أكد المشاركون في ندوة نظمتها مؤسسة كونراد أديناور الألمانية أن الجدل المتواصل حول النقاب أظهر غياب ثقافة الحوار في مصر، واستنكر الحضور طريقة التعامل الإعلامي مع القضية التي فجرها شيخ الأزهر.

القاهرة: تواصل الجدل حول النقاب في ورشة عمل نظمتها مؤسسة كونراد أديناور الألمانية بالتعاون مع مؤسسة عالم واحد للتنمية ورعاية المجتمع المدني. وطالب المشاركون في الورشة بضرورة تنقية كتب التفسير والسنة النبوية من الأحاديث الضعيفة وكل ما يخالف صحيح الدين بإجماع الفقهاء وأهل السنة والجماعة. واستنكر الحضور طريقة التعاطي الاعلامي مع أزمة النقاب التي فجرها شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي عقب قراره بإلغاء النقاب فى المعاهد الأزهرية إثر مقابلته لفتاة فى احد الفصول بالنقاب.

وأكد المشاركون في الندوة أن الأزمة أظهرت غياب لغة وثقافة الحوار التي حل محلها ثقافة العراك وتبادل الاتهامات، كما انها كشفت هزيمة مصر فكريًا وعدم إستقلالية الأزهر، المؤسسة الدينية الأكبر في العالم الإسلامي.

وقال الدكتور يحيى الجمل أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة فى مستهل الورشة انه بحث في الفقه الاسلامي وكتب الإمام محمد عبده والإمام الغزالي عن النقاب ووجد الكلام عن الاحتشام متسائلا: عن سبب الاهتمام بالمرأة فقط وجسدها، متهما النظام السياسي القائم على القهر بالنفاق، quot;أفلا ينظرون إلى مناظر الشباب والفتيات على كوبري الجامعة وقصر النيل quot;.

وقالت الدكتورة سعاد صالح أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر إنها أول من نادت بمنع النقاب قبل أربعة سنوات ولم تسلم من هجوم شديد عليها بسبب دعوتها، حتى جاءها النصر على حد قولها بموقف الإمام الأكبر محمد سيد طنطاوي ووزير الأوقاف حمدي زقزوق بان النقاب عادة وليس عبادة، quot;لتدخل قضايا المرأة دائرة الجذب والاختلاف، فى وقت تناسينا فيه هموم وقضايا اكبر تعاني منها أمة الإسلامquot;. وتساءلت quot;أين نحن من تطور العالم وقد اختصرنا الإسلام فى قطعة قماش تغطى الرأس او الوجهquot;.

وأضافت الدكتورة سعاد ان القرآن لم يشر الى النقاب فى آيه واحدة، ولم تأت كلمة نقاب إلا في حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم بشأن المرأة التى تريد الذهاب الى الحج، كما ان جميع الفقهاء والمذاهب الإسلامية لم تنص على وجوب النقاب، وأشارت الى كتاب الشيخ الغزالي quot;السنة النبوية بين أهل السنة والحديثquot; الذي قال ان وجه المرأة ليس بعورة.

ودعت إلى ان يكون هناك توازن بين النظرة الى السفور والنقاب quot;كلاهما بغيض واتجار بجسد المرأةquot;. كما طالبت في الوقت نفسه مؤسسة الأزهر الشريف بعقد حوار بين المتخصصين والذين يتشددون فى مسألة النقاب، مؤكدة ان الحجاب واجب وهو ان تغطى المرأة جميع البدن عدا الوجه والكفينquot; لأنه ذكر فى القرأن.

ومن جانبه، انتقد حافظ ابو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقق الإنسان عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان الجدل الذي اثير مؤخرًا حول النقاب، مشيرًا الى انه جاء في وقت كان يناقش فيه المجتمع المشاركة السياسية للمرأة وزيادة مقاعدها فى البرلمان. واستنكر ابو سعدة الحملة التي وجهت الى الأزهر مدافعًا عن الدكتور سيد طنطاوي قائلاً quot;كأنهم كانوا يريدون حرمان المؤسسة الدينية من الحديث ومسؤوليتهاquot;. ويعتقد ابو سعدة ان الجدل حول النقاب يدخل فى إطار المعركة بين الدولة الدينية والدولة المدنية. quot;وان هذه المعركة التى يقودها التطرف تستهدف تجريد المؤسسة الدينية من سلطاتهاquot;، حسب قوله.

واكد أبو سعده أن الدعوات التي أثيرت وتحد من مشاركة المرأة وانعزالها بسبب النقاب تؤثر في حياة الكثيرين، حيث إن 37 في المئة من النساء في مصر تعول أسرًا وتنفق عليها السيدات، مؤكدًا أن المرأة حرة في ما تلبسه لكنها إذا تصدت لوظيفة عامة أو خرجت إلى المجتمع فلابد من كشف وجهها للتعامل مع السلطات للتعرف على هويتها وتعريفها، ومن حق الناس الذين تتعامل معهم في أي مكان أن يتعرفوا على شخصيتها لدواعي الأمن والسلامة.

وأضاف ان هذه الحملة التي تتعرض لها المرأة المصرية تستهدف الحد من تطوير دور المرأة وتمكينها باستخدام الدين وأن من يتصدى للدعوة يجب أن يكون مؤهلاً لها، مشيرًا إلى أنه لا بد من موقف للدولة في هذا الصدد. وقال نجاد البرعي الناشط الحقوقي ان الثقافة المصرية انهزمت منذ سبعينات القرن الماضي مشيرا الى ان أزمة النقاب كشفت هزيمة مصر فكريًا وعدم استقلالية الأزهر بعد ان أصبح تعيين شيخه بأمر الحكومة. وأضاف ان فى هذه الأزمة انقلب فيها السحر على الساحر ووقعت الحكومة في مأزق.