اتهم تقرير quot;غولدستونquot; إسرائيل بارتكاب جرائم حرب، وربما تصل إلى جرائم ضد الإنسانية، وأدى تأجيل السلطة الفلسطينية بحث التقرير في مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة لإثارة زوبعة على الساحة الداخلية، وحاول الرئيس محمود عباس تخفيفها من خلال إعلانه تشكيل لجنة تحقيق لمعرفة حيثيات التأجيل الذي حصل، ولا زال الموقف غامض حتى الآن ولم تعلن السلطة الظروف التي أدت لتأجيل بحث التقرير.
غزة: في الوقت الذي يتطلع فيه ضحايا الحرب على غزة إلى محاكمة إسرائيل، وقادتها على الجرائم التي ارتكبتها في قطاع غزة شهري ديسمبر ويناير الماضيين، فان مجلس حقوق الإنسان أرجأ مسودة مشروع قرار يتبنى كافة التوصيات الواردة في تقرير بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق المعروف بتقرير quot;غولدستونquot; إلى الدورة المقبلة الثالثة عشر لمجلس حقوق الإنسان الدولي المقرر في شهر مارس المقبل في جنيف.
وكان تقرير تقصي الحقائق التابع للأمم المتحدة قد اتهم الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب quot;جرائم حربquot; في قطاع غزة تصل إلى جرائم ضد الإنسانية، كما اتهم حماس والفصائل المسلحة ، لا سيما وأنها أسفرت عن استشهاد أكثر من 1400 فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء إضافة إلى جرح نحو خمسة آلاف آخرين وتدمير الآف المنازل والمنشآت .
السلطة الفلسطينية من جانبها، بداية، لم تتخذ موقفا إزاء التأجيل، بل لا يزال موقفها غامضا من القرار وكانت تصريحات مرتبكة لقياداتها تارة بررت موقفها بعدم توفر الإجماع لصالح القرار، وأخرى ربطت ذلك بجهود عملية السلام أو مكاسب سياسية ستحرم منها حال صوت على التقرير في حينه، وهو ما رفضه الفلسطينيون واتهموها بالاستجابة لضغوط أوروبية وأمريكية ودعمها لقرار التأجيل لصالح إفلات مجرمي الحرب من العقاب أو مكاسب سياسية للسلطة .
الرئيس الفلسطيني محمود عباس quot; أبو مازن quot; قرر اليوم تشكيل لجنة وطنية لبحث ملابسات تأجيل النظر في تقرير غولدستون بعد الزوبعة التي أثارها قرار التأجيل واتهام السلطة بالوقوف وراء ذلك . وأشار أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه في تصريحات صحفية quot;أن مهمة اللجنة تحديد المسؤوليات بشأن تأجيل القرار على أن تقدم اللجنة تقريرها إلى اللجنة التنفيذية للمنظمة خلال أسبوعين من تشكيلهاquot;.
وأثار قرار التأجيل غضب الفصائل الفلسطينية والمؤسسات الحقوقية التي كانت تنظر للتقرير رغم تحفظها على ما جاء فيه من أنه أدان طرفي الحرب دون تفرقة بين القاتل والضحية واتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية بشكل واضح.
.ووجد فيه ضحايا الحرب استخفاف بمعاناتهم وتضحياتهم، وهم ينظرون إلى اليوم الذي تحاكم فيه إسرائيل على جرائمها ضد الفلسطينيين وتنتصر العدالة الدولية لحقوقهم المنتهكة على مدار أكثر من 50 عاما.
هذه الزوبعة وجد فيها المراقبون مدخلا لتوتير الساحة الفلسطينية من جديد في ظل استمرار جهود القاهرة و الفصائل الفلسطينية لمعالجة ملف الانقسام وانجاز اتفاق المصالحة الفلسطينية المقرر له في الثاني والعشرين من أكتوبر الحالي .
وقال الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب بان قرار التأجيل تحول إلى شن حرب سياسية فصائلية، في الوقت الذي تسير فيه جهود الحوار نحو انجاز اتفاق المصالحة، مضيفا أن الإعلام الداخلي الفلسطيني، استثمر هذه quot; الفضيحةquot; بشكل مضاعف، خاصة من أطراف لا يهمها المجتمع الدولي، ولا قرارات الشرعية الدولية، ولا لجان التحقيق الدولية، وأضاف في حديث لإيلاف :quot; استثمرت فوضى الموقف الفلسطيني، لتسخر كل آلتها الإعلامية الجيدة لصالح شن حرب حقيقية على الموقف الفلسطيني، إلا انه يرى تراخي السلطة في إدانة القرار لا طلب التأجيل كما روجته وسائل الإعلام quot;فضيحة كبرىquot; .quot; مشيرا أن الأداة الإعلامية والسياسية الفلسطينية الرسمية كانت قاصرة في توضيح موقفها إلى حد مخجل.
وأكد حبيب أن الرئيس الفلسطيني خلال لقائه الثنائي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو تجاهل التقرير ولم يتحدث عنه، رغم انه كان مثار وقتها، منوها أن الأمر قد يبدو هناك اتفاق بعدم التطرق لموضوع التأجيل .
واعتبر حبيب مبررات السلطة الفلسطينية بعدم إدانتها للقرار وموقفها الداعم له بغير المنطقية ولا تنسجم ومصالح الفلسطينيين وقال:quot; أن بإمكان السلطة أن تدين قرار التأجيل ولكنها لم تفعل ذلك وظهرت بعض قياداتها بتصريحات مرتبكة لتبرر موقفها من أن هناك قرارات سياسية سيتم تعطيلها من قبل إسرائيل حال لم يطلب التأجيل أو أن الولايات المتحدة ستطرح صياغة للعملية التفاوضية لا تريد لأي جهة أن تعرقلها.
وأكد أن ذلك quot;تضحية بالعدالة لصالح السلام، مشددا على أن لا سلام في الأفق، والتهديدات الإسرائيلية بعرقلة العملية التفاوضية في حال إقرار نتائج تحقيق اللجنة، هي تهديد فارغ تماماً، لأن عملية السلام معطلة فعلاً ولا قيمة للتهديدات.وأضاف:quot; انجرارنا وراء انتظار الصياغة الأميركية، يجعل منا الطرف الأكثر ضعفاً عند صياغة هذه الرؤية، وستأتي على حسابنا نتيجة لذلك،وزاد quot; لا نمتلك أوراقا قوية في هذا الصراع، فعلى الأقل لنظهر تصلبنا وتمسكنا بأقل القليل، دون أن نهدر هذه الأوراق على ضعفها، قبل أية مفاوضات أو صياغات. .
وولفت حبيب أن قرار التأجيل قد يفقد الزخم المتزامن مع نتائج التحقيق بشان الحرب على غزة الحالية مع مرور الاشهر .
ودعا حبيب إلى لإعادة النظر بطريقة اتخاذ القرارات على المستوى الرسمي الفلسطيني، وفي الأداة السياسية الإعلامية التي تنقصها البراعة والإتقان وتمتاز بمهنية متدنية على حد قوله..
مطالبا بلجنة تحقيق فلسطينية للتحقيق في طريقة اتخاذ القرار، وفي قصور الأدوات عن التعاطي مع أي قرار بصرف النظر عن صحته..
التعليقات