في وقت أكدت فيه المفوضية العراقية العليا للإنتخابات عدم إمكانية إجراء الانتخابات العامة بموعدها المحدد حتى وإن صوّت مجلس النواب على قانونها غدًا السبت فإن بعثة الأمم المتحدة في العراق quot;يوناميquot; تتعرض لهجوم متزايد من قبل ممثلي القوى التركمانية والكردية والعربية في محافظة كركوك الذين يتهمونها بعدم النزاهة او الحيادية وكذا بالخضوع للضغوط الأميركية.

لندن: على الرغم من أنّ نائب رئيس مجلس النواب خالد العطية قد أعلن أمس أن توافقًا قد تم التوصل اليه بين الكتل النيابية حول قانون الانتخابات ومشكلة كركوك التي افشلت 8 محاولات سابقة للتصويت عليه وان التصويت عليه سيجري غدًا، فقد انبرى ممثلو المحافظة ليؤكدوا أنّأيّ توافق لم يحصل بعد وانهم سيستأنفون النقاشات السبت حول مقترحات جديدة قدمتها بعثة الامم المتحدة في العراق quot;يوناميquot; التي شنوا عليها حملة شعواء متهمين اياها بعدم الحيادية، لكن مسؤولي البعثة يؤكدون ردًّا على ذلك بأنهم لا يفرضون حلولاً بعينها وانما يقدمون مقترحات ويعود للجانب العراقي امر رفضها او قبولها.

وخلال اجتماع عقده في مدينة اربيل (220 كم شمال بغداد) مع اندريا ريكيكا مسؤول مكتب بعثة الامم المتحدة في المحافظة فقد عبر كمال كركوكي رئيس برلمان كردستان عن إستيائه من مقترح يونامي الداعي الى منح مقعدين برلمانيين لممثلي عرب وتركمان كركوك. وقال ان ذلك يمنح المحافظة وضعًا خاصًّا، موضحًا أن هذا المقترح يخالف الدستور العراقي. وأضاف quot;أن مثل هذه المقترحات مشجعة للذين يعادون الدستور والفيدرالية والعراق الجديد وحقوق الإنسان وتحفز تلك الاطراف على عدم الإلتزام بالدستور والقانون وحقوق الإنسان وتمثل عاملاً لشل العملية الديمقراطية والفيدرالية في العراقquot;. وشدد بالقول quot;إننا نرى أن هذا المقترح غير دستوري وندعو الى إلتزام جميع الأطراف بالدستور والقانون ومبادئ الديمقراطيةquot; كما نقل عنه اليوم مكتب اعلام الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني.

كما أتهمت كتلتا التحالف الكردستاني quot;تضم الحزبين الرئيسيينquot; والاتحاد الاسلامي في مجلس النواب العراقي quot;يوناميquot; بعدم المهنية او النزاهة في موقفها من قضية كركوك. وقال نائب رئيس كتلة التحالف سعدي البرزنجي في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس كتلة الاتحاد الاسلامي النائب محمد احمد والمتحدث باسم الكتلة النائب فرياد راوندزي ان البعثة وفي مقترحاتها لحل معضلة كركوك في قانون الانتخابات quot;تحملنا على الاعتقاد بأنها فقدت، أوتكاد، مهنيتها وحياديتها وتجاوزت دورها في تقديم المساعدة الفنية والقانونية في قضية كركوك ويبدو انها تخضع لضغوطات غير مشروعةquot; في اشارة الى الجانب الاميركي.

واضاف البرزنجي انه في الوقت الذي تظافرت فيه الجهود لحل أشكالية قانون الانتخابات في مجلس النواب قدمت الامم المتحدة مشروعًا مثل تراجعًا غريبًا في المواقف والمقترحات السابقة للبعثة نفسها كما مثل انتكاسة للتقدم الذي حصل في الجهود المبذولة لايجاد مخرج لحل هذه الاشكالية. واشار الى ان البعثة اقترحت تخصيص مقعد واحد لكل من المكونين العربي والتركماني من المقاعد التعويضية ولم يتضمن اي مقعد للمكون الكردي.. كما انها اقترحت ان تكون ولاية النواب المنتخبين عن محافظة كركوك خلال الانتخابات المقبلة في 16 كانون الثاني (يناير) المقبل لسنة واحدة quot;وهذا الاقتراح يمثل في الواقع مخالفة دستورية صريحة حيث ان ولاية مجلس النواب بموجب الدستور هي اربع سنوات بدون تمييز بين محافظة واخرىquot;.

