تصر سوريا على معاملتها كغيرها في إتفاقية الشراكة مع أوروبا وتعتبر بعض تفاصيل الإتفاقية مشروع إذعان.

دمشق: أشارت مصادر دبلوماسية أوروبية إلى وجود أسباب سياسية ـ إلى جانب الأسباب الاقتصادية ـ تقف خلف طلب سوريا تأجيل توقيع اتفاقية الشراكة السورية الأوروبية، وقالت إن سوريا ترى في بعض تفاصيل الاتفاقية مشروع إذعان.

وأضافت المصادر في تصريح لوكالة (آكي) الإيطالية للأنباء أن quot;سوريا طلبت من فرنسا إقناع شركائها الأوروبيين توقيع اتفاقية الشراكة بدون ملاحقها الخاصة بسورية وبحقوق الإنسان فيها، وأكدت أن سورية quot;تصر على معاملتها كغيرها في هذه الاتفاقية، وأنها أجلت توقيعها ـ مع رغبتها الشديدة في ذلك ـ لأنها شعرت بوجود استفزاز واضح بإضافة بعض البنود الخاصة، بما يجعلها شبه اتفاقية إذعانquot; حسب قولها.

ويلاحظ أن وسائل الإعلام عموماً لم تعر كثير أهمية لهذا الموضوع، ولم تسلط الضوء على الشق المتعلق بالشراكة السورية الأوروبية في مباحثات الرئيس السوري بشار الأسد ونظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي نهاية الأسبوع الماضي خلال زيارة الأسد إلى باريس.

وأوضحت المصادر quot;إن ملف الشراكة السورية الأوروبية أخذ حيزاً غير قليل في محادثات الرئيسين، وأشارت إلى أن الأسد كان واضحاً في تبرير طلب بلاده تأجيل التوقيع على الاتفاقية. ومن البديهي أن الطرفين اتفقا على تطوير العلاقات الثنائية متعددة الجوانب بين البلدين، وربما اتفقا على ما هو أبعد من ذلكquot; على حد تعبيرها.

وكان الرئيس الفرنسي جدد خلال استقباله للرئيس الأسد على تأييد فرنسا للتوقيع على اتفاقية الشراكة السورية الأوروبية بأسرع وقت ممكن، ولكن في الوقت نفسه أبدى تفهماً لرغبة سورية بإعادة تقييم نص الاتفاقية كما طلبت. وختمت المصادر بالقول quot;على أي حال، رسمت زيارة الأسد لفرنسا بداية لتعاون استراتيجي سوري فرنسي، وقد تكون له آثار كبيرة في منطقة الشرق الأوسطquot; وفق قولها.

وكان الاتحاد الأوروبي أعلن الشهر الماضي أنه وافق على توقيع اتفاقية الشراكة السورية الأوروبية بعد سنوات من التردد، ووجه دعوة لوزير الخارجية السوري لحضور مراسم التوقيع يوم 26 أكتوبر في لوكسمبورغ مع وزراء 27 دولة أوروبية.

وكان الرد السوري أن طلبت تأجيل التوقيع على اتفاقية الشراكة، وقال وزير الخارجية السوري وليد المعلم quot;يتعين على الحكومة السورية بحث كل تفاصيل هذا الاتفاقquot;، وطلبت سورية بفترة للتدقيق في الاتفاقية وتحليل مضمونها وتقويم تأثيرها على اقتصادها وخاصة على القطاعات الإنتاجية.

وكانت سورية والاتحاد الأوروبي وقعا على اتفاق الشراكة بالأحرف الأولى في خريف 2004 بعد سنوات من التفاوض، ثم تم تجميده عام 2005 إثر اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، ومطالبة الاتحاد الأوروبي سورية بسحب قواتها العسكرية من لبنان، إضافة إلى مطالبات تتعلق بتغييرات في السياسة الاقتصادية وبحقوق الإنسان والإصلاح السياسي في سورية، والذي تبعه تدهور العلاقات بين سورية ومعظم الدول الأوروبية.

ومازالت سورية الدولة الوحيدة من دول إعلان برشلونة التي لم يوقع الاتحاد الأوروبي على اتفاق الشراكة معها، والذي يهدف إلى إنشاء سوق حرة بين جميع الدول المتوسطية والأوروبية (والأردن وإسرائيل) السنة المقبلة. وتشير بعض الأوساط الأوروبية إلى وجود نص إعلان سياسي سيُلحق بوثيقة الشراكة، تتعلق بالإصلاح السياسي والحريات، الأمر الذي ترفضه تعترض عليه سورية خاصة وأنه غير موجود في اتفاقيات شراكة مشابهة مع دول عربية أخرى.