أيار : منظمة الهجرة أضاعت 60 مليون دولار من أموال العراقيين |
بينما تتفاعل في العراق قضية تصويت عراقيي الخارج وحصتهم في مقاعد مجلس النواب التي يرون انها قليلة ويجب زيادتها،الأمر الذي بدأ ينذر بعدم إجراء الإنتخابات العامة المنتظرة في موعدها المقرر، يكشف عضو مجلس المفوضية العليا للانتخابات والناطق الرسمي بإسمها سابقًا الدكتور فريد أيار لـquot;أيلافquot; الكثير عن ملابسات واسرار عمليتي التصويت خارج البلاد مطلع وأواخر عام 2005، مؤكدًا أنَّ قسمًا كبيرًا من المشرفين عليها كانوا ينتمون إلى احزاب متنافسة ومن المرتبطين عائليًا والمنتفعين.
لندن: يقول الدكتور فريد أيار، عضو مجلس المفوضية العليا للانتخابات والناطق الرسمي بإسمها سابقًا، في مذكرات ستصدر قريبًا بعنوان quot;سنوات القدر... رؤية من داخل الانتخابات العراقية 2004-2006 quot; عن اسرار ومجريات وتداعيات عمليتي الانتخابات العراقية في الداخل والخارج، وخصّ بها quot;ايلافquot;، ان الاخوات وابناء وبنات الخال والعم قد عينوا للاشراف على المراكز الانتخابية إضافة إلى المنتمين الى احزاب معينة والباحثين عن الكسب المادي غير المشروع منها، وهو ما كلف البلاد مبلغ 100 مليون دولار كان الافضل بناء 100 مدرسة بها.
ويسوق ايار مذكراته هذه في وقت يدور جدل سياسي كبير حاليا حول الفقرة الخاصة بالمقاعد المخصصة لعراقيي الخارج، التي حددها قانون الانتخابات الجديد بنسبة 5 في المئة، الامر الذي ادى الى رفض نائب الرئيس طارق الهاشمي لها، مطالبًا برفعها الى 15 في المئة، على الرغم منمصادقة الرئيس جلال طالباني ونائبه عادل عبد المهدي على القانون الذي وصل اليوم من مجلس الرئاسة الى مجلس النواب ليعمل على حل الخلاف حول هذه النسبة.
اخطاء تتكرر
ويشير ايار في مذكراته الى تقرير اصدرته البعثة الدولية لمراقبة الانتخابات ونشر باللغة الانكليزية، يوضح ان البرنامج الثاني لانتخابات الخارج والمنفذ من المفوضية بني على خبرة البرنامج الاول الذي نفذته منظمة الهجرة الدولية. وبالنسبة لانتخابات الخارج الثانية، اسست المفوضية 94 مكتبًا ومركزًا انتخابيًا بمعدل (56) محطة انتخابية في (48) مدينة وفي (15) دولة دولتان اضيفتا وهما (لبنان والنمسا) الى قائمة الانتخابات الاولى والغي من تلك القائمة (فرنسا).
ويؤكد ايار ان الشغل الشاغل لمجلس المفوضين كان تأمين متطلبات انجاح عملية الانتخابات في الخارج اذا اعتبر ذلك كتحدٍّ لمنظمة الهجرة الدولية والامم المتحدة، التي رفضت فكرة انتخابات الخارج. وقد حرص مجلس المفوضين ان يكون الصرف في انتخابات الخارج الثانية ضمن الحدود المعقولة، الا ان ذلك لم يحصل بشكل تام ذلك لان اللجنة المشرفة وبعد حصولها على صلاحية توقيع العقود من قبل المجلس، قامت بصرف مبالغ بشكل غير مبرر، وكان الاجدر بها ان لا تفعل ذلك وتلتزم بالحدود، واخص هنا بالذكر توقيع عقد امني لمدة 46 يومًا بمبلغ يقارب ربع مليون دولار بحجة حماية مركز لجنة انتخابات الخارج في عمان، علمًا أنَّ الحكومة الاردنية وضعت عوارض كونكريتية امام المركز، وخصصت قوات من الشرطة والدرك لحماية ذلك المركز من دون أي مقابل.
اما العقد الثاني الباهظ الثمن، فكان التوقيع على عقد مع شركة اردنية للحملة الاعلانية وبمبلغ حوالي (3) ملايين دولار، علمًا بان هذه الحملة لم تعطِ اي مردود.