من جانبه قال فرياد راوندزي quot; من الناحية القانونية لا توجد خصوصية لكركوك في الانتخابات النيابية المقبلة ويجب ان تجرى بها الانتخابات كباقي المحافظات الاخرىquot;. واشار الى ان هناك اطرافا تتخذ من موضوع كركوك ذريعة لعرقلة اجراء الانتخابات او تأجيلها. واكد انه لا مجال للمساومة مرة اخرى quot;لأننا قد ساومنا كثيراً في السابق على موضوع كركوك ولايوجد حل غير ان تجرى الانتخابات في جميع المحافظات دون استثناءquot;.

اما النائب محمد احمد فقد شدد على ان موضوع كركوك يجب ان يحل بالتوافق بين الكتل السياسية وليس عن طريق التصويت مشيرًا الى ان اقحام كركوك في الانتخابات لا مبرر له داعيا الى اللجوء الى الدستور لحل المسائل العالقة.

وتقدمت بعثة الامم المتحدة في العراق بمقترح لمنح تركمان وعرب كركوك مقاعد برلمانية اضافية من الرصيد الانتخابي للمحافظة الامر الذي رفضه التحالف الكردستاني موضحا ان الوصول الى مجلس النواب يجب ان يكون عبر الاقتراع وليس بالتعيين. ثم عادت البعثة امس فعدلت من مقترحها بعرض مقعد اضافي الى الاكراد في الموصل الشمالية التي يقاطعون مجلس محافظتها اجتجاجًا على نتائج الانتخابات المحلية الاخيرة فيها. وارفقت البعثة مقترحها هذا بتغيير منح المقاعد للتركمان والعرب في رصيد كركوك الى الرصيد الوطني العام حيث يبدو ان هذه التعديلات على المقترح لقيت تفهمًا من المكونات الثلاثة التي تقوم بدراستها حاليا.

ويأتي ذلك ضمن اربع مقترحات قدمتها البعثة يتضمن الاول اجراء الانتخابات وفقا لسجلات الناخبين لعام 2009 بشكل استثنائي.. بينما ينص الثاني على تشكيل لجنة لتدقيق السجلات تضم ممثلين عن مفوضية الانتخابات ونواب بمساعدة بعثة الأمم المتحدة وتخضع لإشراف مجلس القضاء الأعلى على أن تنهي عملها خلال عام من تشكيلها. أما المقترح الثالث فيشير الى انه في حال ظهور أخطاء تؤثر على سجل الناخبين بنسبة 15% فإن الانتخابات تعاد في هذه المحافظة وفي حال ظهور أخطاء تؤثر على سجل الناخبين فإنه يعاد ترتيب أعضاء مجلس النواب في المحافظة وفقا لنتائج التدقيق وبنفس نسبة تصحيح الخطأ.. بينما يقضي المقترح الرابع عدم اعتبار نتائج الانتخابات في هذه المحافظة قبل التدقيق فيها اساسا لأي عملية انتخابية أو سابقة لأي وضع سياسي أو إداري في المستقبل.

وامس طلب العرب والتركمان تشكيل لجنة من ممثلي كركوك في البرلمان وعضوية وزارات الداخلية والتخطيط والتجارة والمفوضية العليا للانتخابات مساعدة من بعثة الأمم المتحدة لمراجعة سجل الناخبين في كركوك ولكن بحدود كركوك الحالية ما يستثني مناطق كثيرة من عملية المراجعة ما أدى الى رفض المقترح من قبل التحالف الكردستاني.

