رأت الباحثة والصحافية جينيف عبدو في تقرير نشر اليوم حول تنامي دور مؤسسة الحرس الثوري، ان الصلاحيات والمواقع الحساسة التي وهبها محمود احمدي نجاد لأعضاء الجماعة ، هو ما دفعهم إلى القيام بـ quot;رد الجميلquot; أثناء وعقب حملة الرئيس الانتخابية الأخيرة، بممارسة أساليب قمعية في مواجهة التظاهرات التي نشبت اعتراضا على إعادة انتخابه رئيسا. كما لاحظت عبدو أن تلك التعيينات الجديدة أعطت المتشددين سلطة لم يسبق لها مثيل، مشيرة إلى أنها اشتملت على بعض من أكثر الرجال وحشية في إيران ndash; ما يعني أن الحرس الثوري سوف يصبح وسيلة أكثر قوة في مناهضة الديمقراطية بأيدي المسؤولين عن الدولة.
تنشر اليوم مجلة quot;فورين بوليسيquot; الأميركية الواسعة الانتشار مقالا ً تحليليا ً للباحثة والصحافية جينيف عبدو، الزميلة في مؤسسة سينتشوري، حيث يدور حديثها حول حقيقة الدور الذي بات يقوم به الحرس الثوري الإيراني، الذي يوصف بالمجموعة شبه العسكرية السرية، في الدفع بالبلاد نحو التحول إلى ديكتاتورية عسكرية. وتلفت الكاتبة الانتباه في هذا السياق إلى أن أحد أهم الأسباب وراء هذا التطور هو تحول المجموعة ذاتها إلى مؤسسة مهنية في البلاد، على شتى الأصعدة، الاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية، والعسكرية منذ الولاية الأولى للرئيس أحمدي نجاد.
تشير الكاتبة إلى الصلاحيات والمواقع الحساسة التي وهبها نجاد لأعضاء الحرس الثوري، بعد اتخاذه قرارات بتعيين بعضهم كسفراء وعمداء ووزراء ومسؤولين كبار في المؤسسات الاقتصادية الحكومية، وهو ما دفع الجماعة إلى القيام بـ quot;رد الجميلquot; أثناء وعقب حملة نجاد الانتخابية الأخيرة، بممارسة أساليب قمعية في مواجهة التظاهرات التي نشبت اعتراضًًا على إعادة انتخابه رئيسا ً للجمهورية الإسلامية. وتتحدث الكاتبة أيضا ً عن تلك التوجيهات التي أصدرها قائد الحرس، محمد علي جعفري، إلى العناصر قبيل الانتخابات الرئاسية الأخيرة بضرورة quot;المشاركةquot; والقيام بكل ما هو ضروري لضمان إعادة انتخاب الرئيس أحمدي نجاد . وهو الأمر الذي بادروا بتنفيذه، بلجوئهم إلى سياسة ترهيب قادة حركات المعارضة، والإقدام حتى على تزوير الانتخابات بصورة يدوية، وفقا ً لمزاعم رائجة في إيران.
وترى الباحثة أن التعيينات الأخيرة التي أدرجها المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي في قيادة الحرس الثوري تبرهن على حقيقة تحول البلاد إلى هذا الواقع quot;الديكتاتوريquot; الذي كان يُنظر إليه في الماضي على أنه نوع من أنواع الفرضيات النظرية. فمنذ انتخابات الثاني عشر من شهر يونيو / حزيران الماضي، وما عقبها من زوبعة احتجاجية ضخمة ضد النظام، يستعين الرئيس محمود أحمدي نجاد وحاشيته المتشددة بالقوات المسلحة، وبخاصة قوات الحرس الثوري، في قمع المنشقين. وهو ما دفع بالمراقبين الغربيين إلى التعليق في تحليلاتهم عن حقيقة انزلاق البلاد نحو ارتداء عباءة الديكتاتورية العسكرية.