بالنسبة إلى تعيين الكوادر فقد قامت اللجنة المكلفة وحتى مطلع كانون الاول بتعيين 370 موظفاً، وقد ادى التوظيف المتأخر للكوادر الى غياب الشفافية في عملية التوظيف في بعض البلدان، كما جرى توظيف 4500 كادر لمحطات التصويت و1130 كادر لمراكز التصويت، وقد وردت شكاوى عديدة في بعض البلدان من توظيف الكوادر من ضمن طيف سياسي معين، وكذلك اقتصار التعيين على الاصدقاء وافراد العائلة، وهذا ما حصل مثلاً في انكلترا، كل ذلك حصل بسبب غياب الشفافية في عملية التوظيف وغياب التوازن في سياسة التوظيف، اضافة الى القبول ببعض الاملاءات من زعماء بعض الاحزاب والتكتلات السياسية النافذة.
ويقول انه من خلال الجرد النهائي ظهر ان مجموع ما تم صرفه على العمليات الانتخابية في الخارج هو مبلغ 17 مليون و685 الفاً و922 دولار بعد ان كان قد تم تحويل مبلغ 40 مليون و302 الفاً و992 دولارًا كان قد حول لاجراء الانتخابات. وقد استطاعت لجنة انهاء متعلقات الخارج من اعادة مبلغ 23 مليون دولار الى الخزينة العراقية لغاية حزيران 2006.
ويضيف ان تصويت ما مجموعه 298 الفًا و300 مواطن عراقي في انتخابات الخارج الثانية وبمصروف اقترب من 18 مليون دولار يعتبر ايضًا اسرافًا في المصاريف ولا معنى له، فكلفة الناخب تجاوزت في الحالة الثانية (61) دولارًا وهي كلفة غالية الثمن وغير مقبولة ولا تقرها المعايير الدولية، ويؤكد حصول صرف غير مبرر تقع مسؤوليته على اللجنة الانتخابية في عمان ومنها:
*توقيع عقد مع شركة امنية في عمان بمبلغ 202 الف و74 دولارًا لحماية مركز المفوضية، علمًا أنَّ الحكومة الاردنية كانت قد وفرت الحماية اللازمة لذلك المركز.
*توقيع عقد اعلاني مع شركة اردنية (برزما) بمبلغ 2 مليون و942 الفًا و230 دولارًا ثم زيد هذا العقد الى عقد فرعي مع فضائيات في الامارات، فتجاوز المبلغ لاكثر من 3 ملايين و500 الف دولار، علمًا أن العقد هذا كان لنشر اخبار الانتخابات في قنوات انكليزية وقنوات عربية مخصصة للبنانيين والاردنيين.
وبلغ المبلغ الفعلي الذي تم سداده الى بريزما 3,356,166 دولارًا اميركيًا، وهي اقل من القيمة المتعاقد عليها نظراً للخدمات التي لم تسلم. اضافة الى عقد يبرز ما ابرم كل مكتب محلي على حدة (باستثناء الدنمارك والسويد) عقودًا اعلامية لتغطية اعلامية محلية. وبلغت اجمالي تكلفة هذه الخدمات الاعلامية في كافة الدول مبلغ 241,248 دولارًا.
مشاكل في مراكز انتخابية
ويقول ايار ان مجلس المفوضين قرر ايفاده الى بيروت ولندن والسويد لمعالجة مشاكل تواجه الانتخابات فيها حيث كانت بيروت المحطة الاولى، وعلم ان قرار مسؤول اللجنة في عمان كان فتح مكتبين الاول في بيروت ويضم اربعة مراكز و16 محطة وفي صيدا مركز واحد بواقع اربع محطات.
في الحقيقة طلبت من مدير المكتب انقاص عدد المراكز في بيروت الى اثنين بواقع 8 محطات وهي كافية وابقاء صيدا اذ ان عدد العراقيين ليس كبيرًا ويبدو انه لم يمتثل لذلك وفعلاً ظهر ان عدد المصوتين في لبنان بكل مدنه كان فقط 3 الاف و423 ناخبًا مما يعني ان 3 مراكز كانت كافية. ثم انتقل الى لندن وهناك يقول انه وجد المشاكل كبيرة وعديدة.. كان مسؤول اللجنة في عمان قد عين احد الاشخاص مديرًا للمكتب الانتخابي في لندن الا ان مجلس المفوضية في بغداد الغى هذا التعيين بعد ان ثبت ان هذا المسؤول هو عضو في احد الاحزاب quot;وعندما نقلت هذا الامر الى ذلك المسؤول اجابني بانه لا يتلقى الاوامر،إلا من عمان وان قرار مجلس المفوضين لايعنيه وان مبالغ المفوضية ستحول بأسمه واسم شخص اخر رشحه هو وصادق مكتب عمان على ترشيحه وتم تعيينه كمساعد لهquot;.