معروف ان معضلة محافظة كركوك العراقية الشمالية مازالت تشكل العقبة الرئيسية في مصادقة مجلس النواب على قانون الانتخابات لحد الان. ويطالب العرب والتركمان في المحافظة بعدم اجراء الانتخابات فيها استنادا لسجلات الناخبين لعام 2009 ويتهمون الاكراد باضافة اسماء الالاف من امواطنيهم اليها بصورة غير شرعية ويدعون لاعتماد سجلات انتخابات عام 2005 اضافة الى تاجيل الانتخابات فيها لعام واحد بينما يرفض الاكراد اي تاجيل لانتخابات المحافظة ويصرون على ان تكون ضمن الانتخابات التشريعية العامة ويعارضون الرجوع الى سجلات 2005 نافين اي تزوير في سجلات 2009 التي يصرون على اعتمادها في الانتخابات المقبلة.

وعلى الجانب الثاني للمشكلة فقد قال النائب التركماني عن محافظة كركوك فوزي أكرم ترزي إن دور هيئة الأمم المتحدة في العراق سلبي وغير ايجابي ومن المفترض أن يكون دورها منصفًا وعادلاً لجميع الأطراف.

وأوضح ترزي إن quot;على هيئة الأمم المتحدة العاملة في العراق إن لاترضي طرفا على حساب أطراف آخرينquot;. واكد قائلا quot;إننا اتفقنا مع الأمم المتحدة على اعتماد سجل الناخبين لعام 2004 لكنها تراجعت عن موقفها وطلبت اعتماد سجل الناخبين لعام 2009quot;. وأكد ان العرب والتركمان لن يتنازلوا عن كركوك لانها مدينة عراقية يجب إن تدار من جميع القوميات والأطياف الموجودة فيها وليس من قبل قومية واحدة على حد قوله. وأضاف quot;إن اعتراضنا على سجل الناخبين لعام 2009 سببه مجيء الاف الاكراد إلى مدينة كركوك بحجة أنهم من المهجرين والمرحلين لتسييس قضية المحافظة quot;وضمها إلى ما يسمى إقليم كردستانquot;.

وكانت المفوضية العليا للانتخابات في العراق قد أعلنت عن عدم وجود سجلات لناخبي عام 2004 بذريعة ان الانتخابات جرت في ذلك الوقت من قبل الأمم المتحدة وليس من قبل المفوضية وتم على أثر هذه الحادثة فتح مجلس تحقيق مشترك من قبل هيئة النزاهة ومجلس النواب العراقي. وتوجه اتهامات الى المفوضية باتلاف تلك السجلات.

اما النائب العربي عن كركوك عمر الجبوري فقد اتهم بعثة الامم المتحدة quot;بالاستجابة للضغوط الكردية على اي مقترح واننا نشكك في الدور الحيادي لهاquot;. واضاف quot;انه في كل مقترح يقدم لحل ازمة كركوك يتم تعديله من قبلب عثة الامم المتحدة نتيجة للضغوط التي تمارس عليها من قبل التحالف الكردستانيquot;. واشار في تصريح لوكالة quot;ايباquot; العراقية الى quot; ان اي مقترح يوافق عليه العرب والتركمان يتم تغييره اذا كان لايتوافق مع توجهات الاكرادquot;.. واكد quot; انه من الصعوبة في ضوء استمرار هذه الضغوطات حسم قانون الانتخابات quot;.

من جانبه، اعتبر النائب التركماني سعد الدين محمد امين دور quot;يوناميquot; بانه quot;غير حيادي ومنحاز للطرف الكردي وانها جزء من المشكلة quot;. وازاء ذلك فقد اكد رئيس مفوضية الانتخابات فرج الحيدري انه قد اصبح من الصعوبة اجراء الانتخابات في موعدها المحدد في السادس عشر من كانون الثاني (يناير) المقبل حتى ولو صوت مجلس النواب على قانونها غدًا السبت. وقال في تصريحات متلفزة اليوم أن المفوضية لا تعرف لحد الآن طبيعة القانون الذي سيعتمد وهل سينص على إجرائها وفق القوائم الانتخابية المغلقة أو المفتوحة وهل ستكون وفق الدائرة الواحدة أو الدوائر المتعددة.