حقيقة العلاقة التي تربط الزعيمين تتأرجح في ميزان المراقبين

يبدو أن التحديات السياسية على زعامة العالم برزت مجددًا. ففي تقرير صحافي يشير إلى وجود دوافع وراء الصداقة التي تجمع بين الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والأميركي بارام أوباما، إذ إنّ ساركوزي أظهر عن وجود رغبة لديه بقيادة السياسة الدولية. وحسب التقرير فإنّ ساركوزي اعتقد أنه سيكون الزعيم الأبرز في قمة العشرين الأخيرة، أو أن يكون على قدم المساواة جنبًا إلى جنب مع أوباما، إلا أنه بدا وكأنه تنحى جانبًا. فأوباما، المبتسم والمنعزل في الوقت ذاته، يعامل ساركوزي على أنه واحد من غير المتكافئين تمامًا في أوروبا، في حين يحب ساركوزي أن ينادي الرئيس الأميركي بـ quot;صديقهquot;.

القاهرة:
ربما تكشف اللقاءات التي تجمع بين الزعيمين الفرنسي نيكولاس ساركوزي والأميركي باراك أوباما عن أجواء تنم عن صداقة وألفة على المستويين الشخصي والأسري، لكن الحقيقة التي تخفى عن كثيرين هي تلك التي أزاحت عنها مجلة quot;النيوزويكquot; الأميركية النقاب في تقرير مطول عنونته بـ quot; حسد ساركوزي لأوباماquot;. حيث قالت إن هناك حزمة من الدوافع التي تهمين على ساركوزي لرغبته في قيادة دفة العملية السياسية بالعالم، وهي الحقيقة التي رأت المجلة أنها تكمن في داخل نفس ساركوزي، واستدلت على ذلك بـ quot;لغة الجسدquot; التي أظهرت تلك الجزئية بشكل واضح خلال المؤتمر الذي أدان خلاله الزعماء ساركوزي وأوباما وبراون في قمة العشرين التي أقيمت مؤخرًا في بيتسبرغ بالولايات المتحدة قيام إيران بتشييد مفاعل نووي سري بالقرب من مدينة قم. وفي تعليق لها يكشف حقيقة المسألة، قالت المجلة إن أوباما وبراون ظهرا متكاتفين جنبًا إلى جنب، أما ساركوزي فقد تنحى جانبًا، وبدا وكأنه قد طُلِب منه بأن يقف كشاهد للعريس في حفل زفاف أحد الغرباء.

ونقلاً عن وجهة نظر ساركوزي في هذا الشأن، تشير المجلة إلى أن الرئيس الفرنسي كان يعتقد في قراره نفسه أنه سيكون الزعيم الأبرز في قمة العشرين الأخيرة، أو أن يكون على قدم المساواة جنبًا إلى جنب مع أوباما على أقل تقدير. وتبرر المجلة ذلك بإحساس ساركوزي بأنه كان من وقف وراء تأسيس هذا المنتدى الاقتصادي العام الماضي، فضلاً عن أن حكومته سبق لها وأن أخذت زمام المبادرة في مواجهة إيران بشأن نواياها النووية. كما تدلل المجلة على حقيقة رغبة ساركوزي في القيام بدور القائد، بإشارتها للتصريح الذي سبق وأن أكد خلاله العام الماضي بأنه لا يريد أن يتنحى عن الرئاسة الأوروبية عندما تنتهي دورته التي تبلغ مدتها ستة أشهر.

وهو ما بدا واضحًا أيضًا من خلال رغبته في لعب نفس الدور بأماكن جغرافية نائية مثل خليج عدن، حيث أخذت القوات الفرنسية هناك زمام المبادرة لوقف عمليات دفع الأموال للقراصنة الصوماليين والدخول معهم كذلك في معارك بتبادل إطلاق النار. ويمكن لساركوزي أن يدَّعي هنا، وله في ذلك بعض المبررات، أنه يقود دفة القيادة في بعض المسائل، التي يسير فيها أوباما على خطاه بعد ذلك. وفيما بدا تأييدًا من جانب المجلة لموقف ساركوزي المناوئ لأوباما، أشارت إلى تفوق بلاده منذ وصوله للإليزيه في صيف 2007 ( قبل عام ونصف من وصول أوباما للسلطة ) على الولايات المتحدة في عدة قضايا منها القراصنة الصوماليين، إيران، قمة العشرين، فرض ضريبة على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، quot;أفغنةquot; الحرب الأفغانية، التعامل مع الميول العدوانية الروسية، وفتح الباب للسلام مع سوريا.

