لأسباب تافهة، وكان أشدها ليلة المولد النبوي الشريف لعام 2008، وخلفت حينذاك مقتل شخصوجرح العشرات، فضلا عن إصابة مواطنين بصدمات نفسية، على غرار عائلة جرى اقتحام مسكنها من طرف أشخاص ملثمين.