ويضيف ايار انه اجتمع بعد ذلك بالعاملين في المكتب اذ ظهر ان الاخوات وابناء وبنات الخال والعم قد عينوا وهناك روابط عائلية بين الكثيرين quot;وقلت لهم ان المفوضية غير حزبية ولا نريد احزاب داخلها ومن الضروري مراعاة القوانين العراقية التي لا تسمح بتعيين الاقارب حتى الدرجة الرابعة، وهنا اكفهر الجو وتغيرت سمات العديد من هؤلاء ولا سيما من شخص جالس بدا يحدق بي بغضب، وقيل لي فيما بعد انه زور سجل الناخبين في لندن في الانتخابات السابقة التي اجرتها منظمة الهجرة الدولية وادخل اسماء جميع الحجاج، كما ادخل قسائمهم في صندوق الناخبين بينما كانوا هم في مكة المكرمةquot;.
ويضيف ايار انه اكتشف ان البناية المستأجرة كمفوضية في منطقة ويمبلي بلندن تعود الى عائلة احد العاملين داخل المركز الانتخابي، وكان هذا ممثلاً لاحد الاحزاب في انتخابات الخارج الاولى وشغل مكانه quot;وكيل كيان سياسيquot;، اما في انتخابات الخارج الثانية فاصبح من الذين يديرون العملية الانتخابية في العاصمة البريطانية.
ويوضح ان الحالة في مركز السويد كانت مختلفة تماماً، اذ ان وصول مدير المركز من موظفي المفوضية الجيدين منح المركز امكانية الاستمرار والعمل الجيد، كما ان السفارة العراقية والسفير بالذات كانا على مستوى طيب من التعاون مع اللجنة.
تزوير في تركيا والغاء صناديق
ويؤكد ايار ان شكوكًا قد ساورت اعضاء مجلس المفوضين والعضو الدولي الذي يمثل الامم المتحدة من نجاح العملية الانتخابية في الخارج في غياب اي نظام لمراقبة العملية الانتخابية، كما ان الشكاوى التي تتسلمها المفوضية اثارت الكثير من القلق نظراً لسيطرة جهات حزبية على المراكز الانتخابية في العديد من الدول.
ويشير انه لذلك قدم ممثل الامم المتحدة في بغداد غريغ غينيس مشروع قرار الى مجلس المفوضين وتمت الموافقة الفورية يقضي :
*ان مركز العد والفرز بالنسبة للخارج سيكون في بغداد.
*ان مركز انتخابات الخارج في عمان سيكون كمركز التحقيق والتفتيش على النتائج بالتنسيق مع مركز العد والفرز.
*سوف تعلن في بغداد نتائج جزئية عن نتائج المحافظات والاقتراع الوطني والانتخابات في الخارج والتصويت الخاص واوراق الاقتراع الوطنية.
*التصديق النهائي على النتائج لانتخابات الخارج سيكون في بغداد وليس في عمان.
ويؤكد الناطق الرسمي لمفوضية الانتخابات حصول مخالفات في اسطنبول بتركيا، وقد اوردت تقارير المراقبة للبعثة الدولية حصول تصويت متعدد وتوريط الموظفين في مراكز ومحطات معينة هناك، فقد افادت التقارير بارتفاع الاقبال بصورة غير طبيعية عند بداية التصويت وازداد الاقبال في اليوم التالي، وافادت مجموعة المراقبين حدوث حالات متفرقة من التصويت المتعدد وعدم توافر اجراءات مناسبة لتحبير الاصابع، وقد شوهدت عملية تأشير الاوراق بشكل علني.
وجاء في تقرير البعثة الدولية (تركيا) ان عدد المصوتين في اليوم الاول كان 3303 اي بزيادة نسبتها 410% عن اليوم الاول من انتخابات كانون الثاني الماضية، بينما كان عدد المشاركين في اليوم الاول في انقرة 417 اي بزيادة نسبتها 43% عما كانت عليه المشاركة في انتخابات كانون الثاني الماضية.