وتمضي المجلة لتؤكد على أن العلاقات بين الزعيمين بعيدة عن أجواء المثالية. وتنوه إلى أنه لا يتضح في بعض الأوقات ما إذا كان أوباما على دراية حتى بنظيره النشيط للغاية. وهو الأمر الذي رأت المجلة أنه يقدم تفسيرًا لهاجس الرئيس الفرنسي الطموح تجاه أوباما. وتلفت هنا كذلك إلى أن عددًا قليلاً من الأشخاص خارج فرنسا يتوقعون قيام رئيس أكبر خامس كيان اقتصادي في العالم بضبط الوتيرة العالمية للقضايا الرئيسة. غير أن المجلة أشارت إلى أن ساركوزي، الذي يعرف أحيانًا بـ quot;الأميركيquot; في الأوساط الباريسية، قد حاول في أغلب الأحيان فعل الأمر ذاته.

وفي والوقت الذي أبدى فيه كلا الزعيمان الرؤى الخاصة بالنظام الاقتصادي العالمي الجديد عبر الخطابات التي أدلوا بها في قمتي الأمم المتحدة والعشرين خلال الأسبوع الماضي، توقع كل منهما أيضًا أن يكون في واجهة أي مبادرة، فأوباما ينظر إلى ذلك على اعتبار أنه رئيس الولايات المتحدة، وساركوزي لأنه طموح للغاية، وهي الحالة نفسها التي تراود الفرنسيين تجاه رئيسهم. وترى المجلة أن التساؤل الذي يؤرق ساركوزي الآن هو إذا ما كان ينظر إليه الجميع على أنه جزءًا من حركة القيادة العالمية ndash; وإذا ما كان سيفلح هذا الطاقم في تحقيق إمكاناته أم لا. وتلاحظ المجلة أن شخصيتي الرئيسين المختلفتين تمامًا قد يتصادما: فأوباما، المبتسم والمنعزل في الوقت ذاته، يعامل ساركوزي على أنه واحد من غير المتكافئين تمامًا في أوروبا، في حين يحب ساركوزي أن ينادي الرئيس الأميركي بـ quot;صديقهquot;.

هذا وقد تحولت الآن عقدة ساركوزي من أوباما إلى محور اهتمام دائم من جانب وسائل الإعلام في فرنسا ndash; وترى المجلة أن الأمر قد يصبح مشكلة حقيقية إذا لم تقدم الإدارة الأميركية على بذل مزيد من الجهود لفهم حقيقته. فالمسألة لا تقتصر هنا على كونها متعلقة بسياسات وشخصيات، وإنما بعالم السياسة. وتلفت المجلة هنا إلى التساؤل الذي طرحه الأسبوع الماضي المحاور التلفزيوني دافيد بوغاداس على ساركوزي بشكل مباشر عما إذا كانت هناك ثمة نوع من أنواع المنافسة على الزعامة بينه وبين أوباما. حيث أكد ساركوزي بقوله :quot; لا توجد أي منافسة. فأنا أعرف موقعي، حيث أترأس واحدة من كبرى دول العالم. أما هو ( أوباما ) فيترأس القوة الاقتصادية رقم واحد في العالم. ومن مصلحتنا أن يحظى أوباما بالنجاحquot;. لكنه حاول جاهداً القول بأنه لن يتردد في الدخول مع أوباما في مبارزة بالسيف حول بعض القضايا، مثل التجارة ndash; مشيرًا إلى الجهود التي يبذلها لإتمام صفقة مربحة لبيع طائرات مقاتلة متقدمة للبرازيل.

وعلى الرغم من كل ذلك، تلفت المجلة في النهاية إلى أن المشكلة هنا ليست مشكلة أيديولوجية. لأن ساركوزي وأوباما من أنصار المدرسة الواقعية ويتجهان صوب نفس المركز العملي الخاص بكثير من القضايا العالمية. وعلى الرغم من اختلافهما حول بعض الأمور، إلا أنهما يتفقان على قضايا أساسية، مثل الحاجة إلى تأسيس نظام مالي تنظيمي عالمي على نحو أفضل. وتنقل المجلة في الختام عن مسؤول أميركي يعمل عن قرب مع فرنسا بشأن الناتو وأمور ذات صلة لكن غير مخوَّل له بالتحدث عنها، قوله :quot; يسير كل شيء الآن بشكل سلس للغاية. فساركوزي أحد الناشطين الذي يمكننا فتح آفاق للعمل معهquot;.