كما تلاحظ عبدو أن تلك التعيينات الجديدة أعطت المتشددين سلطة لم يسبق لها مثيل. وتلفت إلى أنها اشتملت أيضا ً على بعض من أكثر الرجال وحشية في إيران ndash; ما يعني أن الحرس الثوري سوف يصبح وسيلة أكثر قوة في مناهضة الديمقراطية بأيدي المسؤولين عن الدولة. وتضرب الكاتبة المثال هنا بالقائد الجديد لقوات البسيج، محمد رضا نقدي، الذي عينه خامنئي مؤخرا ً في هذا المنصب بدلا ً من حسين طالب، وتُذكر بالمنصب الذي سبق وأن منحه إياه أيضا ً خامنئي عام 1993، كنائب لمدير مخابرات قوة القدس، التابعة للحرس الثوري والمسؤولة عن العمليات الخارجية، وحينها ظهرت ادعاءات تتحدث عن ضلوع نقدي وطاقمه في ارتكاب العديد من أعمال التعذيب وسوء المعاملة.
وتشير الباحثة أيضا ً إلى الخطوة التي لجأ إليها نقدي في أعقاب توجيه القضاء اتهامات لمسؤول بارز في وزارة الاستخبارات بقتل مثقفين علمانيين، حيث قام برفقة طاقمه بتشكيل quot;قوة استخبارات موازيةquot; لكي يتجنب مثل هذا التدقيق. وهو ما سمح لنقدي ورفاقه بالعمل خارج نطاق سيطرة الرئيس آنذاك، محمد خاتمي، الذي توعد تطهير الوزارة. وعلى لرغم من محاولات الإصلاح التي سعى خاتمي إلى تحقيقها، إلا أنهم استمروا في ارتكاب ممارستهم الوحشية. وتمضي الكاتبة لتشير بعد ذلك للأدوار المثيرة للجدل التي مارسها نقدي بعد ذلك، كدوره في سجن رئيس بلدية طهران السابق غلام حسين كرباشي وعدد من كبار مسؤولي المدينة عامي 1997 و 1998.
وكذلك دوره في تعذيب مجموعة من الأعضاء البارزين في حزب المعارضة الخاص بالرئيس السابق علي أكبر هاشمي رافسنجاني. بالإضافة إلى دوره الرئيس في تنظيم وتمويل ميليشيا أنصار حزب الله، التي دبرت الهجوم الذي تم تنفيذه على مهاجع الطلاب في جامعة طهران عام 1999. وتتطرق عبدو في السياق ذاته إلى شخصية أخرى استعان بها خامنئي مؤخرا ً في الحرس الثوري، وهو حسن تائب، الذي عينه كمدير لمكتب الاستخبارات في الحرس الثوري. وتنوه بدوره السابق في قوات البسيج، وتشير إلى أنه كان واحدا ً من المسؤولين بشكل مباشر عن شن حملات قمعية ضد متظاهري الإنتخابات الأخيرة.
وتؤكد الكاتبة في النهاية أن تلك التعيينات تأتي وسط موجة حادة من الجدل تشهدها إيران في هذه الأثناء. حيث يشعر المحافظون كذلك بالاستياء من محاولات عسكرة الدولة. فهم يرون أن تدخل الجيش في شؤون السياسة الإيرانية يتعارض مع المثل الثورية العليا لآية الله روح الله الخميني، الذي أسس الجمهورية الإسلامية عام 1979. وفي الوقت الذي قام فيه الخميني بتأسيس الحرس الثوري لحماية الثورة من أي تهديدات داخلية عقب سقوط نظام الشاه، تؤكد الكاتبة أن خامنئي منح الحركات المسلحة الآن سلطة غير مسبوقة تحت قيادته، الأمر الذي توقعت الكاتبة أن يؤدي إلى نشوء مجتمع أكثر تقييدا ً في وقت تظهر فيه قوى المعارضة الموجودة خارج البلاد بأنها تقدم وعودا ً بإحداث تغيير حقيقي في البلاد للمرة الأولى منذ ثورة عام 1979.
التعليقات