وظهر ان العديد من موظفي الاقتراع لهم صلة قرابة او صداقة ببعضهم الاخر، كما ان تألفهم مع الناخبين يدل على انهم جميعاً من الجالية نفسها، وان كافة الناخبين تقريباً من الجالية التركمانية، وهذا امر لم يكن متوقعاً حيث لم يتم انشاء مركز اقتراع في المناطق الكردية.
ويوضح انه اثر ثبوت هذه التجاوزات فقد قرر مجلس المفوضين الغاء جميع النتائج المتخصصة في ثلاثة مراكز (16 محطة) في مدينة اسطنبول، وتشكيل لجنة للتحقيق مع مدير مكتب انتخابات تركيا حول الخروقات الانتخابية والمخالفات الاخرى المشار اليها في التقرير المذكور. ويؤكد ايار انه لم يتم تشكيل لجنة تحقيق بل صرف النظر عن ذلك لأن مدير مكتب اسطنبول هو شقيق زوج quot;رئيسة لجنة انتخابات الخارجquot;، وهو من التابعية التركمانية.
حـالات تـزوير متعـددة
واشار ايار الى ان المنظمة اعترفت في تقريرها حول انتخابات الخارج بوجود حالات من التزوير المتعمد منها محاولة محو الحبر من الاصبع بعد الاقتراع نظراً لاستعمال حبر سيء الجودة، ومحاولة بعض موظفي الاقتراع ارتداء زيهم الوطني اثناء عملهم في مراكز الاقتراع، حيث يعتبر ذلك نوع من التأثير النفسي على الناخبين، وكذلك محاولة التصويت بالانابة اذ حصل في دولة الامارات العربية المتحدة ان اقبل شخص ومعه (100) جواز سفر عراقي للتصويت بدلاً عنهم، الا ان هذا الطلب رفض من قبل موظفي ذلك المركز، وكذلك قدوم ناخبين تقل اعمارهم عن سن التصويت المحدد وقد تم تسجيلهم في سجل الناخبين اولاً وحدد ما مجموعة 39 حالة من هذا النوع وقالت المنظمة انه في اثناء عملية الاقتراع اجريت مقابلة لهؤلاء وقد تم الغاء تسجيلهم من سجل الناخبين.
ويسوق مثالا على عدم صحة الارقام التي ساقتها المنظمة بالقول quot;من المفارقات ان عدد الناخبين في فرنسا بلغ 981 ناخباً في حين كان عدد الموظفين هناك حوالي (500) موظف يشرفون على اقتراعهم وهذا يدلل وبشكل واضح على عدم صحة تقديرات هذه المنظمة وصرفها الاموال العراقية الطائلة دون اي حساب او مراقبةquot;.
ويشير ايار الى ان الكثير من دول العالم تعتبر انتخابات الخارج عبئا كبيرا على الداخل لذلك ترفض هذا الامر وان كان هناك من يود ممارسة حقه الانتخابي فيمكنه القدوم الى بلده وفعل ذلك لا ان ينتظر ان تأخذ دولته صندوق الاقتراع الى بيئة ليمارس ذلك الحق. ان نصف ممارسة الحق الانتخابي هو واجب على المواطن عليه تنفيذه لا ان يوقع كل شيء على الدولة وهو جالس في بيته.
ويؤكد ان النتائج التي تحققت في انتخابات الخارج الثانية والبالغة 318 الفًا و286 صوتًا وهي اكثر بقليل من نتائج انتخابات الخارج الاولى نتجت لانه سمح للمصوتين بان يتم تسجيلهم في سجل الناخبين والتصويت في يوم واحد، وكان لهذا الاجراء مخاطره في عمليات التزوير وتكرار التصويت في العديد من المراكز خارج العراق، وخير دليل على ذلك ما حصل في اسطنبول.
ويقول فريد ايار، الناطق الرسمي السابق بإسم المفوضية العليا للانتخابات العراقية انه ثبت ان انتخابات الخارج بقسميها الاول في 30 كانون الثاني 2005 والثاني في 15 كانون اول 2005 حققا مجتمعين تصويتا بلغ نصف مليون ناخب، اي ان معدل المقاعد لم يتجاوز الـ12 مقعدًا في كلا مرحلتي الانتخاب ،ولكن المصروف بلغ مجموعه 100 مليون دولار كان يمكن بها بناء 100 مدرسة quot; اما ان يقال بضرورة اجراء مثل هذه الانتخابات لربط الخارج بالداخل فهو ادعاء ساذج لان العراقي يفترض به ان يكون مرتبطاً ببلده وطنيًا ومن دون جسر الانتخابات الموقتquot;.
التعليقات